بالكادي والرياحين، وعلى نسائم الضباب المتصاعد من بطون الأودية المعانق لقمم جبال السروات الشاهقة، تفتح الباحة ذراعيها لتحتضن وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز في زيارة تمتد لثلاثة أيام. تأتي هذه الزيارة المدرجة ضمن أجندة سموه في الوقوف على إمارات المناطق وتلمس سير العمل بها ومطالب الناس فيها وتوزيع جوائز الإبداع والتفوق. فالباحة المكان والإنسان تتأهب للقاء «الوزير»، ومنطقة الباحة هي إحدى المناطق الإدارية الثلاث عشرة التي تتكون منها المملكة حيث تأسست كمنطقة إدارية في شهر ذي الحجة عام 1383 ه سميت فيما مضى بحديقة الحجاز لما لها من موقع استراتيجي هام. ولأن الباحة محط اهتمام القيادة الرشيدة، وقع اختيار الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الابن الثاني والثلاثين من أبناء الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود وهو الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود ليصبح أمير منطقة الباحة الذي يمتلك خبرة إدارية بعد أن شغل وظيفة وكيل للحرس الوطني للقطاع الشرقي عام 1403 ه حيث تمت ترقيته إلى مرتبة وزير وتعيينه أميراً لمنطقة الباحة في 20 رمضان عام 1431هجري. فجاء الأمير وهو يحمل في فكره رؤية شاملة للتطوير يوازن بها بين المدينة والقرية، بين سراة وتهامة وبين كل مواطن ينتمي للمنطقة أيا كان موقعه. ولأن الباحة مدينة حالمة تميزت بسمات فريدة من مواقع سياحية ومناظر خلابة وبيئة بكر قابلة للتطوير والنماء، فيما يتقاسم العيش بها قبيلتا غامد وزهران. ولأن وزير الداخلية ينطلق في رعايتها لشؤون إمارات المناطق من نظرة التوازن والمساواة وقع اختياره على مدينة الباحة في زياراته الأولى لمناطق المملكة، فعلى الرغم من أن الباحة تعد أصغر المناطق مساحة جغرافية بمساحة تصل إلى 10362كم2 إلا أنها من أهم المناطق النامية على خارطة التطوير الشامل حيث يتوزع سكانها على قرابة 1200 قرية فيما تمتاز المنطقة بتضاريسها ومنتزهاتها وغاباتها التي تتنوع فيها النباتات الطبيعية كما تزخر المنطقة بالعديد من الإطلالات على قمم المنحدرات وتنتشر بها المباني والأماكن ذات الطابع الأثري ويقطن تلك المنطقة قرابة 411.888 نسمة 348.636 منهم سعوديون و 63.252 غير سعوديين. ويسكن منطقة الباحة 20% سعوديون غير السكان الأصليين. وذلك على حسب آخر تعداد للسكان في عام 1431 ه / 2010 م. وبالنسبة للسكان الأصليين فنصفهم يقطنون المنطقة والنصف الآخر خارجها تقريباً. وتأتي زيارة وزير الداخلية للباحة للوقوف على مطالب أهالي المنطقة وتلمس احتياجاتهم كما هو ديدن القيادة فبعد توحيد المملكة شهدت المنطقة قفزة حضارية نوعية، خصوصاً في أواسط السبعينات حين ارتفعت أسعار النفط. تمثلت هذه القفزة بإنشاء المدارس والمستشفيات وقيام قطاع حكومي متطور. ومن أهم عمليات التطوير في المنطقة وأكثرها التصاقاً بذاكرة سكانها، كانت شق الطرق المعبدة لكافة قرى المنطقة، حيث استفاد السكان من هذه الخطوة بشكلين، الأول بربط القرى بخطوط معبدة ببعضها وبالمناطق المحيطة بها، والثاني ولعله الأهم بالنسبة لبعض السكان ،أن البعض قد أثرى من سياسية نزع الملكيات لشق الطرق والحصول تبعاً لذلك على تعوضيات سخية من قبل الدولة، فانتقل عدد منهم، نتيجة لذلك، إلى خارج المنطقة لغرض استثمار الأموال التي حصل عليها. وقد حقق بعض أبناء المنطقة نجاحاً ملحوظاً في التجارة. خلال تلك الفترة كان إنشاء شركة كهرباء الباحة، قبل أن تدمج مع كهرباء الجنوبية لاحقاً. فعملت على توظيف أبناء المنطقة في طاقمها التشغيلي والإداري، بالإضافة إلى الغاية الأساسية من توفير الطاقة الكهربائية الرخيصة لكافة قرى المنطقة والتي غطتها شبكة الكهرباء فيما قادت تلك الظروف في طرف آخر بعض أبناء المنطقة للهجرة صوب المدن التي بها التعليم والتوظيف بحثا عن لقمة العيش. تتوفر في منطقة الباحة كافة الخدمات الطبية الأساسية ولعل أول مستشفى أنشئ في المنطقة هو مستشفى بلجرشي العام بمحافظة بلجرشي جنوبالباحة ب30 كم، تلاها إنشاء عدد من المستشفيات كمستشفى الملك فهد بمدينة الباحة ومستشفى المندق بمحافظة المندق ومستشفى المخواة بمحافظة المخواة ومستشفى العقيق بمحافظة العقيق ومستشفى قلوة بمحافظة قلوة ومستشفى النساء والولادة والأطفال بمحافظة بلجرشي ومستشفى النقاهه والعلاج الطبيعي بمدينة الباحة ومستشفى الصحة النفسية بمحافظة بلجرشي. كما تم الإعلان عن إنشاء مدينة طبية بمنطقة الباحة لخدمة المنطقة والمناطق المحيطة بها، كما يتوفر في المنطقة عدد لا بأس به من المراكز الصحية المنتشرة في المنطقة ومراكز الهلال الأحمر السعودي وما زالت المنطقة بحاجة إلى عدد من مراكز الهلال الأحمر السعودي وخاصة على الطرق الرابطة.