هناك فرق بين الالتزام بروح القانون والالتزام ب(ريحة) القانون! لذلك لم يعترني القلق كمدخن قديم من إقرار قانون لحظر التدخين في الأماكن العامة بقدر ما اعتراني القلق كمواطن على استمرار سن أنظمة وإصدار قوانين وتحديد غرامات ثم يتحول كل شيء إلى (حبر وورق) كما يقول عبادي الجوهر! لا أعرف لم أخذت الموضوع على محمل الجد هذه المرة، ربما بسبب كثرة التصريحات الصحفية للجهات التي أعلنت أنها ستضرب بيد من غرامات كل من تسول له نفسه التدخين في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة، ولكنني عدت إلى رشدي حين تذكرت أنه في ظل وجود مواطنين لطفاء يقطعون الإشارة الحمراء في وضح النهار فإن مجرد التفكير بإمكانية منعهم من إشعال سيجارة يعد مضيعة عابثة للوقت! وللمرة المليون لم يخيب عبادي الجوهر ظني بعد أن اتضح لي بأن المسألة (حبر وورق)، فقبل أن أدخل مع الصديق والزميل سامي الفليح أحد المقاهي في الرياض لاستئناف ثرثرات مؤجلة وجدت لافتة تحذيرية مؤطرة باللون الأحمر المخيف ملصقة على زجاج المقهى من الخارج تؤكد من خلالها الجهات المسؤولة عن منع التدخين أنها ستطبق القانون بمنتهى الصرامة، توقفت عند الباب واقترحت عليه أن نغير المكان لأنني أريد أن أدخن، فسألني: (دخن.. وين المشكلة؟)، فأشرت إلى اللافتة فسألني: (أنت مصدق هالكلام؟) فأجبت: (لا طبعا).. فدخلنا إلى المقهى. في المقهى حرصت بمجرد دخولي على سؤال الجرسون الآسيوي: (هل التدخين ممنوع في هذا المقهى أم لا؟) استغرب سؤالي في البداية ثم أجاب: (لا طبعا.. انظر حولك)! نظرت فوجدت في كل الزوايا شبابا في مقتبل العمر يدخنون بشراهة ولديهم الطاقة الكافية للضحك حتى الصباح على أي شخص يحاول أن يقنعهم بأن التدخين ممنوع في هذا المكان، وأن ثمة لوحة كبيرة في الخارج تحذرهم من مخالفة القانون! كان كل واحد من هؤلاء الشباب الصغار منعزلا عن رفاقه في عالمه الافتراضي، لم يعد لهم من متع هذه الدنيا الفانية سوى التدخين والبلاك بيري، ويدركون في عقلهم الباطن أن هذا لن يكون القانون الأول الذي سيخالفونه ولن يكون القانون الأخير، فهم معتادون على التعايش مع المخالفات منذ أن كانوا صغارا في المدرسة.. كانوا يسمعون الكثير من الكلام عن الطابور ولكنهم لايرون أحدا يقف فيه! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة