عمر الخيام له نصيحة مشهورة ترددها سيدة الغناء العربي أم كلثوم تتلخص في بيتين من رباعياته الشهيرة: لا تشغل البال بماضي الزمان ولابآتي العيش قبل الأوان واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الأمان عمر الخيام في نصيحته تلك يفترض أن حاضر الإنسان الذي يحياه سعيد وبهي، لذلك يوصيه بالعب من هناءة الأيام التي هو فيها وينهاه عن أن يعكر صفو سعادته بتذكر ماض شقي أو بتوجس من مستقبل غامض. فالشقاء لا يوجد سوى في هذين الزمنين الماضي والمستقبل، أما الحاضر فهو زمن الهناءة والسعد!! لقد أسقط الخيام من حسابه أن الحاضر ليس دائما سعيدا بهيا وأن هناك بين الناس من يعيش البؤس والشقاء في حاضر يخلو من لذات تستطاب وليس فيه ما يخشى فقدانه وذهاب الليالي به!!. تأمل واقع الحياة يؤكد أن الناس لا يعيشون كلهم في حاضر جميل وأن الزمن الماضي لا يحمل تعاسة لكل أحد كما أن المستقبل عند كثير من الناس يسكنه الأمل والتوقعات الجميلة وليس المخاوف والتوجس، فهل كان الخيام في غفلة عن رؤية تلك الحقائق حين أطلق نصيحته الخالدة تلك؟ ما يحدث غالبا هو أن الذين يلتفتون إلى الماضي أو تشرئب أعناقهم للتطلع نحو المستقبل، هم من الذين لا يجدون السعادة في حاضرهم فيفرون من تعاسة حاضر جاف بائس إلى عذوبة ماض خصب بالذكريات السعيدة، أو إلى حلم مبهم في مستقبل مجهول عسى أن يهبط عليهم مشرقا بما يسر، هم يتخففون من ثقل الحاضر باللجوء إلى ركن بهي في ماضيهم أو إلى حلم ناعم مكتنز بالرجاء في مقبل أيامهم. لو أن الناس وجدوا في الحاضر ما يرضيهم لما لجؤوا إلى الذاكرة ولما خطر ببالهم نبش أيام مضت ولا أرهقوا خيالاتهم في رسم الأحلام والأماني على سطح مجهول من الغيب. إذن فالوصية بعدم النظر إلى الماضي أو الانشغال بالتفكير في المستقبل، هي وصية لاتصلح سوى لمن هم سعداء في حاضرهم راضين عن حياتهم، أما من كان حاله غير ذلك فإن الالتفات إلى الخلف أو التطلع إلى الأمام يمثل بالنسبة له راحة وسلوا يضخان الطاقة في روحه لمقاومة شقاء يعيشه. بعض الناس يرددون هذه النصيحة بإعجاب يرون فيها قانونا عاما للحياة صالحا لأن يتبعه الجميع، (لاتفكر في الماضي ولا تحمل هم المستقبل واستمتع بحياتك التي تحياها). أي متعة يجدها من كان حاضره نكدا؟. هل كان الخيام غافلا عن وجود حاضر شقي يكتنف الناس أحيانا أو يجهل أن الزمن الماضي ليس دائما تعيسا وأن تذكره ليس بالضرورة يعكر المزاج؟ وهل غاب عن الخيام أن صورة المستقبل ليست بالضرورة دائما مقلقة، بل إنها في بعض الأحيان تأخذ شكل لوحة منقوشة بألوان من قوس قزح بهيج؟. فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة