لمواجهة التضليل يجب الحذر من الفتنة المؤدية إلى الضلال.. قال سبحانه: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله إليك ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون). والقرآن الكريم أمر باتقاء الذنب الذي يعم الجميع كإقرار المنكر والمداهنة في الأمر بالمعروف وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل في الجهاد. قال عز وجل: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، فقوله (لا تصيبن) «إما جواب الأمر على معنى إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة بل تعمكم»... إلخ. هذه بعض الأمثلة للفتنة وكيفية التصدي لها بأنواعها.. ولقد عشنا في الأيام الماضية انعقاد القمة الاستثنائية لمؤتمر التضامن الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله في مكةالمكرمة في الفترة من 26-27 رمضان 1433ه الموافق 14-15 أغسطس (آب) 2012م، وليس ذلك بغريب على قيادة المملكة العربية السعودية.. فقد بدأ انعقاد قمم هذا المؤتمر منذ حوالي أكثر من ثلاثين عاما في عدة عواصم عربية وإسلامية، بهدف رأب الصدع والوقوف صفا واحدا أمام التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في ظل المتغيرات الجديدة والفتن المتلاحقة ضمن قاعدة إسلامية تقوم على التسديد والمقاربة وتنبذ المفارقة والتشتت والخلافات التي تفت من عضد الأمة التي قال عنها الله في كتابه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وكذلك قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). إن انعقاد القمة الاستثنائية في مكةالمكرمة مؤخرا ذو دلالة إعلامية وسياسية ودينية ذات شأن عظيم وذات مدلول لا يمكن تجاهله، فسوريا تشهد أرضها حربا أهلية ضروسا لا يعلم مداها إلا الله وفلسطين وبورما وغيرهما يشهد فيها المسلمون العذاب والتسلط من قبل جبابرة الأرض قاتلهم الله القائل في كتابه: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون). فالأمر بالنسبة لبلاد الشام سنة كونية جاء وصفها بقوله تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا». وثمة ظاهرة أو فتنة إعلامية إن جاز التعبير هي ظاهرة «الإبطال» التي أشار إليها القرآن الكريم في عدة آيات، لعل أشهرها قوله تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون). فالإبطال هو ما يغلب على المشهد الإعلامي المعاصر في التغطيات والتحليلات والأخبار.. لكن الحق تبارك وتعالى حسم القضية بقوله في الآية التالية بقوله سبحانه: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا القوم الظالمون)5. وقد كشف القرآن هؤلاء الظالمين فقال عنهم تعالى «والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم» ومعنى سعيهم معاجزين أي: ليبطلوا آيات القرآن .( تفسير الجلالين / ص 430) . ولاشك أنهم خاسرون يوم القيامة بدليل قوله سبحانه: «فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون»، وأمر الله هو نزول العذاب على الكفار، وخسران المبطلين هو ظهور القضاء والخسران للناس وهم خاسرون في كل وقت. (الجلالين / ص 476) . وقصارى القول إن قمة مكةالمكرمة تعني فيما تعنيه الاهتمام بكل قضايا الأمتين العربية والإسلامية بما يحقق لهما التقدم الحضاري مع الحفاظ على الثوابت وتطبيق مبدأ الوسطية والاعتدال.. والله ولي التوفيق.