يسأل الأخ وسام عبد الرحمن عبد الجبار الذي يدرس الماجستير في لندن ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث: هل صحيح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) تعلم القراءة والكتابة قبل انتقاله للرفيق الأعلى؟ وهل صح أنه كتب تعويذات للمرضى؟ ولأهمية الموضوع فإني أفرد موضوع اليوم للإجابة على السؤال بما جاء عن أهل العلم من أنه لا ريب أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أميا من بداية حياته وظل أميا إلى نهاية حياته فعاش ومات أميا، والأمية معجزة بالنسبة إليه وصفة نقص للإنسان. وقد دلت على أميته النصوص المتوافرة وحقائق السيرة والتاريخ، فأما النصوص فقد قال تعالى في أهل الكتاب في سورة الأعراف: «الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر». وقال عز من قائل في سورة الأعراف أيضا: «فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون». وفي سورة الجمعة يقول سبحانه وتعالى: «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة». والأمي في هذه الآيات له معنيان: الأول: من لا يقرأ ولا يكتب. والثاني: من ليس له كتاب ديني مثل التوراة والإنجيل. وهذا المعنى الثاني محتمل في هذه الآيات، ولكن يرجح المعنى الأول بآية كريمة، وحديث شريف. فأما الآية في قوله تعالى في سورة العنكبوت: «وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك، إذا لارتاب المبطلون»، فقوله: «وما كنت تتلو» نفي للقراءة، وقوله «ولا تخطه بيمينك» نفي للكتابة. وقوله «إذا لارتاب المبطلون» بيان للعلة التي جعله الله من أجلها أميا لا يقرأ ولا يكتب، حتى لا يرتاب ويتشكك المبطلون، يقولون: إنما قرأ كتب الأقدمين وجاء منها بهذه الأشياء، فأميته المحققة نفت هذه الريبة لا نزاع. وهذه الأمية مأثرة ومعجزة للنبي (صلى الله عليه وسلم)، إذ كيف يصدر عن هذا الأمي كل هذه العلوم النافعة، وهذه الحكم البالغة، وهذا الكلم الجامع، وهذه التشريعات العادلة، وهذه الآداب الباهرة، وهذه التوجيهات الرشيدة. وقد قال البوصيري (رحمه الله) في بردته: كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم. وأما ما قيل من أنه (صلى الله عليه وسلم) كتب تعاويذ بيده، فهذا لم يثبت عنه (صلى الله عليه وسلم)، وإنما كان يستعيذ بالله تعالى، وصحت عنه استعاذات كثيرة وفيرة، وكان يعوذ بعض الناس – وخصوصا الأطفال – بالله (تبارك وتعالى)، كما كان يقول للحسن والحسين: «أعيذك بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة». وخلاصة ما سلف: أنه ذكر الغرض من بعثة هذا الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأجملها في أمور ثلاثة: (1) أنه يتلو عليهم آيات القرآن التي فيها هدايتهم وإرشادهم لخير الدارين، مع كونه (صلى الله عليه وسلم) أميا لا يكتب ولا يقرأ، لئلا يكون هناك مطعن في نبوته، بأن يقولوا إنه نقله من كتب الأولين كما أشار إلى ذلك بقوله : «وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون». (2) أنه يطهرهم من أدناس الشرك وأخلاق الجاهلية، ويجعلهم منيبين إلى الله مخبتين له في أعمالهم وأقوالهم، لا يخضعون لسلطة مخلوق غيره، من ملك أو بشر أو حجر. (3) أنه يعلمهم الشرائع والأحكام وحكمتها وأسرارها، فلا يتلقون عنه شيئا إلا وهم يعلمون الغاية منه، والغرض الذي يفعله لأجله، فيقبلون إليه بشوق واطمئنان.. والله أعلم. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة