بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أمابعد فهذه وسائل الإعلام بجميع أنواعها تبث الأحداث الرهيبة التي حدثت في اليابان هذه الأيام؛ من زلازل قوية تسببت في هدم الآلاف من المنازل ، وإغراق بعض الجزر ، واختفاء قطارين بركابهما ، وأعاصير تسونامي - التي يصل فيها ارتفاع الموج إلى عشرة أمتار - كانت سبباً في إغراق بعض المدن والقرى بما فيها من السكان ، واندلاع الحرائق التي أصابت بعض المفاعل النووية ، وربما تسبب حدوث انفجار نووي هائل إذا لم يُتدارك الموقف عاجلاً ، وغير ذلك من الأحداث التي لاتخفى على الجميع. ولقد وقفتُ متعظاً من هذه الأحداث أثناء متابعتي لوسائل الإعلام ، وخاصةً بعدما سمعت فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد – حفظه الله تعالى – في ( برنامج تبيان ) الذي تبثه قناة المجد الفضائية وهو يتحدث عن هذه الأحداث بمواعظ للقلوب من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة – رحمهم الله تعالى – وامتلأ حديثه – وفقه الله تعالى - بالحكمة والموعظة الحسنة ، فالأمة الإسلامية الآن بحاجة إلى مثل هذه الجهود المباركة لاستغلال الطاقات والأوقات في الدعوة والوعظ والإرشاد والإصلاح والإستفادة من الفرص والمواقف في كل مكان وزمان. وبعد متابعتي لهذا البرنامج المبارك دخلتُ مكتبتي الخاصة وبدأتُ أقرأُ في كتاب بعنوان : (الدروس المستفادة من العقوبات الإلهية في القرآن الكريم قبل الرسالة المحمدية) للشيخ عبدالهادي بن سعد الشمراني – وفقه الله تعالى – فوقفتُ على فائدة عظيمة هي : أن لله تعالى سنناً قد بينها في كتابه العظيم ، ومن هذه السنن أن ما يصيب العباد من عقوبات إنما هي بسب ظلمهم وذنوبهم وما كسبته أيديهم ، والله لا يظلم عباده ؛ بل العفو أحب إليه من العقوبة ، قال الله تعالى : ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)) وقال سبحانه وتعالى : ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا)) وقال سبحانه تعالى : ((وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) وقال سبحانه وتعالى : ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)). ومن هنا نتيقن أن للعقوباتِ أسباباً كثيرةً , ورد ذكرها في الكتاب والسنة ، وجامعها المعاصي والذنوب , والتكذيب والإعراض , ومنها إقصاء الشريعة عن الحكم والتشريع , أو تطبيقها على نطاق ضيق - بحسب الآراء والأهواء - , وقد توعد الله – سبحانه وتعالى - مَن فعل ذلك بالخزي والنكال في الحياةِ الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى : (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)). وختاماً ... فإن الواجب على المسلمين في مثل هذه الأحداث من تتابع العقوبات من ناحية ، وانتشار الفتن من ناحية آخرى أن يصدقوا في التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - وأن يقيموا التوحيد ؛ لأن هذه العقوبات المهلكة , والكوارث المفجعة , ليست ضرباً من الخيال ، وليس فيها شيء من التهويل والمبالغة ، فالله يقول – جل في علاه - : (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )). وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أبو خلاد ناصر بن سعيد السيف 11 ربيع الآخر 1432 ه