يتمسك أبناء الجالية البرماوية في العاصمة المقدسة خلال شهر رمضان بالعديد من العادات والتقاليد التراثية التي نقلوها من وطنهم الأم (أراكان) على الرغم من ابتعادهم عنها سنوات طوال، إذ لا يزالون يتناولون الأطعمة التي ورثوها عن آبائهم في الفطور والسحور، فضلا عن حرصهم على حفظ القرآن الكريم وإجادة الخط العربي، ما ممكنهم من تقدم المصلين في العديد من المساجد، خصوصا في المناطق النائية. وأوضح عمار عزيز أن المائدة البرماوية في رمضان تتكون من ماء زمزم وتمر وبليلة التي تعد من الوجبات الرئيسية إلى جانب طبق الشعيرية التي تسمى عند البرماويين ب(سي مي)، إضافة إلى الحساء الساخن كالشوربة والمقادم، مملحا إلى أن البرماويين يفضلون تناول الإفطار في وقت واحد بعد الآذان مباشرة، بخلاف بعض البيوت التي تفضل أن تفطر على تمر وزمزم، وبعد أداء صلاة المغرب يتم تناول الطعام الأساسي. وبين عمار أن الأسر البرماوية تحرص على تبادل الوجبات فيما بينها، مشيرا إلى أنه يجري إرسال أطباق إفطار إلى المساجد المجاورة لتفطير الصائمين، كما يتولى بعض الميسورين من أبناء الجالية دعوة الجيران لتناول الإفطار لديهم، وتنشط الليالي الرمضانية في الأحياء التي يسكنها الجاليات البرماوية في مكةالمكرمة، حيث يقوم الشباب ببعض الألعاب الرمضانية القديمة مثل الدودو، البلتي، النكة، مرتوش، وغيرها من الألعاب التي جاءت بعضها من بلادهم (أراكان). وألمح عمار إلى أن كبار السن يحرصون على إحياء جزء من ليالي رمضان بالتزاور فيما بينهم وتناول أطرف الحديث وتذكر الأحداث في وطنهم الأم، لافتا إلى أن مائدة السحور تتكون في الغالب لدى الجالية البرماوية من الرز إلى جانب وجبة مفضلة وهي (كلا دوت بات) الرز بالحليب والموز، حيث يخلطون الرز الأبيض المطبوخ بالموز ويسكبون عليها الحليب الساخن ويضعون قليلا من السكر ثم تحرك جميعا لتصبح أكلة تراثية يداوم على تناولها كبار السن حتى الآن. وذكر عمار أن أبناء الجاليات البرماوية يتفوقون في الخط العربي وحفظ القرآن الكريم، ما أتاح لكثير من البرماويين مواصلة التعليم في مدارس تحفيظ القرآن الخيرية ومعهد الحرم المكي ودار الحديث الخيرية والمدرسة الصولتية وحلقات تحفيظ القرآن الكريم في الحرم المكي. وبين أن ذلك وفر عددا كبيرا من الحفاظ الذين مكنهم الإتقان الجيد للحفظ من العمل في إمامة المصلين في مساجد مكة، بل إن أعدادا كبيرة منهم أصبحت تعمل خارج حدود أم القرى في القرى والمراكز التابعة للطائف وتربة ورنية، معتبرا مهارة الخط والرسم من المهارات التي تعتبر القاسم المشترك بين كثير من الطلبة البرماويين، ويرجع أحد المعلمين أسباب التفوق في هذه المهارة إلى أن أكثر علماء الجالية البرماوية تعلموا فنون الخط في الهند، حيث أتقنوا هناك الخطوط الفارسية وهي القريبة من الخط العربي وعرفوا طرق رسم الحروف العربية مما مكنهم من نشر هذه المهارة بين أوساط الطلاب.