تحرص الجاليات الإسلامية المقيمة في المملكة في شهر رمضان، على إحياء المظاهر الرمضانية والتمسك بعاداتها ومأكولاتها الشعبية التي تميزها عن غيرها من الجاليات، ففي مدينة جدة حيث تشكل الجاليات المقيمة ألوان الطيف أو قوس قزح بشريا يثري التنوع السكاني لعروس البحر الأحمر، «عكاظ» جالت في أحياء غليل، الرويس، السبيل، سوق اليمنة، البخارية، الكندرة، الصحيفة، الكرنتينة الرحاب والعزيزية، حيث تشكل جاليات بعينها وجودا بارزا وثقلا واضحا بين الجنسيات الأخرى. وكانت البداية من حي العزيزية ومع أشواق محمد (هندي)، حيث بين أن المائدة الهندية عامرة بالكثير من المأكولات المتنوعة والتي يحرص الصائم على تناولها في شهر رمضان الكريم، مثل الجلبي، السمبوسة بالمكسرات، الطعمية ، «سبنغرول»، كريم بلة، دهي بلة، فواكه مشكلة مخلوطة بالفلفل الحار، وأضاف: لا يهتم المرء بهذه الأكلات المتنوعة إلا في رمضان ولا نحضرها في غير وقتها، وزاد: «كما للعرب عادات يحرصون عليها مثل السمبوسة والفول وشراب الفوتو وأحيانا الشفوت، فنحن كغيرنا من المسلمين لنا عاداتنا التي نتميز بها» منوها بأن الإقبال على المأكولات لا يقتصر على فئة بعينها، وهناك زبائن من جنسيات مختلفة يأتون لشراء الأكلات الهندية منهم السعوديون والسودانيون والباكستانيون وإن كانت الأغلبية من الجالية الهندية، وقال: «مباسطنا تشهد إقبالا كبيرا والسبب أسعارنا المناسبة، طعم منتوجاتنا المميز». خالد سمير (أحد الزبائن من جنسية عربية) نوه بالمأكولات الهندية وقال: أحرص بين الحين والآخر على تناول الوجبات الهندية، وأكثر ما يجذبني الفلفل الحار، فيما بين المواطن عبدالله محمد، أنه ينوع في وجباتها خلال شهر رمضان انطلاقا من حب الاستطلاع وتجربة والتعرف على وجبات الشعوب الأخرى، إضافة ما لمسه من مذاق مميز في الأكلات الهندية والباكستانية عموما. وفي حي الرحاب حيث يظهر الثقل الباكستاني جليا، تعرض المحال التجارية المأكولات الرمضانية، قصد سيد افتخار السوق لتأمين احتياجاته الرمضانية، وقال: أقصد هذه السوق بعد صلاة العصر لتأمين العصائر والسمبوسك، وأضاف: المائدة الرمضانية هي نفسها في كل مكان ولكن في المائدة الباكستانية تتميز عن غيرها من الموائد الإسلامية بكثرة البهارات والفلفل الحار، من جهته ذكر مشتاق أحمد (بائع)، أنه يستعد لاستقبال زبائنه من قبل صلاة العصر وتستمر حتى بعد الإفطار، وقال: زبائننا من الجاليات الباكستانية والهندية ولآسيوية الأخرى. وفي الجزء الجنوبي من جدة حيث يقع حي غليل، تشكل الجالية البنغلاديشية ثقلا وكثافة بشرية بين الجاليات الأخرى في الحي، وتتشكل وتأخذ التجمعات البنغلاديشية بعدها الحقيقي، في الجزء الشرقي من شارع المحجر الذي يفصل حي الكرنتينة المعروف بجالياته الأفريقية عن حي غليل ذات الكثافة البنغلاديشية، ويعد خط التماس بين الجنسيات الأفريقية والآسيوية في الحيين المتقاربين، حيث تنتشر العشرات من المباسط الرمضانية التي تحوي المأكولات الرمضانية التقليدية ويقبل عليها العشرات بعد صلاة العصر من كل يوم، وذكر أحمد مياه (بائع بسطة في السوق) أنه متخصص في الحلويات الرمضانية وقال: أصنع نوعا خاصا من الحلويات التي تتميز بها المائدة البنغلاديشية ويقبل عليها الناس بكثرة في رمضان. أما في حي الكرنتينة حيث الغلبة للجاليات الأفريقية وألوانها الزاهية المزركشة، ومأكولاتها الخاصة، يفاجئ الزائر بأعداد النساء الكبيرة اللاتي يتخذن من الشوارع والطرقات متاجر مفتوحة لعرض ما لديهن من مأكولات شعبية وتجد معروضاتهن الإقبال المتزايد، خصوصا مع اقتراب موعد الإفطار، وقال محمد حاجو (نيجيري)إن الأكلات الرمضانية التي تحرص الجاليات الأفريقية توفرها على المائدة الرمضانية العصيدة و«القدو قدو» وهي وجبات رئيسة تحرص الأسر على تناولها في شهر رمضان. وفي حي الرويس، حيث تكثر الجالية الصومالية، يشكل الصائمون تجمعات بشرية حول المساجد والمحال التجارية من بعد صلاة العصر وحتى قبل صلاة المغرب بقليل، وقال عثمان أحمد صومالي: إن المائدة الرمضانية لا تختلف كثيرا عن الموائد الأخرى في كثير من البلدان الإسلامية إلا فيما ندر، فنحن نتناول في الفطر السمبوسك والشربة ولكننا نكثر من اللحوم والحليب وفاكهة الموز، وأخيرا في حي بني مالك حيث الوجود السوداني الكثيف، والذي يتوجه بأعداد المطاعم الشعبية الكبير الذي يعكس مدى تواجد الجالية في هذه الحي الشعبي وسط جدة، ومن المظاهر الرمضانية السودانية المطاعم التي تفتح أبوابها قبل صلاة العصر وتظل تعمل حتى موعد السحور، ويقصدها السودانيون من مختلف أنحاء مدينة جدة للتزود بالأكلات الشعبية التي تزين المائدة الرمضانية السودانية المعروفة والمشاوي وعصائر الحلو مر. وخلاصة الجولة كانت من أحياء حي السبيل والكندرة وسوق اليمنة وسط جدة القديمة، حيث لا تختلف العادات الرمضانية كثيرة ولا حتى الأكلات الشعبية فيها، فأغلب سكانها من الجالية اليمنية وخليط من الجاليات الأخرى، حيث تزدهر الأسواق الشعبية في شهر رمضان من كل عام، وخاصة في محال الفول والتميس، والسمبوسك والمشروبات بمختلف أنواعها كالسوبيا واللوبيا والزلابيا، وهنا ذكر أحمد با سهل أنه يعمل في سوق الكندرة منذ أكثر من 30 عاما في بيع السمبوسك، ولديها زبائن يأتون من أماكن بعيدة للشراء من عنده ولا يرضون بغيره لأنهم تعودوا على ما تصنعه يديه من بدائع السمبوسك كما قال، مضيفا أن نوعيات الزبائن اختلفت كثيرا عن السابق، فقديما كان الناس يتميزون بالصبر والتأني، أما اليوم فالكل مسرع والكل مشغول.