ليس المهم من فاز بأكثرية مقاعد السلطة التشريعية في مصر وسيطر على البرلمان، وليس المهم من الذي سجل أعلى الأصوات ليصبح رئيسا لجمهورية مصر في عهدها الجديد، ما هو أهم من هذا وذاك هو أن الفرصة أتيحت للشعب المصري الشقيق لأول مرة، بعد أكثر من نصف قرن ليمارس حرية اختيار من يحكمه والكيفية التي يحكم بها. فمنذ انقلاب يوليو 1952م العسكري والجنرالات يتناوبون على حكم مصر، وكل عسكري منهم يورث الحكم لمن يخلفه، فعبد الناصر هو من عين السادات خلفا له والسادات هو من حدد للمصريين مبارك حاكما بعده. والمشكلة التي تثير الدهشة، أن هذا جرى في نظام حكم جمهوري، يفترض أن تكون السلطات فيه منفصلة ويتم فيه انتخاب الرئيس من قبل الشعب في انتخابات يتنافس على الترشح فيها أكثر من حزب وشخص مستقل. والواقع أننا في عالمنا العربي نعاني من مشكلة سياسية مزمنة تتمثل في خلطنا بين المفاهيم والأنظمة المؤسسة للدول، وإلا هل سمع أحد ما في العالم بتوريث السلطة في أنظمة جمهورية ؟، ورغم هذا تجد أن رؤساء الجمهوريات العربية يأخذون بمبدأ التوريث، ألم يفعله حافظ الأسد في سوريا، وعمل على فعلها صدام حسين في العراق وعلي عبد الله صالح في اليمن والقذافي في ليبيا وحسني مبارك في مصر؟.. ولا تدري هل كان هذا يتم بسبب الجهل بطبيعة أنظمة الحكم وشرعيتها أم أنه نوع من التدجيل والتحايل. إلا أن النتيجة في كل هذه الحالات والحالات المشابهة كانت مصادرة وتزويرا لإرادة هذه الشعوب، ولو تحرينا الدقة لقلنا بأن ما كان يحدث في هذه الدول إنما هو محض اختطاف لإرادة هذه الشعوب ومصادرة لحقوقها الدستورية، تحت غطاء من انتخابات صورية وشكلية يتم فيها تزوير توقيعها على صك بملكية الوطن ومفاتيح السلطة والثروة فيه، بانتخابات كانت نتائجها تعد مسبقا في مطابخ أجهزة الدولة الأمنية لتعلن لاحقا فوز الرئيس الذي لا منافس له بنسب لا تتواضع دون التسعين بالمائة. لذا فإننا اليوم وبعد أن انجلى غبار المعركة الانتخابية في مصر لا يعنينا كثيرا أن نهنئ هذا الفصيل أو ذاك، لأنهم في أعيننا جميعا يمثلون وجوه مصر وشعب مصر بمختلف أحزابها وشرائحها الاجتماعية وتياراتها الفكرية، بقدر ما يعنينا أن نهنئ الشعب المصري الشقيق الذي أعاد نقل ملكية مصر لصالحه.. حفظ الله مصر لتؤدي دورها المهم لخدمة القضايا العربية والإسلامية.. فما أحوجنا إلى عودة هذا الدور. www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة