رأى وزير الخارجية الإيطالي جيليو تيرتسي أن أيام الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة باتت معدودة؛ بعد أن أصبح يعاني من عزلة سياسية. ولفت ترتسي في حوار مع «عكاظ» إلى أن البيان الختامي لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في باريس مؤخرا تضمن مطلبا بتنحي الأسد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وشدد على أنهم لا يرغبون في تكرار السيناريو الليبي في سورية. وفيما يتعلق بليببا قال إنه يعتقد أنها في طريقها إلى عهد ديمقراطي جديد، وقد تصبح نموذجا لدول الربيع العربي. وعن القضية الفلسطينية طالب باستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائليين بشكل عاجل مؤكدا أنه لا بديل عن خيار الدولتين. وفيما يلي نص الحوار: • كيف تقيمون الوضع في سورية بعد اجتماع مجموعة أصدقاء الشعب السوري في باريس مؤخرا؟ الاجتماع كان مهما جدا لأنه أكد تضامن المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة السورية. وفي رأيي أن أيام بشار الأسد في السلطة باتت معدودة بعد أصبح يعاني من عزلة سياسية. ومن جانبنا أكدنا في الاجتماع أننا لا نرغب في تكرار سيناريو ليبيا. فالوضع في سورية مختلف. وقد عملنا على حشد التأييد الدولي لخطة المبعوث الأممي العربي كوفي عنان، والعمل على تنفيذ بنود مبادرته المكونة من ست نقاط. فضلا عن جهود من قبل الاتحاد الأوروبي لحث روسيا على التعاون في وضع حد للأزمة في سورية. ولدينا سيناريوهات لتحقيق خطوات تخدم الشعب السوري، وتقلل من محنته الإنسانية مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية. وأرى أن البيان الصادر عن اجتماع باريس كان واضحا إذ تضمن مطلبا مهما وهو ضرورة تنحي الأسد عن منصبه، وتشكيل حكومة وطنية. كما طالب بطرح الفقرة السابعة من ميثاق الأممالمتحدة لتفعيل بنود مبادرة عنان لكن دون استخدام القوة حيث إن قناعتنا تنطوي على حل سلمي ودبلوماسي. وتقع المسؤولية على عاتق المعارضة السورية في توحيد صفوفها. واعتقد أن مجزرة التريمسة دليل واضح على عدم جدية نظام دمشق على الحل السلمي وتجسد عنجهيته. • ألقت الأزمة السورية بظلالها على الوضع في لبنان، ففي رأيكم إلى أين ستصل الأمور بهذه الدولة العربية؟ لا شك في أن ما يحدث في سورية له تأثير ليس من مصلحة منطقة الشرق الأوسط. ونحن نرحب باستئناف الحوار الوطني في لبنان لأننا على قناعة من أن استقرار البلاد أمر أساسي للمنطقة. وقد أجريت خلال زيارتي للبنان مؤخرا مشاورات مهمة مع جميع القادة السياسيين اللبنانيين. واتفقنا على دعم الحوار الوطني. وأعتقد أن نتائج هذا الحوار ستؤثر كذلك على مسار عملية السلام في الشرق الأوسط. • هل تتوقعون استئناف مفاوضات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؟ نحن نطالب وبشكل عاجل في استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ونركز على خيار الدولتين الذي لا بديل له. ونتعاون في إطار الجهود الأوروبية. كما أننا على اتصال دائم بجميع الأطراف ونعتقد أن التوقيت يبدو الآن ملحا جدا لاستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لا سيما أن هناك خطوات عربية بدأت فعلا باجتماع لجنة المبادرة العربية للسلام مؤخرا، وتفعيل دور جامعة الدول العربية في هذا الشأن. • ما هي رؤيتكم للعلاقات السعودية الإيطالية؟ تربطنا مع المملكة علاقات تاريخية مبنية على الاحترام والثقة المتبادلة بين البلدين. ونحن إذ نسعى دائما لتطوير العلاقات بيننا وبين الرياض، نؤكد على أنها علاقات متينة تتمتع بخصوصية واهتمام مشترك يتعلق بملفات السلام. فالمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تعمل على دعم السلام وتأسيس دبلوماسية مبنية على مفهوم الاستقرار واحترام الآخر لا سيما عبر مبادرة حوار اتباع الأديان التي فتحت آفاقا للحوار البناء. وهناك ملفات مهمة في علاقتنا مع المملكة مثل ملفات الطاقة، ومكافحة الإرهاب، ودور المملكة داخل مجموعة ال 20 الاقتصادية واستضافتها كمراقب في مجموعة الدول الثماني الكبرى إلى جانب ملف البعثات خاصة أن عددا من الطلبة السعوديين سيستأنفون دراستهم في إيطاليا قريبا عبر برنامج الابتعاث السعودي، وهو أمر يدل على الثقة المتبادلة بين البلدين. ونحن نهتم بدور المملكة إقليميا وخليجيا لقناعتنا من أنها تشكل عمقا أمنيا واستراتيجيا للمنطقة خاصة ما يتعلق بملف الخليج وأمنه، والعلاقات مع إيران. • فيما يتعلق بإيران هل ترون إمكانية إحراز تقدم في مفاوضات المجتمع الدولي معها بشأن برنامجها النووي؟ نحن ندعو إلى استمرارية قنوات الاتصال. واجتماع الخبراء مؤخرا دليل على هذا التوجه، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة النووية أعربت في تقريرها الأخير عن قلقها إزاء طبيعة البرنامج النووي الإيراني. كما أن الاجتماعات الأخيرة للقوى الدولية وألمانياوإيران (مجموعة 5+1) لم تسفر عن نتائج إيجابية، ولم نتحقق من طبيعة البرنامج النووي الإيراني. ونتوقع أن تتواصل اجتماعات مجموعة الخبراء الدوليين للتوصل إلى مقترحات أكيدة لحل الأزمة. • شهدت ليبيا أول انتخابات تشريعية حرة بعد الثورة، فما هو تقييمكم للمشهد الليبي؟ نحن سعداء بهذه الخطوة الإيجابية إذ أننا كنا دائما على قناعة من أن ليبيا في طريقها إلى عهد جديد. ورغم فترة العنف التي واجهتها البلاد، أثبت الشعب الليبي أنه عازم على تحقيق الديمقراطية بطريقة حضارية. كما أنه كان من الملفت مشاركة المرأة الليبية في الانتخابات وبشكل كبير. ونحن نعتقد أن ليبيا في طريقها السليم إلى الديمقراطية بحسب المفهوم الدولي وربما تصبح نموذجا جيدا لدول الربيع العربي. • استضافت روما اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بالصومال مؤخرا، فما تعليقكم على نتائج ذلك الاجتماع؟ نحن في إيطاليا يهمنا جدا أن تتم مرحلة الانتقال في الصومال في آمان. وأن يتفق زعماء القبائل على جميع النقاط المطروحة، وأن تتم صياغة دستور جديد للبلاد يحترم الحقوق الإنسانية والدينية للشعب الصومالي. وكان ذلك محور لقائي مع رئيس الوزراء الصومالي عبدي والي محمد علي واتفقنا على أن الشعب الصومالي لابد أن يبدأ بداية جديدة لمستقبل أفضل بعيدا عن تراكمات الماضي، وأن تتوحد جميع فصائل الصوماليين حتى يتمكنوا من اختيار الجمعية التأسيسية الوطنية التي ستكون في الأساس بداية لأنهاء المرحلة الانتقالية. وعلى هذا الأساس نحن نأمل أن تتفق جميع الأطراف من أجل تأسيس الجمعية الوطنية التي ستضم 825 مفوضا. ونحن إذ ننتهز هذه الفرصة ندعو حركة الشباب وباقي جماعات المعارضة المسلحة الصومالية إلى التخلي عن العنف والانضمام إلى جهود السلام. • كيف تقرؤون نتائج اجتماع طوكيو الخاص بالشأن الأفغاني؟ أعتقد أن أهم نتائج اجتماع طوكيو هي طرح الشكل المناسب للدور المدني للمجتمع الدولي في مرحلة ما بعد انسحاب قوات إيساف الدولية من أفغانستان. ويعتبر هذا الاجتماع بكل المقاييس بداية جيدة على الطريق لمستقبل واعد لأفغانستان، فقد خصص المجتمع الدولي فيه مبلغا قدره 16مليار دولار لدعم مشروعات البناء والتنمية المستديمة في أفغانستان لفترة السنوات الأربع المقبلة إلى جانب التركيز على مكافحة الفساد في البلاد. كما أن اجتماع طوكيو يمكن اعتباره الوجه الآخر لما نتج عن قمة حلف الأطلسي الأخيرة في شيكاغو والتي أسفرت عن دعم لوجيستي لتدريب القوات الأفغانية. والحقيقة أن لقائي الأخير مع وزيرة خارجية باكستان السيدة حنا رباني جاء في هذا الإطار لا سيما بعد إعادة فتح طرق الإمدادات من باكستان إلى أفغانستان لقوات إيساف الدولية انطلاقا من أنه خيار استراتيجي لتحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان فضلا عن تحقيق الأمن الإقليمي الذي يحقق للمنطقة البعد الأمني والسلام المنشود لا سيما أن أفغانستان على أبواب استلام السلطة الأمنية من القوات الدولية حسب جدول الانسحاب المتفق عليه. • في ظل أزمة الديون الأوروبية عقدتم اجتماعا مهما في روما مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.. كيف جاءت نتائج ذلك الاجتماع؟ ذلك كان اجتماعا تشاوريا في غاية الأهمية، إذ أننا نعتبر أنفسنا شركاء لألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي من أجل حل أزمة الديون الأوروبية. وقد اتفقنا على تشكيل لجان عمل مشتركة إيطالية ألمانية لا سيما وأن المانيا تشكل السوق الأوروبية الأولى على الاطلاق والتي تستورد سلعا إيطالية. وأهم ما خرج به الاجتماع بجانب حل أزمة الديون هو التعاون في مجال البنية التحتية لخلق فرص عمل أوفر في أوروبا للتغلب على البطالة. فالأزمة الاقتصادية وأزمة الديون السيادية لا تخص إيطاليا فقط، أو اليونان أو إسبانيا، بل هي أزمة تهم الاتحاد الأوروبي، وتهم ألمانيا في المرتبة الأولى. ولذلك فإن التعاون مع برلين ضروري للخروج بنتائج إيجابية. وانتهز هذه الفرصة لأؤكد على أهمية تحقيق الوحدة السياسية لدول الاتحاد الأوروبي وهي خطوة ستكون لها إيجابيات كثيرة على الأوضاع الاقتصادية للاتحاد الأوروبي.