طالب وزير خارجية النرويج يوناس جارستوره الحكومة السورية بالتعاون مع لجنة المبادرة العربية، مبينا أن خيار اللجوء إلى مجلس الأمن وراد، واصفا استمرار بعثة المراقبين في مهمتها ب«القرار الصائب». وقال في حوار اجرته «عكاظ» أنه لا بديل لخيار الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية، والعودة للمفاوضات المباشرة والالتزام بقرارات الشرعية، معربا عن قناعته التامة من أن الفلسطينيين قادرون على إعلان دولتهم وقيادتها بنجاح. وأيد يوناس جارستوره المبادرة العربية للسلام في الشرق الأوسط التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، مشيرا إلى أنها تضم نقاطا وأفكارا قابلة للتطبيق في هذه الأيام العصيبة. واعتبر توقف المفاوضات التي تعرف ب«5+1» مع إيران وضعا مقلقا، خصوصا بعد المناورات التي أجرتها طهران في مضيق هرمز، وإلى نص الحوار: • ما دور أوسلو اليوم في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط، خصوصا أنها شهدت انطلاقة الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي عام 1993م، وكيف ترون علاقة الطرفين في المستقبل؟ روح أسلو موجودة، ونحن مستعدون لتفعيل دورنا لدعم التعايش السلمي بين الطرفين، ونتفق مع المبادرة العربية للسلام التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، وهي مبادرة تضم نقاطا وأفكارا قابلة للتطبيق في هذه الأيام العصيبة، ونرى أنه لا بديل لخيار الدولتين والعودة للمفاوضات المباشرة والالتزام بقرارات الشرعية، قناعتنا التامة من أن الفلسطينيين قادرون على قيادة دولتهم، إلا أن الاحتلال يشكل عقبة حقيقية أمام إعلان الدولة الفلسطينية. وندين بشدة سياسة الاستيطان الأسرائيلية والبناء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وعلى هذا الأساس نطالب إسرائيل بوقف الاستيطان ومنع المتطرفين من المستوطنين من التعرض للفلسطينيين، ونؤكد تمسكنا بالقرارات الأوروبية والتي تحدد موقفا لا رجعة فيه، وهو الالتزام بالمرجعيات والاتفاقات المبرمة، ونشدد على أن أي تغيير يحدث لا بد أن يأتي عبر المفاوضات المباشرة، ونعتبر اللقاء الأخير الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان بين ممثلي السلطة الفلسطينية ونظرائهم الإسرائيلين وممثل الرباعية الدولية توني بلير، بداية لخطوات متتالية إيجابية للحد من التصعيد في المنطقة، والتوصل إلى اتفاق شامل ينقلنا إلى مرحلة تالية تشهد تحقيق السلام الشامل، والذي سيكون له ردود فعل إيجابية على المنطقة برمتها. • هل تعتقدون أن أوسلو قادرة على تقديم دور في الشأن السوري؟ موقفنا من الملف السوري واضح، إذ ندين انتهاكات الأمن السوري ضد المواطنين ونطالب الحكومة بالتعاون الجدي مع لجنة المبادرة العربية، ونرى استمرار بعثة المراقبين في مهمتها في سورية قرار صائب إلى أن تتضح الرؤية. وما يزال خيار مجلس الأمن أمامنا فضلا عن ملف العقوبات الذي تؤيدها النرويج، وهو أمر لا شك أننا سنطرحه أمام أول اجتماع أوروبي لوزراء الخارجية نهاية الشهر، ونتطلع أن تستطيع الجهود الدولية والعربية في إقناع الجانب السوري على احترام حقوق الإنسان، وتحقيق التغيير المنشود في سورية ووقف سفك الدماء، ونأسف لعدم تعاون الحكومة السورية إلى الآن بشكل ملموس، ما يزيد القلق الدولي حيال ما يحدث هناك. • يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان عقوبات جديدة على طهران، كيف تقرؤون حالة الملف النووي الإيراني؟ المفاوضات التي تعرف باسم 5+1 مع إيران متوقفة منذ عام، وهو وضع مقلق، خصوصا بعد المناورات التي أجرتها إيران في مضيق هرمز، ويهمنا بالطبع التوصل إلى حلول في الشأن الإيراني، وندعو طهران للتعاون وكشف طبيعة تطلعاتها النووية، واتفقنا في الجانب الأوروبي على طريق مزدوج في التعامل مع إيران، فنحن ندعم المسار التفاوضي، وفي نفس الوقت ندعم مشروع العقوبات الذي سيتناول ملف النفط الإيراني، وبصفتنا دولة مصدرة للبترول سنؤدي واجبنا لسد الحاجة الأوروبية للنفط، خصوصا ما يخص ألمانيا، كما أن الأتحاد الأوروبي يجري مشاورات مع المملكة التي أبدت استعدادها لسد الاحتياجات الأوروبية من النفط، ورأى أن الأمر يحتاج إلى لوجيستية خاصة، سيجري دراستها مع وزيرة خارجية الأوروبي كاثرين أشتون، التي ربما تحدد موعدا لاستئناف المفاوضات بين الدول الخمس الأعضاء بمجلس الأمن وألمانياوإيران حول الملف النووي الإيراني. • ما الجديد في علاقاتكم مع ليبيا؟ نرحب باعلان تشكيل الحكومة الانتقالية في ليبيا، ونعتبرها خطوة إلى أمام في طريق التحول الديمقراطي هناك، ولذلك طلبنا من الأممالمتحدة الإفراج عن الحسابات البنكية الليبية والأموال الخاصة للبنك المركزي الليبي (370 مليون دولار أمريكي) في النرويج، التي كانت مجمدة منذ اندلاع الثورة الليبية في مارس الماضي، ونحن على قناعة من أن هناك ضروريات إنسانية ملحة يحتاجها الشعب الليبي، ولن يجري تحويل أي أموال إلا بعد الاتفاق مع المجلس الليبي الانتقالي، ونحن على اتصال مع الجانب الليبي للتعرف على احتياجات البلاد والامكانات التي يمكن أن نقدمها لإرساء الحياة الطبيعية في البلاد وتحقيق الديمقراطية للشعب الليبي. • ما تقييمكم للعلاقات مع المملكة العربية السعودية؟ علاقاتنا مع المملكة جيدة، ونعمل على تعزيزها من خلال الزيارات وعقد اللقاءات الثنائية، ولا شك أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز قبل عام إلى أوسلو بصفته أمير الرياض آنذاك، رسخت العلاقات بين البلدين وفتحت آفاقا للتعاون في أمور عدة، ونحن كدولة تأخذ على عاتقها سياسة السلام في الأولوية، فإن ذلك التوجه يجعلنا أكثر اهتماما بالتعاون مع دولة مثل المملكة، ومناقشة سياسة الأمن الاستراتيجي وهو ملف مهم، وللمملكة دور ريادي ودولي في هذا الصدد، لا سيما في منطقة الخليج العربي، ومن هذا المنطلق نعتقد أن دعم التعاون مع الرياض أمر مهم في هذه المرحلة؛ لأنه يمكننا على الجانبين الاستفادة من إمكانياتنا لدعم الخطوات التي تهدف لإرساء السلام في المنطقة، ونحن من جانبنا مستعدون للمساهمة في هذا الأطار، وعلى جانب فتح قنوات اتصال بين أوسلووالرياض فإن لجنة الصداقة النرويجية السعودية تؤدي دورا إيجابي، وزارت لجنة من البرلمان النرويجي المملكة العربية السعودية في وقت سابق. • للنرويج دور فعال في حلف الأطلسي، كيف تقرأون نتائج قمة الحلف التي عقدت قبل أسبوعين في بروكسل؟ لا شك أن القرن ال 21 يفرض علينا تحديات عدة، تتطلب استراتيجية أمنية جديدة، وهو بالضبط ما طرح أثناء قمة مجلس حلف الأطلسي الأخيرة، والتي تابعنا فيها ماذا جرى خلال عام من قمة لشبونة إلى قمة الحلف المقبلة في شيكاغو في مايو من هذا العام، وتوصلنا إلى نقاط أساسية تتطلب التعاون ودعم سياسة الشراكة وتفعيل اتفاقية حظر الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وتفعيل الشراكة مع روسيا، وهو أمر نعتبره مهم جدا، وهي الملفات الأساسية للقمة بجانب التعاون والشراكة مع تكتلات خارج جغرافية حلف الأطلسي، مثل دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ونعتبر ذلك توجها جديدا ومهما، وكان واضحا دور حلف الأطلسي خلال عام 2011، وتنفيذه قرار مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا إلى جانب دور حلف الأطلسي في أفغانستان وكوسوفا وتطور الحلف إلى عام 2014 كما أننا رحبنا بملف «الأمن والشراكة في قلب آسيا»، وهو المشروع الذي خرجت به قمة الحلف الأخيرة في اسطنبول وهو ملف ينطوي على الأمن الأقليمي، وأؤكد هنا أن استراتيجية حلف الأطلسي الجديدة والتي سنتابعها في شيكاغو تتمثل في ملفات الأمن والأمن الاستراتيجي والحرية والسلام والقيم التي تنص عليها القوانين الدولية. • هل تعتقدون أن خطر الإرهاب لايزال على النرويج، وكيف ترون التطرف اليميني في أوروبا؟ أؤكد هنا أن الديمقراطية التي نتعامل بها في النرويج تعني احترام كل فرد بصرف النظر عن انتماءاته أو ديانته، بيد أن التطرف اليميني يشكل تحديا كبيرا للديمقراطيات الغربية، وهو أمر لا ينبغي الاستهانة به، وينبغي مراقبة هذا التطور، ولاحظنا في الآونة الأخيرة أن الجماعات لا تقدم على فعل التفجيرات، بل تنفذ عبر أفراد ينتمون إليها، لذا لا بد من تفعيل دور المدارس والمعاهد والمؤسسات الدينية والسياسية والاجتماعية لاستيعاب المفاهيم المتطرفة ورعاية الأفراد والأشبال، وهذا أمر يتطلب كثيرا من الجهد والمواظبة والتركيز على الإعلام الصحيح الذي يعمل من أجل تفسير مفاهيم تقبل الآخر، وعلى الرغم من أن العملية الإرهابية التي نفذها شخص واحد أودت بحياة 91 من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، فإننا وضعنا خطة لمواجهة هذا التطرف، تتمثل في تفعيل الديمقراطية التي نتعامل بها والحرية واحترام الآخر.