مع قرب حلول الإجازة الصيفية يستعد الكثير للمناسبات التي تجمع الأهل والأقرباء فيعمد البعض خصوصا من النساء إلى إجراء عمليات تجميلية لأسباب أهمها التزين وتغيير المظهر، وذلك للزيادة في الجمال والأناقة وأحيانا للعلاج من تشوهات جسدية وخلقية نتجت عن حريق أو تشوه مصاحب للإنسان منذ الولادة أو لإخفاء مرض حل بالشخص. ويتساءل الكثير عن حكم هذه العمليات التجميلية في كلتا الحالتين الحاجة أو غير الحاجة كما يستفسرون عن درجات غير الحاجة، فهل تخضع كافة العمليات التجميلية التي دوافعها غير الحاجة إلى ذات الحكم أم تتفاوت بتغير درجة حجم العملية، فكما يقال لا يتساوى التعديل البسيط بالواضح.. «عكاظ» ناقشت الموضوع مع شرعيين فكان هذا التقرير: اختلاف الحكم أكد عضو الجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي الدكتور خالد الشايع أن مصطلح عمليات التجميل متداخل وفي مجمله يرمي إلى تصحيح التشويهات الخلقية أو الرغبة في التجميل لتغيير الهيئة التقليدية. ولفت إلى بعض المبادئ الشرعية التي ينبغي مراعاتها قبل إجراء عمليات التجميل، كمعرفة أن الله أنعم على الإنسان بتكامل الخلقة الإنسانية، كما في قوله تعالى: (وصوركم فأحسن صوركم)، إضافة إلى حرمة الجسد الآدمي. ونوه بأن الحكم الشرعي للعمليات التجميلية مختلف بين الجواز وغيره، إذ النوع الجائز يقيد بأمور كأن تكون العملية لإعادة شكل أعضاء الجسد إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها أو لإصلاح العيوب الخلقية كاعوجاج الأنف الشديد أو التصاق الأصابع، أو لإزالة العيوب الطارئة كالحروق أو ترقيع الجلد. وأشار إلى أن النوع غير الجائز ما قصد به تغيير خلقة الإنسان لهوى أو لتقليد الآخرين. وقال الشايع إذا اضطر الإنسان إلى إجراء العملية للحاجة فينبغي أن يراعي فيها عددا من الضوابط فيحرص أن يكون المداوي من جنسه، فالنساء تداويهن النساء مثلا، وألا يكون في العملية اطلاع على العورات عند عدم الحاجة، وألا يجد المرء سبيلا سوى هذه العملية التجميلية، وأن يغلب على الطبيب نجاح العملية، وألا تغير الخلقة الأصلية، وألا يقصد بها تشبه كلا الجنسين بالآخر أو بغير المسلمين. وطالب أن يكون الممارس لهذا التخصص من خريجي إحدى الكليات المعتمدة. ونوه بأن إزالة تجاعيد الوجه لا تجوز، أو حتى الحقن، إلا إن كان لحالة مرضية. واستشهد على حكم هذه العمليات بما أجاب الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، حينما سئل عن حكم الإجراءات الطبية التجميلية فقال: «لا حرج في علاج الأدواء المذكورة بالأدوية المباحة من الطبيب المختص الذي يغلب على ظنه نجاح العملية، وذلك لعموم الأدلة الشرعة المبيحة للعلاج بالأدوية الشرعية أو المباحة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء)، وقال عليه السلام أيضا: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برؤ بإذن الله)، وقال عليه السلام أيضا: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه)، وفي حديث آخر: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم). بعضها تغيير لخلق الله ووافقه الأستاذ المشارك في قسم الفقه في الجامعة الإسلامية الدكتور عبدالرحمن مردادي فقال: إن عمليات وجراحات التجميل تنقسم إلى قسمين، منها ما هو للضرورة كإزالة العيوب الناتجة عن مرض أو حادث فهذا جائز. واستشهد على جواز العمليات التجميلية للضرورة بما جاء في السنة في حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه أنه أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية حرب في الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق أي فضة فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب. ويواصل: جراحة التجميل التحسينية للمظهر، كتجميل الأنف بتصغيره، أو شد الوجه، مما ليس بعيب ولا يشتمل على دوافع ضرورية لا يجوز، معتبرا ذلك من تغيير خلق الله كما قال تعالى: (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا * لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا)، مبينا أن الشيطان هو من يأمر الناس بتغيير خلق الله، معتبرا هذا النوع تعاونا على الإثم والعدوان كما قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب). وطالب المختصين في العمليات التجميلية بتقوى الله في طلب الرزق حتى يكون مطعمهم حلالا، قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)، قائلا أبواب الرزق واسعة، ولم يضيق الله للجوء إلى المحرم بارتكاب العمليات التجميلية التي تهدف للزينة فقط وليس للحاجة، كما لا يجوز استعجال الرزق المقدر، قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روحي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها و تستوعب رزقها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته).