على بعد 30 كم من مكةالمكرمة شرقا، تقع قرية الزيمة، التي اشتهرت خلال العقود الماضية بأنها منزلة الحجاج، والمسافرين، الذين يستريحون بجوارها، فيهب أهل الزيمة لضيافة ضيوف الرحمن. حيث أعد الأهالي وخصصوا مجالس استقبال الحجاج والمسافرين، كما يطلق على الزيمة «وادي نخلة»، لما بها من نخيل و أشجار الموز التي اشتهرت بزراعتها المنطقة.أوضح الدكتور مساعد بن مساعد الصوفي الباحث في التاريخ الإسلامي (من أهل القرية)، أن الزيمة ذكرت في الإسلام وعند المؤرخين، حيث كتب الرحالة وذكروها بمسميات عدة منها: وادي نخلة، و بستان ابن عامر، والزيمة، واعتبر مسمى وادي نخلة من أشهر المسميات في كتب المؤرخين، مبينا أن مساحته غير محددة، إذ يمتد هذا الوادي من قرن المنازل (السيل الكبير) إولى قرية الزيمة، وجاء ذلك عند ابن بطوطة وغيره. وقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم، مكث في وادي نخلة أياما بعد عودته من الطائف، ولم تحدد مصادر التاريخ المكان الذي أقام فيه الحبيب المصطفى، كما ورد في الحديث عن الخاص عن وادي نخلة وهو حديث الليلة التي اجتمع فيها الجن مع رسول الله يستمعون إليه وهو يقرأ القرآن بعد أن عاد من الطائف ولقى منهم ما لقى حيث تقول الرواية، انه لما نزل صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة في وادي نخلة، وهو واد ما يبن مكة و الطائف، وفي الليل الدامس، وليس معه رفيق غير الله سبحانه وتعالى توضأ وقام يصلي، ورفع صوته بالقرآن، يستأنس به في وحشته، وفي سفره. وجاء إلى الوادي جن نصيبين من اليمن في تلك الليلة، واللحظة، حتى ملأوا وادي نخلة يستمعون القرآن، فأخذ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بكلام الله عز وجل: ((ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييئس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا)). وكان من أدبهم أن كان سيدهم يسكتهم، ليسمعوا القرآن، ويقول لهم: ((أنصتوا)) فكانوا ينصتون، وكان بعضهم يركب بعضا، حتى يقتربوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه: ((وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا)). قال سبحانه: ((قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا))، ((إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا * وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا * وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا * وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا)). فلما وصلوا إلى هذا قالوا: ((وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا)). فأما جن نصيبين: فهم الذين وفقوا، ووجدوا السر، ووجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن في وادي نخلة، فعرفوا أن هذا هو السر. فلما ان انتهى صلى الله عليه وسلم من الصلاة تفرقوا، وضربوا بقاع الأرض، ووصلوا إلى قومهم في اليمن، ودعوهم إلى: لا إله إلا الله. وقال سبحانه: ((وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين))، أتوا في ليلة واحدة، ورجعوا يدعون إلى التوحيد: توحيد الله عز وجل. وعاد صلى الله عليه وسلم، ومعنوياته مرتفعة، ونفسه مرفرفة بالتوحيد، يوم أوجد الله لدعوته قبولا صلى الله عليه وسلم. وأضاف الدكتور الصوفي «أما بستان عامر فهو موضع محدد في وادي نخلة إذ يقصد بها قرية الزيمة لشهرة البستان بأشجار، النخيل و الموز و ماءها العذب الذي يجري من عين فيها، وقد جاء ذلك عند اليعقوبي في كتاب البلدان، والبلاذرين وابن خرداذبه، وسبب تسميته بستان ابن عامر، نسبة إلى عبد الله بن عامر بن كريز، وأم عامر بنت عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم، وهي أروى بنت كريز بن ربيعه، وأمها أم حكيم بنت عبد المطلب، وقد ذكر ذلك البكري في كتابة معجم ما استعجم، وفي تسميته محل خلاف عند المؤرخين، وحدد صاحب مصنف المسالك و الممالك بستان ابن عامر عند موضع الصخرات، بجانب قرية سبوحة، وهذه دلالة على أن موضع بستان ابن عامر هي قرية الزيمة. وقال الدكتور الصوفي «كانت قرية الزيمة محطة للمسافرين و الزائرين لما تشتهر بها من مزارع ومناظر خلابة، إذ يكسوا بساتينها أشجار الموز، والنخيل وغيرها من الأشجار، وشريان الحياة، فيها مائها المتدفق العذب المسمى (عين الزيمة)، لذا أصبحت الزيمة من القرى المشهورة في مكةالمكرمة، والمتنفس لأهلها قبل عدة سنوات حتى نضب ماء العين».