«عائشة برجت هوني»، نشأت في أسرة إنكليزية غير مسلمة، وشغفت بالفلسفة، ثم سافرت إلى كندا لإكمال دراستها، وفي الجامعة أتيح لها أن تتعرف على الإسلام وأن تنتهي إليه. تقول «هوني»... لن أستطيع مهما حاولت أن أصف الأثر الذي تركه القرآن في قلبي، فلم أكد أنتهي من قراءة السورة الثالثة من القرآن حتى وجدتني ساجدة لخالق هذا الكون، فكانت هذه أول صلاة لي في الإسلام... إن القرآن يستثير المشاعر من الأعماق كي ترتبط بالله عز وجل وتتوجه إليه وتستعد للقائه، فيخرج بعلم جديد وإيمان جديد وإشراق جديد وقوة جديدة، وإذا دخل القلب تغير الإنسان، وإذا تغير الإنسان تغير العالم، نعم... من دخل فيه فهو آمن! إنه القرآن، كما يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «مأدبة الله عز وجل فمن دخل فيه فهو آمن». ولنتأمل ما حدث لمجموعة من الجن حينما استمعوا لآيات من القرآن (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) أنصتوا... أنصتوا... أنصتوا... ولم يقولوا... اسمعوا... لقد وصل القرآن إلى شغاف قلوبهم عندما أحسنوا الإنصات فتأثروا أيما تأثر فآمنوا، إنه كلام رب العالمين الذي إذا نزل على الجبال لخشعت وتصدعت فكيف بالقلوب؟! إذا أحسنت الإنصات والتدبر كيف يكون حالها؟! من دخل فيه فهو آمن... من الشبهات والشهوات والفتن المتلاطمة، آمن... من هموم الدنيا ومشاغلها ومشكلاتها، آمن... من القلق والتوتر والاكتئاب، آمن... من مجالس اللغو والغيبة والنميمة والقيل والقال، يقول صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض»، صحيح الجامع، لقد عاش الصحابة رضوان الله عليهم مع القرآن واستحوذ على مشاعرهم، وأصبحت الآيات تواجههم وتوجههم حيثما اتجهوا ووصلوا لهذا المستوى الإيماني، وكيف لا وقد اختلطت معاني القرآن بشخصية الحبيب «صلى الله عليه وسلم» وامتزجت بها فصارت واقعاً حياً، ولقد كان بحق: قرآناً يمشي على الأرض. اقرأ... اقرأ... اقرأ... ولكن تلاوة بإنصات وتدبر لتجد الأثر الحقيقي لكلام رب العالمين، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها»، حديث حسن صحيح. [email protected]