«أنا أكره الذين يتصيدون الألفاظ من فمي ثم يلبسونها معاني من عندهم»، من يقرأ هذه الكلمات التي جاءت على لسان بطل مسرحية «هما» للمبدع غازي القصيبي لا بد وأن يشعر بالامتنان لقلمه الذي استطاع قول ما يود أكثر الناس قوله دون إفراط أو تفريط، وإذا كان القارئ من المتفاعلين مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الجديد ك «تويتر» و «فيسبوك» و «يوتيوب»؛ لا بد وأن تقفز إلى ذهنه بعض المواقف الصدامية المتفاقمة يوما بعد آخر على صفحات ذاك الواقع الافتراضي بين أشخاص يتربصون بزملاء الأرضيات الإلكترونية تلك لجرهم إلى مزالق الخلاف بتصيد الألفاظ وإلباسها أقصى درجات سوء الفهم، وآخرون يتابعون غيرهم بحسن نية؛ لكن ثقافتهم البسيطة تطالب من يتابعونه بتفصيل آرائه وأقواله على مقاس ذوقهم وهواهم، وما أن ينطق بكلمة لا تتفق مع هذا الهوى حتى ينتقل آليا إلى قائمته السوداء بعد طابور صغير من الشتائم وحذف فوري من قائمة المتابعة، لهذا يصعب على الإنسان أن يكون حقيقيا على صفحات تلك المواقع حتى وإن لم يكن من المشاهير أو النجوم؛ لأن الآخرين أمام شاشاتهم المضيئة يريدون شخصيته المصبوغة بأوهاهم وخيالاتهم أكثر من رؤية روحه الشفافة على علاتها. الاختلاف في الرأي بين الناس شر لا بد منه في كل مكان وزمان، وهو ميزة تضفي على الأرض طبيعتها الفسيفسائية ومذاقاتها المجتمعية المتعددة. وإذا كانت آراؤك وأفكارك ووجهات نظرك تتغير وتتطور بمرور الأيام والأعوام؛ فلا تتوقع من آراء جميع خلق الله أن تتفق مع وجهات نظرك الشخصية في جميع أطوار حياتك، ولا تتوقع منهم أن يكونوا نسخا أخرى طبق الأصل عن شخصيتك، أو أن يفصلوا كل كلمة يتفوهون بها على مقاس رضاك. تقبل وجهات النظر على اختلافها بسخاء روحي مثلما تحب أن يتقبل غيرك رأيك دون صراع أو جدال لا يفضي إلا لطرق مسدودة. للتواصُل عبر تويتر: Twitter @zainabahrani [email protected] !!Article.extended.picture_caption!!