سجل عدد من الشرعيين والمثقفين موقفا من هجوم المستشار في الديوان الملكي عبدالمحسن العبيكان على المؤسسات القضائية، لافتين إلى أن المساس بالقضاء خطر كونه مساسا لجناب الدين والدولة، مطالبين بضرورة التصدي لكل ما من شأنه المساس بهذا الجهاز، منادين بإنشاء لجنة دقيقة عليا متخصصة في علم القضاء الدقيق وعلم النفس التحليلي حتى تضع النقاط على الحروف وتسير الأمور في مسارها. ونوهوا بأن ما يلمز عن طريق القنوات الفضائية يعالج بطرق علمية مقننة أو بذات الوسائل الإعلامية مع تبيان أسباب إصدار الحكم وحيثياته. علاقة مثالية في البداية، قال عميد كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى الدكتور صالح الزهراني أن الخطأ في كل مكان وكل زمان، مشيرا إلى أن رأي الشيخ عبد المحسن العبيكان يتعلق به هو شخصيا، وهو مسؤول عن رأيه ولا يلزم به الآخرون. لا يجوز الطعن أما عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور عدنان باحارث فاعتبر الطعن في القضاء طعنا في الدولة، لافتا إلى أن القضاء إن كان نزيها فهو شهادة للدولة والعكس أيضا، مشيرا إلى أن القضاء الصحيح والمبني على الشريعة والحق لا يجوز الطعن فيه. وذكر باحارث أن التفريط إن حصل في القضاء فيمكن انتقاده عبر قنوات شرعية وفق ضوابط كأن يكون على هذه القنوات سلطة يقوم عليها أهل العلم والخبرة، محذرا من إعطاء القاضي كامل الحرية ليس للقاضي عمل ما يشاء، مشيدا بالقضاء السعودي الذي خول عبر لوائحه الجديدة النظر في كل قضية لثلاثة قضاة ونرجو تفعيل ذلك. ونادى بضرورة التخصص في القضاء إذ يتولى قضاة المعاملات التجارية وآخرون الأحكام الشخصية والأسرية وصنف يطبق الحدود، قائلا: انتهى زمن الشخص الموسوعي الملم بكافة الأمور، وطالب بضرورة احترام الناس للقضاء لكن الانتقاد لمجرد التشويه ينبغي فيه محاسبة المشوه. لا ينبغي التشكيك ولفت الداعية الإسلامي عمرو خالد إلى أن احترام القضاء في أي مكان من العالم، مضيفا: هذا المبدأ ينبغي أن يحترم ولو وجد في القضاء أخطاء، محذرا من التشكيك، مشيرا إلى أن سقوط القضاء هدم لأمور كثيرة. ليس مؤامرة وقال الكاتب زيد الفضيل: إن حديث العبيكان الإذاعي وما لمح فيه من وجود مؤامرة تحاك ضد القيم والأخلاق في البلد، أحب أن أقول له وبكل وضوح أن من الصعب رمي التهم جزافا، وأن التنوير والعودة إلى قواعد الإسلام النبوي الصحيح التي يتساوى فيها الناس بحسب كفاءتهم الوظيفية دون النظر إلى نوع الجنس أو العرق، فالتنوير ليس مؤامرة على البلد ولا يستهدف منه محاربة الكيانات الدينية في دولة تعتز بتلك الكيانات ومن المهم أن ندرك بأن صيرورة التقدم والتطور تقضي بأن يتلامس المجتمع السعودي مع مختلف المتغيرات في الوقت الراهن بصورة تعكس طبيعة النمو المعاش في المملكة التي تشكل المرأة السعودية فيه حجرا رئيسا مع تذكيره بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «النساء شقائق الرجال». حماية القضاء من جهته، قال صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الاوسط أنه فيما يتعلق بما صرح به الشيخ عبد المحسن فلعلها زلة لسان، أو حالة نفسية تزول إن شاء الله.. وأضاف: ما صرح به الشيخ عبدالمحسن أراه ثلمة في تاريخ الشيخ وخطيئة قد لا تغتفر في ميزان الشيخ عبدالمحسن لأنه تناول بالنقد القضاء، مبينا أن مثل هذه المواقف صدرت نتيجة حالة نفسية او حالات نفسية خاصة. وأكد أن الإسلام حمى جناب القضاء والقضاة إلا أنه مازال ومن خلال قنوات من يلمز القضاء عبر أحد أحكامه أو شخصياته. واعتبر اللمز بالقضاء لمزا بالدولة التي تأمر بتطبيق الشريعة عن طريق سياستها القضائية الإلزامية الحكيمة كما عده لمزا لأدلة الشرع في الكتاب والسنة. ونفى أن يكون اللمز ظاهرة مطالبا بضرورة التصدي له بالطرق العلمية المقننة وبالوسائل الإعلامية مع تبيان أسباب إصدار الحكم والحيثيات. وأشار إلى ضرورة معرفة الدوافع من إصدار الحكم ومعرفة أسبابه. ونادى بضرورة مراجعة القضاة أيضا لأخطائهم التي وقعت عن طريق الاجتهاد لافتا إلى أن القاضي إن اجتهد فله أجران وإن أخطأ فله أجر وهذا كله حماية للقاضي. وذكر أن القضاء مدرسة مستقلة وهو مهمة تتعلق بجانب سياسة المعاملات المالية والحقوقية والأنفس والعقول كما أنها مهمة تتعلق بجانب حماية الإنسان من نفسه ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم لا يولون القضاء إلا من كان موهوبا في الأصل ولديه قدرات خاصة من ذكاء وسعة بال وعدل ونزاهة ونباهة وسرعة بديهة وقوة حكيمة عاقلة مشيرا إلى أن الصحابة كانوا في هذا المجال أهل عدل وأمانة ونزاهة وولاء مطلق لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا حماهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تسبوا أصحابي».