على وجوههم أقنعة الصمود والصبر، وتحت أشعة الشمس الحارقة يقفون للحصول على ما يسد رمقهم، فحين تسافر الأحلام عبر خيالات الزمن، ويصبح المحال واقعا، يبدأ المثقلون بالهموم رحلتهم عند خيوط كل فجر جديد، إلى عوالم «الوايتات»، ليلتقطوا أرزاقهم، ثم يعودوا عندما تتسرب خيوط الشمس نحو المغيب إلى بيوتهم.. على مفارق الطرق ينتشرون، فالأرصفة كانت ولا زالت مأوى لهم، منهم من يقف على قارعة الطريق متجاهلا درجة الحرارة العالية، ومنهم من يفترش الأرض، أو بعض «الكراتين» والألحفة، تحت ظل شجرة لا يكاد ظلها يظلهم بما يكفي، ينتظرون كلمة ترن في آذانهم «كم سعر الوايت اليوم»، وفي ذات اللحظة يمسك منديلا يطبطب به على جبينه، أحيانا يطول الانتظار، وأحيانا يفتح لهم الرزق أبوابه، ليقيهم الجوع ويزرع في قلبوهم الكرامة. تحت الهجير سائقو صهاريج محطات تحلية عسير من الوافدين في محطة أبها ومحطة لعصان وخميس مشيط، معظمهم يعمل لحساب مكفوليه، يتصيدون زبائنهم من خارج أبواب المحطة، تجدهم يقفون في هجير الشمس المحرقة أمام مداخل الأحياء السكنية بأبها وخميس مشيط، معظمهم من شرق آسيا، اتخذوا أرضا فضاء بحي المنسك واتخذوا من ظل الأشجار والأرصفة موقعا ومقرا لهم، ومن جذوع تلك الشجر قائمة لتسجيل وتنظيم حركة تصريف وبيع حمولات صهاريجهم من المياه المحلاة، بعيدا عن الرقابة. يقول أحد السائقين السعوديين، إنهم يتخذون من مداخل الأحياء بالنميص والمنسك وحي الموظفين والخالدية بخميس مشيط مواقف مستديمة ينتظرون الزبائن من سكان الأحياء، بل إنهم وضعوا لهم مواقع واستراحات في عدة أحياء. الزبائن قليلون يقول السائق الوافد محمد إقبال نور وسوردان فاضل، من الجنسية الهندية، إنهم يعملون لحساب كفلائهم بالتعبئة من محطات التحلية، مبررين بيعهم خارج محطات التحلية بقلة الزبائن في تلك المحطات وكثرة السائقين، حيث يجلسون تحت أشعة الشمس أمام الأحياء السكنية لتصريف حمولاتهم. السعوديون قليلون وبين المهندس يزيد يحيى حسن آل عائض مدير عام المياه بعسير، أن معظم ملاك تلك الناقلات سعوديون يقومون بتسجيل ناقلاتهم باسم سائق وافد ، مشيرا إلى أن هناك ناقلات تعمل بأرقام سعودية يعمل أصحابها على إدخالها من وإلى المحطة، علمان بأن أولوية الدخول والتعبئة للسائقين السعوديين ولكن للأسف لا يتوفر العدد الكافي الذي يمكن معه زيادة عدد أشيابهم. أما في ما يخص التسعيرة فهي محددة من المديرية العامة للمياه ولا يمكن تجاوزها للأعلى. قلة الطلب على المياه وفي ما يتعلق بالأسعار أوضح آل عائض، أن ذلك يعود إلى توفر المياه بشكل كبير وقلة الطلب عليها، وبالتالي من حق السائق أن يبيع بالسعر المناسب حتى ولو كان قليلا، لأن الأجانب لا يرغبون في البقاء بدون عمل، أو حمولته معبأة، مبينا أن السائق السعودي يريد أن يبيع بالسعر الذي يريده، إلا أن المواطن أو الزبون يبحث عن السعر الأقل والأرخص.