يختلط التأكيد بالشك والتوجس مع اليقين عند مشاهدة عدد من الباعة الذين اتخذوا منحى تجاريا متمثلا في بيع مياه زمزم على الطرقات في جدةومكةوالطائف والمدينة ومناطق أخرى من السعودية، من خلال اتباع طرق بيع وجدوا فيها ضالتهم للبحث عن الرزق بعيدا عن أعين الرقيب لمياه تتسم بالطهر وتخرج من بئر زمزم، في حين تضاربت الآراء حول بيعها وطرق المتاجرة بها والشكوك حول مواصفاتها. ولا تقتصر شريحة البائعين على سن معينة، فباعة زمزم الجائلون من شتى الأعمار، شبابا وصغارا، مسنين ومتقاعدين، وحتى الوافدون أصبحوا يروجون لبيعها في مناطق أخرى مثل عسير والرياض والمناطق الشمالية والشرقية، وبعضهم يعمل لحسابه الشخصي، وآخرون يعملون لحساب آخرين ممن يقتسمون معهم أرباح البيع أو يعطونهم أجرة مقابل توفير المياه وبيعه بعد ذلك. أسعار مرتفعة شهدت محطات الوقود الكبرى الواقعة على طريق جدة - مكة وجود سيارات متوقفة تبيع المياه علنا على الزبائن، وكذلك في محطات طريق مكة – الطائف، إضافة إلى بيع كميات من المياه قرب المساجد في المدن المختلفة بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع عن طريق وافدين دأبوا على ممارسة بيع المياه في جوالين المياه في مكةوجدة والمدينة المنورة وسط ارتفاع لأسعارها المعتادة، حيث وصل سعر الجالون الصغير إلى 15 ريالا بدلا عن عشرة ريالات “بزيادة 50 في المئة”، والجالون الكبير بسعر 20 ريالا بدلا عن سعره الأساسي وهو 15 ريالا، في حين تراوح سعر بيع الجالون في مدن مثل أبها والرياض والشرقية بين 25 و35 ريالا، في ظل ندرة وجود مياه زمزم في مناطق بعيدة عن مكةالمكرمة، وسط شكوك تحوم حول هذه المياه بأنها مغشوشة ومختلطة بمياه التحلية العادية. هروب من الرقابة رغم اختفاء الظاهرة في عدد من المواقع في مدينة جدة إلا أن الباعة دائما ما يغيرون أماكنهم تبعا لآلية الرقابة ووجود المستهلكين، ولكن المواقع الأكثر رواجا لبضاعتهم هي الطرق السريعة وقرب جوامع المدن. ويؤكد أحمد، أحد الباعة الموجودين قرب مجمع تجاري شهير على طريق جدة - مكة أن هنالك متابعات رسمية لهم، وأحيانا يضطرون إلى تغيير المواقع والبيع في أوقات المساء، مشيرا إلى أنه لا ضير في البيع ما دامت المياه سليمة ومعبأة من زمزم وتباع بسرعة، ولا يتم تخزينها أو خلطها بمياه أخرى. ويوضح أن البيع جيد، وأن الزبائن يأتون للشراء لأن هنالك ازدحاما في مواقع التعبئة، لافتا إلى أنه وزملاءه يتناوبون على تعبئة المياه يوميا بعد الفجر حيث تقل الزحمة تدريجيا، مضيفا أنهم يعبئونها بعد شراء جوالين بلاستيك تباع عند مواقع التعبئة، إضافة إلى المشاوير التي يقطعونها يوميا ومعها تكلفة الوقود، وبالتالي فإن السعر مناسب وثابت وهو 15 ريالا للجالون الصغير و20 للكبير، مؤكدا أن المياه سليمة من الغش. من جهته يؤكد بائع “فضل عدم ذكر اسمه” أنه يعبئ ماء زمزم من موقع التعبئة الرئيس قرب الحرم المكي، ويبيعه بطريقة سليمة وأسعار مناسبة، مضيفا أنه لا يرفع أسعار البيع كما يفعل بعض الوافدين الذي يبيعون المياه في مناطق بعيدة، مشيرا إلى أنه يبيع كميات مختلفة وبطريقة متفاوتة، حيث إن لديه دخلا تقاعديا لا يفي باحتياجات أسرته، وإنه يعبئ كميات في الشهر مرتين فقط، ويؤكد أنها تباع في اليوم نفسه ولا تأخذ وقتا، وأحيانا يؤمنها لزبائن مخصصين في الطائف أو جدة، ويوصلها لهم وهم يثقون به مقابل سعر لا يكاد يفي باحتياجات شراء الجوالين أو أجرة السيارة. الحلف باليمين عدد من الشباب كانوا يفاوضون بائع المياه عن السعر لأنهم من مدينة الباحة وينوون شراء كميات من المياه لعائلاتهم هناك، ولكنهم استغربوا من عدد الحلف باليمين الذي يطلقه البائع. ويؤكد مهند الغامدي أنه وزملاءه كانوا يسألون البائع عن سلامة المياه من الغش لأن العديد من زملائهم حذروهم من شرائها من الباعة الجائلين، وحاول أن يشتري من مواقع البيع قرب الحرم المكي، ولكنه اصطدم بازدحام مهول وقت الظهيرة فاضطر إلى التوقف عن الشراء من بائع المياه بعد الحلف المتكرر منه بأنها سليمة، مشيرا إلى أن ذلك أزعجه لأنه لا يجوز لهذا البائع أو غيره استخدام اليمين في هذه المواقف، مؤكدا أنها أصبحت عادة عند العديد من البائعين لتسويق المياه بكل الطرق. شكوك في المواصفات حسن الهذلي يؤكد أنه لا يضمن نهائيا أن تكون تلك المياه من زمزم أو أنها نقية 100 في المئة، إضافة إلى مشكلات متعلقة بنقائها، حيث إن البائع يعبئها بطريقة سريعة وعشوائية، ولا تكون خاضعة للرقابة أو للتدقيق من حيث مواصفاتها، إضافة إلى أن هنالك شائعات متعددة بشأن سلامة تلك المياه، خصوصا أنها أصبحت تباع في كافة المناطق بصورة مكثفة للربح السريع على حساب صحة الآخرين، لافتا إلى أن هؤلاء الباعة يعرضون بضاعتهم تحت أشعة الشمس وفي الهواء مما يفقدها خصائصها، وقد يؤدي إلى فسادها إذا ظلت فترة طويلة في وقت لا نعلم سلامة مصادرها ونقائها. بيع علني وأكدت أمانة محافظة جدة، ضمن جهود سابقة وترتيبات رسمية مع الجهات ذات الاختصاص، على ملاحقة هؤلاء الباعة ومنعهم من المتاجرة بالمياه في مواقع الطرق السريعة وقرب المجمعات التجارية والجوامع، ووضعت خططا لرصد تلك العمليات، وعلى الرغم من الأوامر الصادرة بهذا الشأن التي تقتضي منع البيع المتجول لترويج المياه إلا أن نقاط البيع لا تزال موجودة، وتباع جوالين المياه علنا وفي مواقع ظاهرة للعيان.