يبدو أن الحصول على (وايت ماء) بات أحد أغلى وأثمن الأحلام التي يطمح أهالي الطائف والقرى المجاورة لها لتحقيقها، بعد عودة الأزمة التي لم تكتف بضرب الموسم السياحي فحسب بل جاءت هذه المرة على حساب المواطنين الذين لم يستطيعوا بعد توفير الماء لمنازلهم مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث عادت مجددا طوابير مئات البشر لتصطف يوميا ومنذ ساعات الصباح الباكر أمام صالات الأشياب أملا في الحصول على رقم ووايت ماء يفي بالمستلزمات الضرورية في هذا التوقيت العصيب. الوضع لا يطاق وبدا منظر المئات وقوفا أمس وأمس الأول مع أول أيام شهر الصيام يدعو إلى الشفقة، فمعظمهم تركوا أعمالهم ليكتووا تحت أشعة الشمس الحارقة في ساعات الظهيرة، ويشير عبدالله الزيادي وهو أحد ساكني الطائف أن الوضع لا يطاق: “حل علينا رمضان ونحتاج إلى الكثير من الماء لتجهيز الطعام والشراب، لكن يبدو أنه كتب علينا أن نعطش طويلا”.. ويضيف: “حتى الآن وفي ظل الوعود المتكررة لا حلول، والأزمة مستمرة والوضع لم يعد يطاق”.. ويتمنى الزيادي أن يتم التدخل العاجل لاحتواء هذه المشكلة، فلا حياة بلا ماء ولا صبر على مماطلات الشركة ومسؤوليها – كما يقول -. نفق مظلم ويعتقد عبدالله المرواني أن أزمة مياه الطائف تتجه نحو نفق مظلم، معتبرا أن أزمة انقطاعات المياه في ازدياد وليست مقتصرة على أحياء ومناطق معينة بل ممتدة إلى قرى وهجر، وقال إن الوضع متدهور وشركة المياه تقف عاجزة على الرغم من المطالبات المستمرة للأهالي والمسؤولين من خلال وسائل الإعلام المختلفة بضرورة احتواء الأزمة إلا أن ذلك لم يحدث، وأضاف المرواني بحسرة: “يبدو أن صومنا على الماء لن يكون فقط طوال النهار خلال هذا الشهر الكريم، بل سيمتد حتى ساعات الليل، وهذا أمر محزن للغاية”. تلاعب واضح ويكشف ثامر الذيابي أحد أساليب التلاعب التي يقوم بها عمال في أشياب الحوية قائلا: “وقفت أمام شبابيك أشياب الحوية، وعمدت إلى قص كوبون طلب لأحد صهاريج الماء، وذهبت إلى غرفة عمليات تحريك الصهاريج لخارج الشيب بحسب الأرقام وفوجئت بأن أحد الموظفين من العمالة الوافدة يدير خطة خروج الوايتات للمواطنين بعد إذنه لها، ففي كل مرة ينادي برقم (مطوّف) لأحد الأشخاص الذين طافهم الدور، بينما يأتي شخص على أنه صاحب الرقم الفعلي أمام الناس ويصطحب (وايت الماء) إلى منزله بطريقة مكشوفة أمام الجميع، بينما مئات الأشخاص الذين قصوا كوبونات تحوي أرقاما عليهم الانتظار لساعات طويلة وربما يصلهم الدور وربما لا يصل أبدا”. بيع وشراء بينما أشار أبو وليد إلى أنه وقف على حالات تلاعب كثيرة، ويضيف على ما قاله الذيابي: “أعتقد أن سبب نداء الوافد بالاسم كإيعاز لسائقي الوايتات (من العمالة الوافدة أيضا) ليسمعوا النداء ويتسابقوا لأخذ الرقم وبيعه في سوق سوداء في ظل غياب تام للمشرفين السعوديين داخل الأشياب”.. ووقفت “شمس” من جانبها على تحرّكات عدد من سائقي الوايتات داخل طوابير الانتظار وبحوزتهم أرقام كوبونات للبيع حيث تركوا صهاريجهم بعد تعبئتها أمام بوّابات الأشياب، ويقومون بالتجوّل داخل طوابير الانتظار لتصيّد زبائنهم ويبيعون لهم الكوبونات بمبالغ عالية أملا في التكسب منهم، مستغلين رغبة المواطنين الصائمين في الخلاص وحاجتهم الماسة إلى الماء، ورغبتهم في الخلاص من طوابير الانتظار وكذلك أشعة الشمس الحارقة.