أثار التوجيه السامي الكريم للملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس الوزراء يحفظه الله، لرئيس هيئة السوق المالية بتطبيق النظام على كل المخالفين في السوق المالية واستدعائهم للتحقيق معهم في مقر السوق المالية في المخالفات المنسوبة إليهم، ورفع قضايا عليهم أمام اللجنة وفق نتائج التحقيق، ارتياحا في أوساط المتعاملين في السوق المالية في المملكة. وقالوا ل«عكاظ» إن التوجيه السامي الكريم يعكس عدالة الملك عبدالله في التعامل مع المخالفين بغض النظر عن شخصياتهم وحيثياتهم طالما ارتكبوا مخالفات في السوق المالية. وأشاروا إلى أن حرص الملك عبدالله على تطبيق العدالة على الجميع بدون استثناء ، من شأنه أن يبث الطمأنينة لدى المتعاملين في السوق ويحقق الشفافية والمساواة بين المواطنين ويجعل تعاملات السوق تعكس واقع اقتصاد المملكة ونتائج أعمال الشركات . وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، قد أجاب رئيس هيئة السوق المالية على كتابه رقم 1/ 1435 بتاريخ 20/4/1433 ه المشار فيه إلى أنه مع عودة الثقة وبداية عودة المستثمرين للسوق وإقبالهم عليه في الوقت الحاضر ، بدأت تعود بعض المخالفات التي تتطلب التحقيق والمحاسبة بما في ذلك رفع قضايا على المخالفين أمام الجهات القضائية المختصة وهي هيئة الفصل في منازعات الأوراق المالية، ولما أشار إليه أن بعض هذه المخالفات ترتكب بأسماء بعض الأمراء ما يستوجب تطبيق النظام عليهم واستدعائهم للتحقيق في مقر الهيئة ورفع قضايا عليهم أمام اللجنة وفق نتائج التحقيق. وفي ما يلي ما قاله المختصون: تحقيق للشفافية بداية قال الدكتور إحسان بو حليقة إن توجيه خادم الحرمين صريح وواضح ويحقق الشفافية ومبدأ العدل الذي ينشده دائما وكان توقيته يأتي في فترة تصاعد المؤشر الذي بدا في تصاعد منذ بداية العام وحقق زيادة في الربع الأول 22 %. وأضاف «الهيئة اتخذت خطوة ممتازة عندما أوقفت الشركات التي لم تقدم قوائمها المالية، ما كان له التأثير الإيجابي بأن الأنظمة تطبق بحق الجميع وإشارة لها دلالات لمن يرغب في الدخول إلى السوق فعليه التفكير قبل الاندفاع العاطفي جريا وراء الآخرين للبعد عن الخطر والمخاطرة». تأكيد للمساواة والعدالة وأشار الدكتور نايف الشريف أستاذ القانون التجاري في جامعة الملك عبدالعزيز، إلى أن توجيه خادم الحرمين الشريفين يؤكد مبدأ المساواة والعدل بين المواطنين وأن الجميع سواسية أمام الشرع والنظام ومن يخالفهما يطبق عليه تأسيا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، لذا فإن الملك بحكم مسؤولياته أمام الله أولا ثم أمام أبناء شعبه يريد أن تطبق العدالة على الجميع، وبالتالي لا يوجد محاباة في تطبيق النظام، ومن هنا نجد أنه خطابه لرئيس هيئة سوق المالية تأكيد لسياسته ومنهجه الثابت في تطبيق العدالة وأنه لا يوجد شخص فوق النظام فالجميع سواسية. وقال «من المعلوم أن نظام سوق الأوراق المالية يتطلب الشفافية والعدالة في تطبيق أحكامه والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه مخالفة نظام السوق ولوائحه وهذا بالتالي سوف يحقق العدالة لجميع المساهمين في السوق. ونثمن خطاب خادم الحرمين الشريفين ونطلب من هيئة سوق الأوراق المالية أن تقوم بدورها على أكمل وجه وأن تكشف لجميع المساهمين أسماء المخالفين وطبيعة مخالفاتهم لتحقيق الروح المناسبة بما يحقق اعتبارات المصلحة العامة. وقال الدكتور خالد الحارثي رئيس مركز آراك للدراسات والاستشارات إن رؤية خادم الحرمين الشريفين تهدف إلى الإصلاح الذي يحث عليه دائما ويريد من الجميع تطبيق مبدأ الشفافية في قيادته الحكيمة. ولعلنا نتذكر بعد إعلان الميزانية في العام الماضي عندما خاطب الوزراء، كان حديثه لهم بكل شفافية وشدد على عدم تأخير المشاريع وعدم إهمالها حرصا منه على راحة المواطن والمساواة بينهم. وأضاف «إن توجيه الملك يأتي لسد الثغرات التي كان لها تبعات واستقراء ما حدث في الفترة الماضية والتي شهدها سوق المال وأن أي تلاعب ومجاملات وتدليس يحدث في هذه الفترة، فإن الضحية هو المواطن وتجربة 2006 ليست ببعيدة، هذا ما يستحق التأمل والوقوف عنده. وأشار بأن خطاب الملك لرئيس هيئة سوق المال ليس بغريب من رجل قيادي وحاكم عادل ويحرص على تحقيق مفهوم المساواة الذي هو من أسس الشريعة الإسلامية التي يتبناها الملك عبدالله، ومن هنا الدور على هيئة سوق المال للقيام بالدور الرقابي وتطبيق لائحة حوكمة الشركات دون المجاملات، ودون السماح لاي تجاوزات تعزز بالمواطن البسيط كما أن تقوم بدور توعوي لزيادة الوعي الاستثماري لدى المواطنين والافراد الذين يسيطرون على 93 % من حجم التداول. واعتبر فضل البوعينين اقتصادي أن مضمون الخطاب يؤكد على تطبيق النظام والقانون، ويجب أن يكون نافذا على الجميع دون تمييز بين مرتكبي المخالفات، ويجب أن تنظر جميع الوزارات الحكومية لهيئة السوق على أن النظام يجب أن يكون عادلا مستقلا وشفافا، بما يضمن تحقيق المساواة والعدالة التي يؤكد عليها خادم الحرمين الشريفين ويشدد عليها دائما. ومن وجهة نظر خاصة، اعتقد أن المسؤول يجب ان يعتمد في الأساس على النظام الصادر وتطبيقه دون مخالفة بغض النظر عن العقبات التي يمكن أن يصطدم بها، فنجاح الأمم وتقدم الحضارات يعتمد بعد توفيق الله على تحقيق العدل والنظام وفق أنظمة صريحة وواضحة تطبق على الجميع. وأضاف البوعينين: اعتقد أن خطاب الملك الموجه لرئيس مجلس هو أكبر دعامة لسوق المال التي تنشد عدالة التداول والمساواة في تطبيق النظام على كل من يخالف في السوق كائنا من كان وهذا يعطي المتداول البسيط وصغار المستثمرين ثقة أكبر بالحماية التي توفرها لهم هيئة السوق المالية والمستمدة من الأنظمة والمدعومة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين النافذة، ولعلنا نتذكر على سبيل المثال إيقاف 3 شركات في سوق المال ربما كانت انعكاسا على تطبيق النظام على الجميع، ولكن ما ننتظره إيقاع العقوبات على من تسبب في الإضرار بمصالح صغار المستثمرين من خلال التلاعب في بعض أسهم المضاربة التي شهدت أسعارها ارتفاعات حادة وانهيارات مؤلمة للمستثمرين بدأت من 22 ريالا إلى 260 ريالا ثم انهيار الأسعار إلى 55 ريالا والأمر ثم تعليق السهم عن التداول». وأشار إلى أنه يفترض ان تكون هناك نظرة إيجابية من قبل السوق والمتداولين بشكل عام بما يدعم استقرار السوق لا أن يحدث مثل هذه الربكة في تداولاتها اليومين الماضيين على أساس أن التأكيد على عدالة التداولات ونزاهته أمر ايجابي وهو ما ننتظره من هيئة السوق.وقال «خطاب الملك واضح إذ إنه لا يريد للتجارب الماضية أن يعاد استنساخها مرة أخرى ويكون المتضرر الأول منها صغار المستثمرين والمتداولين في السوق والمجتمع بأسره». أجواء إيجابية وقال حسين الخاطر محلل مالي : إن مبدأ تطبيق العدالة على الجميع سيخلق أجواء إيجابية على السوق المالية على المدى البعيد، مضيفا أن السوق سيصاب بحالة من الهلع والخوف في بداية تطبيق مبدأ العدالة على المتعاملين، مبينا ان الجميع لمس مدى الخوف الذي أصاب السوق في تعاملات يوم الأحد الماضي بمجرد العلم بالخطاب الموجه من خادم الحرمين لرئيس هيئة السوق بضرورة تطبيق العدالة على الجميع دون استثناء، مؤكدا أن الانعكاسات الايجابية في حال تطبيق العدالة الشاملة ستكون في غضون الأشهر الستة المقبلة، خصوصا وأن مثل هذه الأنظمة تتطلب فترة زمنية حتى يتلمس المتعاملون الآثار الايجابية الناجمة عن تفعيل الانظمة والتشريعات. وطالب بالحزم في القرار خصوصا ان الفترة الحالية ستسود السوق حالة من عدم الاستقرار وبالتالي تذبذب واضح في أسعار الأسهم المتداولة، لاسيما وان السماسرة والمضاربين الذين يمارسون بعض الممارسات غير القانونية سيحجمون عن التداول والبحث عن ثغرات ومخارج للتلاعب على النظام. وأشار إلى ان هيئة السوق المالية تمتلك القدرة على المراقبة بالإضافة لامتلاك الأنظمة و التشريعات اللازمة لتحقيق العدالة والشفافية على الجميع، بيد ان المشكلة تكمن في تفعيل وإيجاد الآلية المناسبة للمراقبة وتطبيق الأنظمة، مؤكدا ان تفعيل آليات المراقبة وتطبيق الأنظمة يتطلب قرارات حاسمة، وجاء توجيه خادم الحرمين الشريفين لتطبيق مبدأ العدالة ليعزز هذا الاتجاه بأن الجميع سواسية والنظام سيطبق بحذافيره على كائن من كان دون تفرقة. وذكر أن هيئة السوق المالية بدأت فعليا في معاقبة المخالفين، حيث تصدر بين فترة وأخرى قرارات بفرض غرامة مالية على المتداولين و كذلك على الشركات التي تأخرت عن إصدار البيانات المالية في الوقت المحدد أو عمدت لتسريب بعض المعلومات، مما يشكل مخالفة صريحة للنظام. بدوره أوضح أمجد البدرة محلل مالي أن الآثار الايجابية لقرار خادم الحرمين الشريفين بتطبيق العدالة على الجميع يمكن أن يتلمس الجميع أثره، في حال مارست هيئة السوق المالية دورها في المراقبة والتنظيم بكل حزم، للحيلولة دون حدوث اهتزازات قوية تطيح بالمكاسب التي حققها المؤشر خلال الفترة القليلة الماضية، مطالبا صغار المستثمرين بالعزوف عن شراء أسهم «الخشاش» التي رفعها المتلاعبون لمستويات سعرية غير مقبولة على الإطلاق، مبينا ان هناك اتجاها قويا للعزوف عن الشراء في تعاملات «أمس الاثنين» فحجم السيولة في تراجع مستمر مما يدفع على وجود قناعة بعدم شراء أسهم «الخشاش».