شهدت السوق المالية السعودية مراحل مختلفة في تطورها ووضعت هيئة السوق المالية بعد إنشائها عام 2004 م أحدث الأنظمة وطبقتها على جميع المتداولين والمتعاملين في السوق ليشعر المستثمر بالأمان والثقة والعدالة. واتخذت الهيئةُ العديدَ من الخطواتِ المهمة لاستكمالِ الجانبِ التنظيمي في السوق وتأسيس ثقة مستدامة بها وأصدرت 14 لائحةً تنفيذيةً لنظام السوق المالية وأصبحت نافذة بعد استقراء آراء المختصين والمهتمين وعمومِ المستثمرين تشمل هذه اللوائح إجراءات الفصل في منازعات الأوراق المالية، مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الاندماج والاستحواذ، صناديق الاستثمار، صناديق الاستثمار العقاري، حوكمة الشركات، أعمال الأوراق المالية، الأشخاص المرخص لهم، سلوكيات السوق، طرح الأوراق المالية، التسجيل والإدراج، قائمة المصطلحات المستخدمة في لوائح هيئة السوق المالية وقواعدها. وتأتي الخطوات التنظيمية والهيكلية المتلاحقة من الهيئة استناداً إلى أنّ للسوق المالية دوراً مهماً في تعزيزِ الاقتصاد الوطني وتوفيرِ التمويل اللازم لقطاع الأعمال حتى يقومَ بدوره في النمو الاقتصادي، وهي جوانب تتسق مع الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله. وشملت الخطواتُ التنظيمية التي تنفذها هيئة السوق المالية تطوير البنية التحتية للسوق المالية إذ طُرحت أدواتٌ ماليةٌ جديدة لتحسينِ بيئةِ الاستثمار المؤسسي، ونُظمت أعمالُ الوساطة وأُصدرت التراخيصُ للشركاتِ الاستثمارية إلى جانب تطوير سوقِ الإصداراتِ الأولية بهدفِ توسيع قاعدةِ السوق وتوفير المزيدِ من الفرصِ الاستثمارية. واتخذت الهيئة عدداً من الخطوات المهمة لاستكمال الجانب التنظيمي والتطويري في السوق المالية على مدى السنوات الخمس الماضية عبر تطوير شامل للبنى التحتية للسوق المالية بمختلف جوانبها التنظيمية والتشريعية وطرح الأدوات المالية لتحسين بيئة الاستثمار المؤسسي وتنظيم أعمال الوساطة من خلال إعادة هيكلة قطاعات السوق وتقسيمها إلى قطاعات بحسب طبيعة نشاط كل شركة وهيكل إيراداتها وأرباحها. كما استحدثت مؤشرات جديدة تعكس بشكل أفضل التغيّرات السعرية لأسهم الشركات المدرجة ويُحسب المؤشر العام للسوق والمؤشرات القطاعية بناءً على الأسهم القابلة للتداول "الأسهم الحرة". وإلى جانب تطوير الهيئة لسوق الإصدارات الأولية بهدف تعميق السوق المالية وتوسيع قاعدتها وتوفير مزيد من الفرص الاستثمارية أجرت الهيئة تقييماً للإجراءات المتبعة في عملية الطرح من أجل تحديد السعر العادل للأوراق المالية المطروحة ونتيجة لذلك طبقت طريقة بناء سجل أوامر الاكتتابbook building التي يُخاطب من خلالها المستثمرون من المؤسسات الاستثمارية قبل تسعير الطرح العام لمعرفة حجم الطلب المتوقع والسعر العادل للورقة المطروحة. ولتوفير وسائل استثمار وقنواتِ تمويلٍ جديدة أنشئت سوق مالية لتداولِ الصكوكِ والسنداتِ في المملكة وأُقرّت كذلك قيامَ الأشخاصِ المرخصِ لهم بإبرامِ اتفاقياتِ مبادلةSwap Agreements مع الأشخاصِ الأجانبِ غير المقيمين سواءً أكانوا مؤسساتٍ ماليةً أم أفراداً وطرحت أيضاً آليةً لتداولِ صناديقِ المؤشراتِ المتداولة ETFs تتضمنُ السماحَ للمستثمرين الأجانبِ من غير المقيمين بتداولِ وحداتِها. ولتحقيق أعلى نسبة من الشفافية والعدالة أولت هيئةُ السوق المالية الشفافية أهمية قصوى إيماناً بأنّ الشفافية عنصر أساس في إيجاد بيئةٍ آمنةٍ و جذابةٍ للمستثمرين وانعكست الخطوات التي اتخذتها في هذا الجانب على مستويات الإفصاح في الشركات المدرجة، فلدى السوق السعودية أعلى نسبةٍ من الشفافيةِ والإفصاح في المنطقة وهي السوقُ الوحيدةُ التي تنشرُ فيها جميعُ الشركاتِ المدرجة نتائجَها المالية في الوقت المطلوب في الوقت الذي يبلغ عددُ الشركات المدرجة في السوق حالياً 148 شركة تزيد القيمة الأسمية لأسهمها المصدرة على 1.5 تريليون ريال. وفي إطار سعي الهيئة إلى توفير الحماية والعدالة والمساواة للمستثمرين في السوق المالية وحمايتهم من الممارسات غير العادلة أنشأت نظاماً إلكترونياً لمراقبة تعاملات السوق من أجل رصد حالات التنبيهات ومخالفات نظام السوق المالية. وانعكست هذه الجهود التشريعية والرقابية على نشاط وتعاملات السوق المالية إذ تُظهر البيانات انخفاض المخالفات المصنفة تحت "تلاعب وتضليل" في سوق المال بنهاية العام الماضي بنسبة 7.3 %لتسجل 38 مخالفة منخفضة من 41 مخالفة عام 2009 م وشكلت 15 %من إجمالي المخالفات التي رصدتها الهيئة في سوق المال واستدعت مرتكبيها وحققت معهم وفق نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية. وفي الوقت نفسه تراجعت مخالفات "تملك نسب دون إشعار الهيئة" بنسبة 25 % لتسجل بنهاية العام الماضي ثلاث مخالفات تمثل 1.2 % فقط من إجمالي المرصود في سوق المال وأكدت هيئة السوق المالية أنها ستتصدى لجميع أشكال التلاعب والمخالفات في سوق المال استناداً إلى أحكام نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية التي صدر منها حتى الآن 13 لائحة. تجدر الإشارة إلى أن المادة التاسعة والأربعين من نظام السوق المالية تعدّ من يقوم عمداً بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجِد انطباعاً غير صحيح أو مضللاً بشأن السوق أو الأسعار أو قيمة أيّ ورقة مالية بقصد إيجاد ذلك الانطباع أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أيّ حقوق تمنحها هذه الورقة أو الإحجام عن ممارستها مخالفاً لأحكام النظام. وكذلك حظرت المادة الثانية من لائحة سلوكيات السوق الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية على أيّ شخص القيام أو المشاركة في أيّ تصرفات أو ممارسات تنطوي على تلاعب أو تضليل فيما يتعلق بأمر أو صفقة على ورقة مالية إذا كان ذلك الشخص يعلم بطبيعة التصرف أو الممارسة أو إذا توافرت أسس منطقية تتيح له أن يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة. وحظرت على أيّ شخص القيام بشكل مباشر أو غير مباشر بإدخال أمر أو تنفيذ صفقة على ورقة مالية بهدف تكوين انطباع كاذب أو مضلل بوجود نشاط تداول في الورقة المالية أو اهتمام بشرائها أو بيعها أو بهدف تكوين سعر مصطنع لطلب أو عرض أو تداول الورقة المالية أو أيّ ورقة مالية ذات علاقة. وفي إطار الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها الهيئة هذا العام لزيادة فاعلية الجمعيات العامة للشركات المدرجة وضمان حقوق المساهمين لا سيما فئة الصغار منهم بدأت في تطبيق آليات التصويت التراكمي لاختيار مجالس إدارة الشركات خلال الجمعيات العامة وكذلك التصويت عن بعد "التصويت الإلكتروني" للمشاركة في البنود المطروحة أمام الجمعية. ويمنح التصويت التراكمي الذي بدأ العمل به في أعمال الجمعيات العامة صغار المساهمين الحقّ في اختيار أعضاء مجلس الإدارة إذ يعطي هذا النوع من التصويت كلَّ مساهم قدرة تصويتية بعدد الأسهم التي يملكها بحيث يحقّ له التصويت بها لمرشح واحد أو تقسيمها بين من يختارهم من المرشحين دون وجود تكرار لهذه الأصوات ويزيد هذا الأسلوب من فرص حصول مساهمي الأقلية على تمثيل لهم في مجلس الإدارة عن طريق تركيز الأصوات التراكمية على مرشح واحد. ويهدف حقّ "التصويت عن بعد" إلى زيادة حجم وتسهيل مشاركة المساهمين في اجتماع الجمعيات العامة ومن ثم رفع كفاءة وفاعلية تلك الاجتماعات وبموجب هذه الآلية يستطيع المساهم ممارسة حقّ التصويت دون الحاجة إلى الحضور إلى مقر انعقاد الجمعية والمساهمة في ضمان اكتمال النصاب وانعقاد الجمعيات إلى جانب خفض مصروفات الشركات المدرجة الناتجة عن عدم انعقاد الجمعيات في الأوقات المحددة لها. وقد تُوجت إنجازات الهيئة لتطوير السوق المالية بقبول ملف انضمامها عضواً كاملَ العضوية ضمن الأعضاء العاديين ال114في المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الآيوسكو) اعترافاً بما وصلت إليه الهيئة من قدرة تنظيمية وإشرافيه ورقابية على السوق المالية السعودية. وفي مجال تعزيز التعاون والترابط بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية وتحقيق التكامل الاقتصادي بينها وإنفاذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ الرابع عشر من شعبان 1428 ه أقرّ مجلس الهيئة تطبيق مبدأ المساواة التامة بين مواطني دول المجلس والمواطنين السعوديين في مجال تملك الأسهم المدرجة في السوق وتداولها ابتداءً من 12/9/1428ه الموافق 24/9/ 2007 م. ولم تُغفل الهيئةُ مسؤوليتها في توعيةِ المستثمرين إذ ابتكرت برامج وأنشطة توعوية لشرائح المجتمع كافة بمختلفِ فئاتها العمرية وتشملُ هذه الأنشطةُ والبرامج المعارضَ التوعويةَ المتنقلة في الأسواقِ التجارية والجامعاتِ والمدارس وخُصصت كذلك برامجُ توعوية للتشريعات موجهة لمسؤولي الشركاتِ المدرجة.