كتب الأستاذ علي مكي (الشرق: 101) مقولة تنبعث منها رائحة التنديد لمن يقدمون على تعدد الزوجات لمجرد المتعة والشهوة. وأن هذه المتعة هي آخر ما اهتم به الشرع الحنيف وأن الإباحة التي جاءت في القرآن الكريم إنما تكون في حالات مثل جبر الخاطر في حق اليتيمة أو التوسعة والتيسير ورفع الضنك في حق الفقيرة، وإلا فالأصل عدم التعدد لاستحالة العدل من سائر النواحي المادية والمعنوية كما قال. والعدل شرط أساسي لإباحة التعدد وطالما أن هذا مستحيل لقوله تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) فإن هذا التعدد لا يجوز إلا في الحالات التي ذكرها مثل اليتيمة والفقيرة وفرض المسألة هنا أن مع الفقيرة واليتيمة يتحقق العدل ومع غيرها لا يتحقق وبالتالي لا يجوز، وهذه مقولة مليئة بمغالطات وهو يلوم الذين يلوون أعناق الآيات لتبرير التعدد ومقولته من أولها إلى آخرها لي وتسخير لآيات الله لخدمة ما يريد. في جانب المرأة والمرأة في شرع الله غنية كل الغنى عن مثل هذا فالعدل الذي اشترطه الزميل علي مكي أن يكون شاملا للنواحي المادية مثل المبيت والنفقة والسكنى، والمعنوية مثل المودة والحب مردود عليه بما روته عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري باب النكاح (67) من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. قال الترمذي فيما نقله ابن حجر في الفتح 100/67 يعني في الحب والمودة وقال العيني في عمدة القارىء شرح صحيح البخاري فيما أملك أي في ما قدرتي عليه مما يدخل تحت القدرة والاختبار بخلاف ما لا قدرة عليه من ميل القلب. ونقل ابن حجر في الفتح عن ابن عباس في الآية (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) قال إنها في الحب والمودة وهذا أمر طبيعي وجبلي فإن أفعال القلوب مثل المودة والحب والكره لا تأتي بمشيئة المرء واختياره. وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يميل كثيرا إلى عائشة دون سائر نسائه حتى أن سودة بنت زمعة وهبت ليلتها لها لتتقرب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام. فكيف يكون العدل واجبا في كل الاعتبارات ثم من أين جاء الأخ علي بأن التعدد لا يجوز لمجرد المتعة والشهوة وكتاب الله مليء بحشد من الآيات التي تقر وتبيح النكاح لمجرد هذا المطلب الجبلي الطبيعي الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في هذا الإنسان مثل قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وهل ثم رغبة مستطابة إلا لهذه المتعة وقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن) وقوله عليه الصلاة والسلام (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) وقوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) وقوله تعالى (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة) وبدأت الآية بحب الشهوات من النساء فوق كل اعتبارات الذهب والفضة والحرث والأنعام، فجاء حب النساء أول ما جاء في قلب الرجل وما فتىء الرجل يشتهي المرأة وإن كان عنده منهن أوفر الحظ والنصيب وقد توفي علي رضي الله عنه عن أربع زوجات وست عشرة سرية.. إن التعدد هو القاعدة والاقتصار على واحدة كأنه هو الشاذ، فالمشرع ماخاطب الناس في أمور تتعلق بالزوجة إلا بصيغة الجمع. ويقول ابن مسعود لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها ولي طول النكاح فيهن تزوجت. فليس هناك علاقة مباشرة بين التعدد والعدل، ثم هل ما بقي من الفضائل شيء أتينا بها جميعا وطفقنا نبحث عن فضيلة العدل بين الزوجات وتنزهنا عن كل الرذائل حتى لم يبق شيء سوى التنزه عن تفضيل ليلى على سعاد، لا يأتي الظلم من التعدد وإنما من زوج ظالم أسير نزواته. وفي تفسير «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء» أي في الحب والجماع وإن أمكنت التسوية بينهن في الجماع كان أحسن وأولى. ولا تجب التسوية بينهن في الاستمتاع بما دون الفرج من القبل واللمس لأنه إذا لم تجب التسوية في الجماع ففي دواعيه أولى، إذن فالعدل المنشود في متناول الناس وإن كانوا من غير الموسرين. فاكس: 6975040 E. Mail: [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة