حينما أباح الإسلام للرجل المسلم أن يتزوج بأكثر من زوجة واحدة إلى أربع لم يكن ذلك على إطلاقه وإلا لكانت المرأة أشبه بسلعة من السلع أو متاع من الأمتعة يتحكم بها الرجل كيفما شاء وإذا أمعنا النظر في الشريعة الإسلامية نرى أن التعدد لم يجعله الله سبحانه وتعالى أمرا يتعبد به المسلم كالعبادات الأخرى المفروضة كالصلاة والصيام والزكاة فيلزم المتزوج نفسه بأكثر من واحدة ليحقق بذلك شعيرة من شعائر دينه، وإنما كان التعدد مباحا كالمباحات التي شرعها الله لعباده عند الضرورة مراعيا لظروف خاصة كأن تكون الزوجة الأولى عقيمة لا تلد أو مصابة بمرض لا تصلح معه المعاشرة الزوجية أو أن تكون سليطة اللسان، وأما إذا لم تكن الزوجة الأولى في أي حالة من الحالات المذكورة ويرغب الزوج التزوج بزوجة ثانية وثالثة ورابعة ويجد في نفسه القدرة على ذلك فلا يوجد مانع شرعي إلا إذا خاف على نفسه ألا يعدل بينهن قال تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)، ويقول سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيما، وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً). والعدل المفروض على الزوج هو في كل أمر حسي كالمسكن والمأكل والملبس وقد اشترط الإسلام العدل الحسي بكل مظاهره ومن ذلك المبيت والمساواة في كل شيء وأن يتحكم في ميوله القلبية بقدر ما يستطيع نحو هذه الزوجة أو تلك فيهدر حقها فتصبح كالمعلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، ولكن قليل جدا من الرجال الذي يتحكم في ميوله، وفي الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي رُوي مرسلا عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) يعني القلب.