تجاوز الرئيس السوري بشار الأسد في تصريحه عقب إدلائه بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد تباهي الجنرال الإيطالي الدكتاتور غرازياني في ليبيا الذي كان يستمتع بتصويره فوق أكوام الجماجم، مرددا شعار موسوليني الداعي لرفع علم الفاشية إلى «السماء». الرئيس السوري الذي أراد مماشاة غرازياني، لم يراع جراحات شعبه في هذا اليوم المسرحي الطويل الذي ضبط جنراله وزير الداخلية اللواء محمد الشعار الحاكم العسكري السابق في لبنان. نسب التصويت فيه لتكون أكثر ملاءمة للتعديلات الشكلية في مسيرة حكم سوريا إلى الأبد. لكن اللافت أن التصويت وإن تم في غالبه أمام عدسات الكاميرات وعيون الاستخبارات المنتشرة داخل وحول مراكز الاقتراع إلا أنه حمل «تسامحا» غير مسبوق تمثل في أن يضع «من غير قصد» طبعا بطريرك انطاكية وسائر المشرق اغناطيوس الرابع هزيم ورقتين متتاليتين في استفتائه في غمرة انشغاله بالإجابة عن أسئلة الصحافيين وحضورهم اللافت لدى إدلائه بصوته. في مطلق الأحوال فإن الرئيس السوري بشار الأسد بات غير قادر وهو المحاط بجنرالات المال والفساد على قراءة المشهد السياسي العربي والدولي، إذ إن الأمور تتجه لمزيد من إنضاج طبخة التسوية في سوريا على إيقاع تفادي الضرر الأكبر على المنطقة وما الموقف الهام لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مقابلته الأخيرة مع جريدة «عكاظ» إلا مؤشر على خسارة الأسد للأرض قبل السماء. يضاف إلى ذلك اللغة الهادئة التي حملتها كلمة المندوب الروسي في لجنة حقوق الإنسان التي دعت الحكومة السورية للتعاون الأكيد مع الصليب الأحمر مع ترحيب روسي غير مسبوق بتعيين الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان كمبعوث خاص مشترك للأمين العام الأممي، وجامعة الدول العربية. فهل ندخل مرحلة إنضاج مناخات التسوية في الملف السوري بعد انتخابات روسيا الاتحادية، أم تدخل سوريا في المجهول الأمني مع ما يعنيه ذلك من سقوط تام للكيان وليس تهاوي النظام وحسب؟ • رئيس مركز طرابلس للدراسات بيروت