ثمة هاجس يقول بأنني طالبت يوما ما المثقف _أي مثقف_ بأن يصير ملقوفا يحشر نفسه بين الناس ليستوعب خواصهم، ويبدو أن هناك من قام بتطبيق اللقافة مع شيء من الحصافة والكياسة والوعظ الأدبي. * أن يمسك مثقف عديم الحجم مطلق الكثافة منبر الواعظ هذا يعني أن التزاماته تكومت إلى ما يشبه أرطال من الصخب والحدة وبذاءة اللسان والهراء الخلاب وشيء من مثل هذا. لكنني سأعتمر الوعظ مثله تماما وأقول في خفر: ابحث عن الثغرة التي تتسع فلا تضيق، الناس هنا بحاجة لتقويم معيشتهم ودع ما لله لله، العالم ينتظر منك سيلا رهيبا من الحبر يتولى مطالبات سخية لتحقيق مطلبهم المعيشي. * أن يخلط المثقف الملقوف الحقيقة بالكذب لتضليل العوام على طريقة قشور البطيخ التي يقلونها في أيام الموالد مع السمك فيأكل الناس هذا الخليط على أنه سمك هذا ليس بمثقف واع، هذا مرطبان يصلح لحفظ الخلائط عسيرة الفصل لا أكثر. * المثقف إن لم يكن أداة لتكبير صوت المعاناة فلا يحسن به أن يكون أداة لتضخيم صوت (الأنا أنا ومن بعدي الجدعان). * المثقف حين يحيل التفصيليات والذرات متناهية الصغر لعموميات ضخمة تسبب الذعر وتستجلب ألف فكرة غير بريئة من تعميمه فهو لم يتعلم فن الدقة في التوصيف بعد. * حين يجعل من تراكمات عقله الباطن إيمانيات وحيلا لالتصاق الجمهور الرقيع به فقد أساء لهذا الرقيع أولا ثم لنفسه. * حين يختار أن يكون إعصارا يقتشع حتى المسامير من أجل أن يسمع حسيس التصفيق الشعوبي ويلهج بعقيدتهم ويختصر عليهم عناء البحث، ويوارب الباب دونهم حتى لا يروا صخب الساحة بأنفسهم فقد اصطك الحس الشعبي المرهف هتافا مناسبا له، لكن هذا المثقف أخفق على كل حال حتى لو طالت المدة الزمنية لهذا الهتاف والتصفيق. * وحين ينبري مثقف آخر لاستجواب مثقف قد زلت لسانه في حين أن هذه الزلة لا تكاد ترى إلا بعد لبس العوينات واستعمال المجاهر ستكون دعائم مشروعهم التنويري المزعوم هذا مجرد (قطع هاوية من الملاقيف تثرثر). [email protected]