بدأ مجلس الشعب المصري أعماله بعد انتخابات استمرت شهرين، و قد كشفت نتائجها عن ملامح هذا المجلس الذي سيتولى اختيار اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور، و من أهم تلك الملامح نجاح الأحزاب الإسلامية في التأثير على سيطرة القبائل على الخريطة السياسية، حيث أطاحت بسطوة القبائل في محافظتي قنا و أسوان فضلا عن اهتزاز سيطرة القبائل في سيناء حيث تساوت نسبة الفائزين من القبائل مع ما يسمى بالوافدين، وذلك بتأثير واضح للتيار السلفي بالدرجة الأولى الذي نجح في أن يكون عابرا للقبلية بالأضافة إلى حصول سبعة من المصريين الأقباط على عضوية مجلس الشعب، وهي نسبة لا ترتقي إلي ما كان مأمولا، وإن كان بعض المراقبين يرون أن نجاح بعضهم ارتبط بالدرجة الأولى بوضعهم على رأس القوائم الحزبية للأحزاب التي رشحتهم. ولقد افتقد البرلمان الجديد ظاهرة الوزراء الأعضاء والتي كانت سمة أساسية في معظم البرلمانات السابقة وقد أدت إلي التداخل والخلط بين المسؤولية الوزارية كعمل تنفيذي والمسؤولية البرلمانية كعمل تشريعي ورقابي فضلا عن حدوث تغيير واضح وتجديد في عضوية مجلس الشعب تجاوز حوالى 90 % تقريبا وهو ما يعني غياب معظم الكوادر التي حظيت بالعضوية في الدورات السابقة ودخول شخصيات جديدة على العمل البرلماني التشريعي. والملاحظ أيضا فشل المرأة المصرية في تأكيد حضورها فبالرغم من ترشح عدد 498 سيدة في هذه الانتخابات إلا أن العملية الانتخابية لم تسفر إلا عن فوز 15منهن فقط، واللافت للنظر أن معظمهن نجحن على قوائم التيار الإسلامي، وهو ما يعني فشل الكوادر الليبرالية من النساء في الوصول إلى المجلس. إلى جانب فشل 21 حزبا من تحقيق النسبة المطلوبة ودخول المجلس وهو ما يعني افتقاد تلك الأحزاب التي تأسست بعد الثورة للثقل الشعبي، و يرجح اختفاء عدد كبير منها عن الساحة السياسية المصرية خلال السنوات المقبلة. هكذا يبدو المجلس الجديد الذي امتلك التيار الإسلامي الأغلبية فيه، و ينتظر الجميع أداء هذا التيار، و هل ستترجم أغلبيته من خلال هذا الأداء أم سيكون أكثر مرونة و يحرص على التوازن السياسي. • نائب مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط القاهرة.