تواصل أمس نزف المنطقة التاريخية في البلد التي كادت أن تخسر أمس عدة بيوت أثرية عندما اشتعلت النيران على سطح بيت المنوفي الأثري في سلسلة حرائق طالت الموقع التاريخي طوال الفترة السابقة. ويبحث محققون في الدفاع المدني عن فرضية الحريق العمدي في المنزل الأثري، إذ أشارت تكهنات إلى وجود مصدر حراري بطيء الاشتعال على سطح المنزل ما يرجح فرضية الفعل العمدي. سيناريو الحريق الجديد بدأ بوصول نداءات استغاثة إلى غرفة عمليات الدفاع المدني عن حريق مفاجئ في بيت المنوفلي الأثري وفي الحال انطلقت إلى المكان 8 فرق إطفاء لمباشرة الحدث الطارئ في منطقة شعبية كثيفة الازدحام وثرية بالمنازل الأثرية مثل بيوت الجخدار، آل نوار، الشعراوي، الخميس، مقر عمدة حي الشام إلى جانب مكاتب السياحة والآثار وبلدية جدة التاريخية. وحرصت فرق الإطفاء على توفير الحماية لتلك المقرات التاريخية حيث فقدت منطقة البلد في الفترة القريبة الماضية نحو 10 منازل أثرية عالية القيمة التاريخية. عدسة «عكاظ» رصدت ظهر أمس عمليات المقاومة الكبيرة لألسنة النيران واللهب حيث شرع عدد كبير من العناصر معززين بآليات ومعدات متطورة في تطويق النار ومنع ألسنة اللهب من التمدد والانتقال إلى المنازل المجاورة. وعمد الإطفائيون إلى أسلوب الإغراق من بعد والعمل على ضمان عدم انهيار البناية المشبعة بالمياه ونتج عن ذلك تأخير في عمليات السيطرة والتطويق. وذكر ل «عكاظ» مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي، أن طبيعة المبنى ومواده الأساسية أسهمت في زيادة وطأة النيران وتم تسليم الموقع إلى الجهة المختصة في أمانة جدة لحين إصدار تقرير هندسي يؤكد صلاحية المبنى ومدى سلامته من الناحية الفنية. وأبلغ المتحدث الإعلامي في المديرية العامة للدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة المقدم عبدالله العمري، أن الحريق اشتعل على سطح منزل تاريخي مهجور من الطراز القديم مكون من دورين و باشرت أعمال الإطفاء ثمانية فرق. «عكاظ» تواجدت في مسرح الحدث، ورصدت عمليات التحقيق التي يشرف عليها مدير شعبة العمليات العقيد عبدالله الجعيد ويقودها رئيس قسم التحقيقات العقيد عبدالله الزهراني إلى جانب النقيب عبدالعزيز الجعيد. وشرع فريق التحقيق في استدعاء كافة المعنيين من وزارة الأوقاف باعتبارها الجهة المشرفة على المبنى حيث استئجر لأحد المستثمرين قبل نحو 15 عاما وتقدم مؤخرا بطلب إلى بلدية جدة التاريخية أبدى فيه رغبته في هدم المبنى وبنائه مجددا. وهو ما يخالف التعليمات التي تقضي بضرورة المحافظة على نسق ومباني المنطقة التاريخية والاهتمام بها ومنع أي عمليات إزالة أو أحداث وذلك وفقا لمدير عام السياحة والثقافة في أمانة جدة ومدير بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار. وأشار نوار ل «عكاظ» إلى أن الحريق كان من الممكن أن يتحول إلى كارثة لو امتدت النيران إلى 8 مباني أثرية مهمة وأبان إن المنزل لا توجد به كهرباء كونه مهجورا إلا أن النيران نشبت في السطح «وهو ما يثير الريبة». وقال مدير بلدية جدة التاريخية إن هناك قرارا بفصل التيار الكهربائي عن كافة المنازل المهجورة في المنطقة التاريخية بهدف منع استغلالها من قبل ضعاف النفوس ولمنع الالتماسات الكهربائية. وزاد نوار أن المنزل المحترق أمس مصنف ضمن مواقع أثرية ذات قيمة كبيرة في محافظة جدة. وطبقا للمصادر فإن المنطقة التاريخية خسرت أكثر من 200 موقع أثري بالاحتراق أو الإنهيار.