تواصل مسلسل حوادث المباني التاريخية في جدة، بعد أن التهم حريق أجزاء من منزل ريري الأثري، والمصنف في الدرجة الثانية بين المباني الأثرية، إثر اندلاع النيران في الدور الثاني من المبنى في ساعة مبكرة من فجر أمس، قبل أن تنجح فرق الإطفاء في إخمادها. وأبلغ مواطن من سكان المبنى الأجهزة الأمنية عن الحادث، عندما شاهد ألسنة النيران تلتهم رواشين المنزل، مواصلة ارتفاعها نحو الأدوار العليا، قبل أن يشرع في تنبيه السكّان الآخرين ليخرجوا من المبنى، فيما وصلت فرق إطفاء تابعة للدفاع المدني في جدة، وباشرت بدورها إخماد الحريق. وأكد ل «عكاظ» مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي، أن فرق الإطفاء واجهت حريقا مستعرا بسبب طبيعة المواد الخشبية المكونة للمبنى التاريخي، موضحا أن فرقا أرضية عمدت إلى عزل المبنى المشتعل عن بقية المباني الأثرية المجاورة، في الوقت الذي نجح فيه رجال الإطفاء في الدخول إلى المبنى عن طريق السلالم، وتمكنوا من السيطرة على الحريق وإخماده في غضون ساعة من اشتعاله، وأكد أن فرق الإطفاء حافظت على المبنى من الآثار السلبية أثناء عملية إخماد الحريق، مشيرا إلى أنه جرى تسليم الموقع إلى الجهة المختصة في بلدية جدة التاريخية، مع التأكيد على ضرورة منع عودة السكان فيه إلى حين إصدار تقرير هندسي يؤكد سلامة المبنى وأهليته للسكن. وأوضح الناطق الإعلامي في المديرية العامة للدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة الرائد عبدالله العمري، أن خمس فرق إطفاء باشرت إخماد الحريق الذي نشب في عمارة سكنية أثرية مكونة من أربعة أدوار في تاريخية جدة، دون أن تسجل في الحادث أية إصابات. ورجح رئيس قسم التحقيقات في الدفاع المدني في جدة المقدم عبدالله الزهراني، بعد المعاينة الأولية لموقع الحادث، أن سبب الحريق «مصدر حراري بطيء»، مؤكدا أن فريقا يضم ضباط تحقيق من الدفاع المدني، يواصلون البحث في حيثيات الحادث ومسبباته والتي «سيكشف عنها قريبا». من جهته، أشار ل «عكاظ» رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار، أن منزل ريري يعد من المباني الأثرية التي يعود إنشاؤها إلى أكثر من 200 عام، وتعود ملكيته لعائلة الريري في جدة، مبينا أنه مستأجر من قبل مقيمين من جنسية عربية يسكنون فيه، وأضاف أن المبنى تضرر جزئيا من الحريق، «غير أنه سليم من الناحية الإنشائية، وسيخضع للمعاينة الفنية من قبل المتخصصين». وأفاد رئيس بلدية جدة التاريخية، أن المنطقة فقدت منذ عام 1400ه ما يقارب 62 منزلا أثريا، تعرض بعضها لأضرار جزئية، وبعضها لأضرار كلية من جميع الفئات، مضيفا أن عدد المنازل التاريخية المصنفة في المنطقة يصل إلى 550 منزلا، منها 50 منزلا من الدرجة الأولى، 250 منزلا من الدرجة الثانية، و250 منزلا من الدرجة الثالثة. ووضعت هذه التصنيفات باتفاقية مع وزارة الشؤون البلدية والقروية منذ عام 1400ه، حسب أهمية ونوعية المباني، حيث تشمل فئة الدرجة الأولى مبان فريدة من نوعها وذات أهمية على مستوى الدولة، بينما تشمل فئة الدرجة الثانية مبان ذات أهمية إقليمية، وأما فئة الثالثة فتشمل مبانٍ ذات أهمية محلية. يذكر أن حريق منزل ريري، يعد أول حريق تستلم ملفه بلدية جدة التاريخية منذ إقرارها في 18 من شهر شعبان الماضي، وتمتد حدودها الإدارية من ميدان البيعة وشارع المطار القديم شمالا، إلى شارع الملك عبدالعزيز جنوبا، وتبدأ حدودها الشرقية من القشلة على امتداد شارع الملك عبدالعزيز، وحتى امتداد شارع حائل غربا، وتضم أحياء تاريخية مهمة، مثل حارة مظلوم، الشام، اليمن، والبحر. وكانت جدة التاريخية قد شهدت في آخر حوادث الحرائق، إصابة عدد من المنازل الأثرية المصنفة من الدرجة الثانية والثالثة، حيث تضرر بيت بهلولي، بيت القاضي، عمارة باقحوم، منزل باعثمان، بيت باطرفي، ومنزل بامطهر، كما تعرض بيت سلامة وبيت أبوالحمائل لحريق كان الأسوأ من نوعه، وطال ثمانية منازل في جدة التاريخية، ناضلت فرق الإطفاء في محاولة إخماده طويلا، قبل أن تسيطر عليه.