نحن اليوم في القرن الواحد والعشرين وأيامنا تكاد تكون حاسمة للغاية في قفل ملفات الخلافات الفكرية والتيارات المتعددة والإقصاءات العجيبة لفئة دون الأخرى فالظروف الآن لا تسمح باختلافات في الرؤية ذلك أن ما يشاهد في العالم أجمع يوصل إلى نفق مظلم في الاحساس باليأس والاكتئاب والإحباط المدمر. هذه هي تجربتي ومفاهيمي فيما اطلع عليه وأتابعه من الفيسبوكيين والتويتريين والمتسلقين على الثقافة وراكبي موجات الفلسفة التنطعية فمخجل جدا أن نرى ونسمع تلك التعليقات الباهتة والمستفزة ممن يدعون الثقافة والفكر والعلم والأدب وحقيقة الأمر أن الحال زاد عن حده وتطاول المتنطعون بالفكر على الفكر والمصادر لكل آراء الآخرين وتسفيه الثقافات بعضها البعض! ان واقع الفكر اليوم لا يسر عدوا ولا حبيبا فهذا يكتب هل نحن سلفيون حقا؟ وآخر يكتب هل نحن متبعون.. وثالث يكتب هل نحن مقلدون؟ ورابعة تكتب عن ثقافة جيل مهلهل مضحك وخامسة تؤكد ان اسباب تدهور المجتمع الإسلامي التخبط بين المشايخ والمفكرين والتلاسن الذي يزيد من تدمير أفكار الشباب والشابات. ما يثيرني بالفعل ما قرأته على لسان احدى المثقفات اللواتي كنت اعتقد انها راقية في فكرها وما تخطه يدها لكن عندما رأيت كلامها حين قالت: أصبحت اتجاوز السفهاء لاننا في زمن التخبط لأن العصمة لا تكون إلا لنبي!! لقد كرم المولى عز وجل الإنسان وجعله مفضلا ويأتيه رزقه أينما كان حين قال سبحانه وتعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا). لا أعرف بالضبط متى نقف صفا واحدا ونتفرغ للوحدة الوطنية ونكون كالجسد الواحد؟ متى نتحدث بلغة واحدة ونفلتر كل ما يمر على أذهننا وأعيننا وصفحاتنا الإلكترونية. لا بد لنا كباحثين واعلاميين ومفكرين ومثقفين ان نوجد وثيقة حسن الاختيار لكل ما ينشر بدلا من الخلافات والمجادلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ومن خلال هذه المشاورات الفكرية لن نجد سوى حل واحد ان نركز على اللحمة الوطنية وليس الخلافات الفكرية. يقول المثل رضا الناس غاية لا تدرك وأرى ان هذا الحال ينطبق على الرضا عن النفس والجوانب الإنسانية وعلى الرغم من انه قد يصح لي كمثقف أن ادخل بلعبة الخيال في مجال تحويل الخلاف الى وفاق كحلم فإنني لست من هواة الدوائر المغلقة سواء ضاقت أو اتسعت ولذا فمثل هذا الواقع الذي يسمح بجلد الذات يقودنا الى النظر بعين الرضا والتوحد الفكري من اجل مستقبل وطننا. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم لذلك لا بد أن نعترف ان كثيرا منا قد بلغ من العمر عتيا وبلغ مراحل التقاعد الفكري للذات كأولئك الذين يبلغون مرحلة التقاعد الوظيفي، وهذا منطق أعجبني كثيرا في الكاتبة فوزية أبو خالد حينما تقول انا لا أدعو كما دعا جيل التمرد الثقافي والسياسي الستيني والسبعيني في الغرب وفي المحيط العالمي أنظر الى الوراء بسخط واذ كنت بذلك اشير إلى أنني لست ساخطة بل لست راضية على أدائي كمثقفة سعودية. لقد استعرت بعض الأفكار والمقالات فوجدت أنه لا طائل من وراء الاختلافات فيها فالمطلوب ان نحرر أنفسنا كمثقفين ومفكرين من ظلامية الفكر والخوف من المستقبل الثقافي للوطن وهذا المفهوم النقي يقودنا للتمازج والتقارب الفكري والنفسي والانساني حتى نكون رجلا واحدا وامرأة واحدة لا ننطق سوى كلمة الوحدة الفكرية. د.صالح بن إبراهيم النفيسي [email protected]