تنشر الصحف المحلية بين حين وآخر أخباراً قادمة من دول الغرب أو الشرق، عن قيام مسؤولين في تلك الدول بتقديم استقالاتهم من مناصبهم لحصول تقصير أو خلل في أعمال الإدارات التي يرأسونها يؤدي إلى وقوع أضرار مادية أو معنوية ضد أفراد أو منشآت، وقد تصاحب الأخبار المنشورة عن تلك الاستقالات كتابة مقالات أو نشر تعليقات تتضمن عدم وجود حالات أو نماذج مماثلة في بلادنا يتم من خلالها تقديم استقالات فورية من قبل مسؤولين تنفيذيين وقعت وتقع في إداراتهم أخطاء وفوضى وتسيب تعتبر أشد وأنكى من الأخطاء التي وقعت في إدارات المسؤولين المستقيلين في دول الغرب أو الشرق وأدت إلى مسارعتهم في تقديم الاستقالة، وربما صحب تلك المقالات والتعليقات تساؤلات عن أسباب وجود تباين في الموقفين مع أن نتائج الأخطاء واحدة أو متقاربة من حيث الشكل والضمون، ومثل تلك التساؤلات قد يكون للجواب عليها عدة احتمالات منها ما يلي: أولاً: إن المسؤولين المستقيلين في دول الغرب أو الشرق يعلمون علم اليقين أنهم محاسبون على أخطائهم مهما كانت صغيرة أو غير مقصودة فإن لم يستقيلوا أقيلوا، وأن استقالتهم أو إقالتهم لا تعني إعفاءهم من الحساب والمساءلة، ولكن استقالتهم قد تخفف قليلاً من العقوبة، أما المسؤولون الإداريون والماليون لدينا فإنه لو حصلت محاسبة فإن المسؤولية سوف تتدحرج من الأعلى إلى الأدنى فالأدنى حتى يتلقاها «أبو فصية» لأن السقيفة لا تسقط إلا على رأس الضعيفة! ثانياً: إن كثرة الأخطاء والتجاوزات والإهمال في الإدارات المحلية وتنوعها وربما ضخامة حجمها واتساع آثارها السلبية تعني أن استقالة جميع المسؤولين عند وقوعها أمر بالغ الصعوبة في حالة تنفيذه من قبلهم وقبوله من قبل مراجعهم، أما في الدول الغربية أو الشرقية المتقدمة التي يستقيل فيها المسؤولون المخطئون فإن استقالاتهم لا تؤثر كثيراً على الحياة الإدارية لديهم لأن الأخطاء لديهم محدودة وقد تكون غير مقصودة ولذلك لا تؤثر استقالاتهم على سير العمل وإذا خرج واحد منهم مستقيلاً جاء بدله عشرة أفضل منه أما نحن فإننا نصيح على قلب رجل واحد: أين البديل فإذا صحنا ونحنا أعادوا لنا أبا نبيل وقالوا لنا بضاعتكم ردت إليكم!!