أوصى إماما وخطيبا المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامه بن عبد الله خياط والمسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم بالاحسان إلى النفس بكظم الغيظ حين تبدو بوادر الإساءة والترقي من ذلك إلى مقابلتها بالعفو عن المسيء والصفح والتغاضي عما بدر منه رغبة في نيل الجزاء الضافي والأجر الكريم، والاحسان إلى النفس والوفاء بحقوق الآخرين. وقال الدكتور أسامة خياط في خطبة الجمعة في المسجد الحرام امس: الإحسان إلى النفس وإلى الخلق لا حدود له، احسان يتجلى في بذل المال في وجوه الخير في كل الأحوال لافرق بين منفق في الرخاء ومنفق في الشدة فهو ماض في بذله مقيم على جوده وسخائه، وأضاف: من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من أي الحور شاء، وبين إمام وخطيب المسجد الحرام من صور الإحسان إلى النفس حين يكون شأن من زلة به القدم فظلم نفسه بإتيان ما حرم الله عليه أو ترك ما أوجب عليه، أن يذكر عظمة ربه الذي عصاه وآلاءه التي تفضل بها عليه وشديد عذابه وأليم عقابه لمن لم يرج له وقارا فبارزه بالعصيان فيحمله هذا التذكر على المبادرة إلى التوبة النصوح والإقلاع عن المعاصي وبالندم على ما كان وبرد الحقوق إلى أهلها وبالعزم على عدم العودة إلى الذنب لأنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره سبحانه وتعالى ولا يقيل العثرات سواه وأنه كريم لا يعاجل بعقوبة كثير الستر للخطايا والقبول للتوبة التي جعل بابها مفتوحا للتائبين حتى تطلع الشمس من مغربها وهذا شأن المتقين وسبيل المخبتين وطريق من خشي الرحمن بالغيب ذلك الذين أعقبهم عند ربهم مغفرة الذنوب بالستر الجميل وبرفع المؤاخذة والإكرام بإدخالهم الجنة دار السلام خالدين فيها فالأجدر بكل عاقل حريص على حيازة الخير لنفسه وعلى صيانتها من التردي في وهدة الباطل بكل صوره المورثة للخسران المبين أن ينهج هذا النهج ويسير هذا السير ويمضي على هذا الطريق. وبين الشيخ أسامة خياط من أهم صفات المتقين التي ينال به الدرجات العلى والنعيم المقيم عند الرب الكريم دوام استحضارهم عظمة خالقهم سبحانه وعظيم حقه عليهم ذلك الاستحضار الذي أورثهم استحياء منه وهيبة له ومحبة وشوقا إلى لقائه ذلك الشوق الذي أعقبهم كمال حرص على العمل بطاعته والنفرة من معصيته والتزود بخير زاد يصحبهم في سيرهم إليه سبحانه، إنه زاد التقوى الذي أمرهم به عزوجل . أما الشيخ عبدالمحسن القاسم فقال في خطبة الجمعة في المسجد النبوي الشريف أمس: إن التقوى في مخالفة الهوى والشقاء في مجانبة الهدى وإن الله سبحانه خلق الخلق لعبادته وأمرهم بالاحسان إلى خلقه وهو سبحانه رقيب على عباده مطلع على أحوالهم وإذا عمل المسلم عملا صالحا أثابه عليه في الأخرة وأذاقه آثار عمله في الدنيا، وأضاف: إن الله يجازي على الإحسان وإحسانه فوق كل إحسان فمن صدق مع الله تعالى في إخلاص الأعمال له أعطي على حسب صدقه مع الخالق سبحانه ومن حفظ الله بطاعته واجتناب معاصيه حفظه الله في دينه ودنياه وإن زاد في الطاعة قرب الله منه قربا يليق بجلاله وعظمته وكلما زاد العبد في الطاعة زاد منه سبحانه في القرب، وزاد: إن لله أوامر وحدود فعلى العباد بعضهم مع بعض واجبات وحقوق ومن عظم عباد الله المؤمنين عظمه الله ومن أهانهم أهانه الله فالله سبحانه وتعالى لعبده على حسب مايكون العبد لخلقه وكما تدين تدان وكن كيف شئت فإن الله لك كما تكون أنت له ولعباده والمسلم معظم عند الله سبحانه في دمه وماله وعرضه فمن أحسن إلى المسلم أحسن الله إليه ومن رحمه ولطف به أنزل الله عليه رحمته ومن رفق بالمسلم ويسر أموره رفق الله به ومن شق عليه شق الله عليه ومن رفق بمعسر أو رفع عنه دينه أو شيئا منه جزاه الله بتيسير وقوفه في المحشر وأظله تحت ظل عرشه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة ومن حفظ لسانه عن الخلق صان ألسنة الناس من الوقوع فيه ومن ستر مسلما وقع في ذنب ستره الله في الدنيا والآخرة والرحم معلقة بالعرش فمن كان واصلا لرحمه وصله الله ومن كان قاطعا لها قطعه الله. من جهته قال الباحث التربوي والكاتب الإعلامي الدكتور محمد سالم الغامدي: إن قيم التسامح اصبحت من القيم التي يجب على وسائل الاعلام والمثقفين والمربين تعزيزها في نفوس الصغار والكبار، وقال: لاشك أن المدينة الحديثة اضاعة كثيرا من القيم التي حثنا عليها الشارع الحكيم وهذا يتوجب علينا كل في مجال عمله تعزيزها بالشكل الذي يتوافق مع العصر، وأضاف: كثير ما نشاهد العصبية واللاتسامح بين الناس وهذا يعود إلى البعد عن القيم الاسلامية فالتسامح قيمة عظمى يجب ان تجد طريقها إلى النفوس. أما الباحث القانوني خالد نحاس فأشار إلى أداء الحقوق بين الناس واجب شرعي قبل أن يكون مطلب إنساني وهذا يتحتم على الجميع أن يكونوا مخلصين في أداء الامانات واعطاء الحقوق وقال: نشر الثقافة الحقوقية وتعزيز القيم مطلب لابد ان يتحقق ويجد طريقه إلى التنفيذ فالمدنية الحديثة ساهمت في بعد الناس عن القيم الربانية.