أكد فقيهان على أن التثقيف البيئي وتوعية الناس بالحفاظ على بيئتهم ضرورة شرعية، مشيرين إلى أن القرآن الكريم وجه سلوك المسلمين وأعدهم للحفاظ على البيئة والاهتمام بها، ووجه سلوكهم نحو دراستها والحفاظ عليها، وكذلك فعلت السنة النبوية المطهرة. وأبانا أن السلف الصالح لم يفسدوا في الأرض، وكذلك فعل المسلمون من بعدهم، إلى أن تخلف المسلمون فبدأت المشكلات البيئية تظهر في حياتهم وتتناسب تناسبا طرديا مع بعدهم عن الهدى العلمي الإسلامي للتربية البيئية والحفاظ على نعم الله الأرضية. وشددا على أن الإفساد المادي والخلقي في البيئة الأرضية ليس من نتاج التربية البيئية الإسلامية، بل هو نتاج التربية المادية البعيدة عن الهدى الإسلامي في الحفاظ على البيئة. وقال عضو هيئة كبار العلماء الدكتور يعقوب الباحسين: توعية المجتمع بأهمية البيئة والمحافظة عليها من صميم تعاليم الدين الذي علم الإنسان أن يمنع أخاه الإنسان من الإفساد في البيئة الأرضية، قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}، ووصف الله تعالى في القرآن الصنف الضال المفسد في الأرض بقوله في سورة البقرة {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}. وأبان الباحسين، أن الله سبحانه وتعالى علمنا وربانا على أن الفساد في البيئة الأرضية والبيئة البحرية جاء نتيجة للأنشطة البيئية الخاطئة للناس قال تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}. وذكر الباحسين، تنبيه الشرع للمسلمين إلى أهمية المحافظة على الحياة الفطرية والبرية، بأن حرم على المسلمين صيد البر وقطع النبات في موسم الحج في أماكن تجمع المسلمين من جميع بقاع الأرض في مكة وغيرها قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم). مؤكدا وجود نصوص شرعية كثيرة تدعو للمحافظة على البيئة ورعايتها والاهتمام بها، داعيا كل الجهات المعنية بضرورة إيلاء موضوع التثقيف البيئي أهمية كبيرة؛ لأنها أمر جيد ومستحسن وطيب ومفيد للحفاظ على الأرض وثروتها، مؤكدا على أهمية التعاون لزرع هذه الثقافة المفقودة في المجتمع . ويرى أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور صالح بن غانم السدلان، أن التوعية البيئية الموصلة لتكريس هذه الثقافة شبه مفقودة خاصة من قبل علماء الشريعة، بالرغم من أن الإسلام نادى بالحفاظ على البيئة والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة في الكتاب والسنة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم (اتقوا الملاعن الثلاث «البراز في الموارد ومنها موارد الماء، وقارعة الطريق، والظل) . وأشار إلى أن السنة المطهرة حرمت الإسراف في استخدام الماء، فقد مر رسول صلى الله عليه وسلم بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال له: (لا تسرف)، فقال: أو في الماء إسراف؟ قال: (نعم وإن كنت على نهر جار). وشدد السدلان على أنه لو تأملنا النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وسلوك السلف الصالح؛ لوجدنا أن الإسلام دين الحفاظ على البيئة والاستفادة منها دون إلحاق الضرر بما فيها، مطالبا أن يكون التثقيف البيئي في مقدمة أولويات الجهات التوعية المعنية، وذلك لخير الإنسان والبشرية وعكس الصور الحقيقية الحضارية للإسلام.