أن الإنسان المتحضر ليس ذلك الشخص الذي يلبس ملابس أنيقة ويقود سيارة فارهة ويسكن مسكنا فاخرا، بل كل ذلك يعتبر من قشور المدنية المادية التي لا تصنع جيلا متحضرا، فمدنية منزوعة الثقافة لا يمكن أن تنتج حضارة، ولذا فنحن نجد في مجتمعنا من لا يملك إلا القليل من الأنماط المدنية المادية لكنه يمتلك قدرا راقيا من الثقافة والوعي الحضاري، ولو تأملنا قليلا في بعض أولئك الأشخاص الذين يسكنون بيننا وهم من جنسيات غربية مثلا لوجدنا أن البعض منهم يمتلك سيارة أقل من عادية ويسكن منزلا متواضعا ويلبس ملابس بسيطة ومع ذلك فإن الغالبية منا ينظر إليه على أنه إنسان متحضر، حيث نجد أن لديه حرصا على اتباع الأنظمة والقوانين ولديه حس أخلاقي عال ووعي بما يدور حوله من متغيرات مختلفة وتطلع للمزيد من المعرفة وحرصا على الإنجاز والاهتمام بالوقت وغيرها. ولو نظرنا إلى البعض ممن يمتلك العديد من وسائل الرفاهية لوجدنا أنه: إذا اتجه لدائرة حكومية لا يمكن أن يهدأ حتى يجد له واسطة مهما كانت بساطة أمره، وإذا خالفه أحد في رأيه تهيج وثار. وإذا تم تعيينه على منصب استغله في توسيع نفوذه وخدمة مصالحه ومصالح مقربيه وبدأ بصياغة قوانينه الخاصة. إن الإنسان المتحضر لا يمانع أن يمتلك شيئا من وسائل الرفاهية لكنه يعتبرها وسيلة وليست غاية، ولديه وعي بأهمية وجوده في الحياة وأنه عنصر مهم في تسيير العملية الحضارية بإنجازه ووعيه ورقيه. د. بندر آل جلالة مدير أكاديمية بناء المفكر