وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية الجنائية للأحداث تثير جدلا بين قضاة وقانونيين وحقوقيين
على خلفية اتهام طالبات المدرسة المنكوبة في جدة
نشر في عكاظ يوم 09 - 12 - 2011

اختلف اختصاصيون في القضاء والقانون وعلم الاجتماع والنفس حول تحديد المسؤولية الجنائية بحق الأحداث الذين تصدر منهم بعض الجرائم الكبيرة أو الصغيرة، إذ رأى بعضهم أن أولياءهم يتحملون عنهم التلفيات الناتجة في حين رأى آخرون ضرورة إلحاق الأحداث بالدور الخاصة بهم ليستفيدوا مما وقع عليهم ويتم تأهيلهم بشكل جيد. واستشهد عدد منهم بما حدث للمدرسة المنكوبة التي اتهمت خمس فتيات منها بافتعال الحريق الذي راح ضحيته عدد من منسوبات المدرسة، إلا أن النظام الخاص بالأحداث يوضح أن تحديد المسؤولية الجنائية تختلف باختلاف المرحلة العمرية على النحو التالي:
من الولادة حتى السابعة: وهي مرحلة انعدام الإدراك وهذه لا يعاقب عليها جنائياً ولا تأديبياً إلا أنه مسؤول مدنياً عن كل جريمة يرتكبها. وفي السابعة حتى البلوغ وهي مرحلة الإدراك الضعيف وحددها الفقهاء بسن 15 عاما يعتبر بالغاً حكماً ولو لم يبلغ فعلا ولا يسأل الصبي في هذه المرحلة العمرية جنائياً، ويسأل مسؤولية تأديبية، ويترتب على اعتبار العقوبة تأديبية أن لا يعتبر الصبي عائداً مهما تكرر تأديبه، وأن لا يوقع عليه عقوبات التعزير إلا ما يعتبر تأديباً.
وفي مرحلة البلوغ التي تبدأ ببلوغ الصبي سن الرشد أي: ببلوغه 15 من عمره على رأي عامة الفقهاء، وبلوغه العام الثامن عشر، وفي هذه المرحلة يكون الإنسان مسؤولا جنائياً عن جرائمه أياً كان نوعها، فيقام عليه الحد إذا زنى، أو سرق ويقتص منه إذا قتل أو جرح، ويعزر بكل أنواع التعازير.. فإلى التفاصيل:
أوضح رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن موضوع المسؤولية الجنائية للقاصرات المتسببات في حريق مدرسة براعم الوطن قيد الدراسة في لجنة الدراسات والاستشارات في الجمعية.
وقال: قد يكون هناك توجه لعمل دراسة حول المسؤولية الجنائية للأحداث والأمور المتعلقة بهم، كما تأمل الجمعية أن يكون هناك قانون موحد خاص بالأحداث من حيث المحاكمة والإيواء والعقوبات الخاصة بهم وغير ذلك، معتمدا على ما هو أرجح دليلا في الفقه الإسلامي.
وأضاف: كانت هناك بعض الاختلافات في تحديد المسؤولية للأطفال وهناك آراء مختلفة، والقضاء يميل للأخذ بسن البلوغ 15 عاما ويرى أن المسؤولية الجنائية تنعقد حينها. وزاد: في كل الأحوال نأمل أن يتم إصدار قانون أو نظام خاص بهؤلاء تتوحد فيه كل اللوائح والتعليمات والإجراءات المعمول بها حاليا.
المسؤولية لا تقع
ولعضو لجنة الشؤون الاجتماعية والشباب والأسرة في مجلس الشورى الدكتور مازن خياط رأي خاص في هذه المسألة إذ يقول: في رأيي الشخصي لا تقع المسؤولية الجنائية في أحيان كثيرة وفق هذه الصورة، مستشهدا بحادثة مدرسة براعم الوطن المنكوبة.
وأبان أن الحادثة جرت بعبث من الطالبات وترتب عليه حريق هائل أدى إلى وفيات وإصابات عديدة، متسائلا: أين الرقابة على هؤلاء الطالبات، وهل كان عبثهن وقت الحصة، وأين المدرسات والمشرفات عن متابعتهن.
واستغرب خياط تحميل الطالبات المسؤولية الكاملة، مشيرا إلى أن دورا كبيرا يقع على عاتق المشرفات ومسألة توفر أدوات السلامة ومباشرة الحريق من قبل الدفاع المدني في وقت وجيز من عدمه، مضيفا «من الصعوبة أن نحمل هؤلاء الأطفال المسؤولية الكاملة».
وذكر عضو مجلس الشورى أن مسألة سن الطفولة أخذت جلسات مطولة من النقاش المستفيض وهل يعتد بالبلوغ أم لا، لافتا إلى أن هناك مسائل تعتد بظواهر البلوغ والتكليف التي أشارت إليها آيات وأحاديث نبوية، مبينا أن المملكة تعتمد سن 18 لتحديد سن الطفولة، إلا أن هناك خلافا بين القانونيين والشرعيين والأطباء في ما يتعلق بالظواهر الفسيولوجية مثل البلوغ والتكليف. وأضاف: في المستشفيات نعتمد سن 12 لإدخال المريض إلى المستشفى وأخذ رأيه حيال إجراء عملية من عدمها وهل يجب أن يرافقه والداه أم لا، مكتفيا بالقول: إلى الآن تبقى إشكالية القانونيين موجودة أيضا.
وخلص إلى القول: إن حادثة المدرسة المنكوبة وإن كان المصاب جللا والمصابات والمتوفيات بناتنا وأخواتنا، لكن رأيي الشخصي أن السبب يعد عبث أطفال، وربما يعاقبن على العبث لا تحميلهن الجريمة.
يتحملن المسؤولية
لكن أستاذ الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفوزان يحمل هنا القاصرات المسؤولية بقوله: هل نزل هؤلاء من السماء أم كن نتاج تربية غير مبالية أو متراخية، هذا يعيدنا إلى المربع صفر ونعيد السؤال مرة أخرى ونجزم بأنهن نتاج إهمال أسري أو تدليل وبالتالي علينا قبل البحث عن المسؤولية الجنائية أن نتساءل: ما الذي يؤدي بأبنائنا إلى هذا؟ ماذا عن الدور الرقابي للأسرة والتربوي في المدرسة؟
وأضاف: المسألة فيها بعد قانوني حيث ترى تشريعات عالمية رغم اختلافها على المسؤولية الجنائية أن من بلغ سن 14 يتحمل ذلك، وبعضهم يرى سن 18 لتحديد المسؤولية الجنائية ووقوعها، ولكل مجتمع ظروفه.
وعن السؤال عن مسؤولية هؤلاء، جزم الفوزان بأنهن مسؤولات عما أقدمن عليه، مضيفا «المطلوب الآن عمل دورات وبرامج تأهيلية حقيقية لهؤلاء في دور الأحداث تعيدهم لجادة الصواب وإن كانت عقوبات فبحسب العمر».
وزاد: المملكة تعتبر ذوي ال 18 عاما مؤاخذين ويتحملون المسؤولية الجنائية بحسب تعريف الأمم المتحدة للأحداث، لا بد أن يؤاخذ هؤلاء ليستفيدوا مما مر بهم من تجربة بإلحاقهم بالدور وعقد الدورات التأهيلية والشرعية والمحاضرات والندوات لإعادتهم لجادة الصواب؛ لأن الهدف ليس العقوبة وإنما إصلاحهم وإعادة دمجهم بالمجتمع.
وذكر أن مسؤولية إعادة هؤلاء أسوياء ومواطنين صالحين تقع على عاتق المجتمع وعلينا أن نتحدث عن القضية في بعدها الوقائي أيضا والتأكيد على أهمية المراقبة والإشراف الأسري للأبناء حتى لا يقعوا في هذه الظروف، كما أن مسؤولية الأسرة كبيرة، فعلماء الاجتماع يقولون: إذا رأيت خللا في المجتمع ففتش عن الأسرة وإذا قاموا بدورهم فسيتمخض ذلك عن الحد من كثير من هذه الوقائع.
متابعة مستمرة
أكد الأمين العام للجنة الوطنية للطفولة الدكتور بندر بن حمود السويلم أن اللجنة تتابع عن كثب وبشكل دائم قضايا الطفولة بمختلف أنواعها، مشيرا إلى أن هناك تعاونا في هذا الصدد مع عدد من الجهات المختصة بشؤون الطفل.
كما أن هناك تعاونا يجري مع وزارة العدل التي تتابع موضوع المسؤولية الجنائية للطفل، مثمنا التعاون الذي تبذله الأجهزة المعنية في تحقيق التكامل والإصلاح الذي أرسى دعائمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
القضية شائكة
قاضي الاستئناف الشيخ عبدالله العثيم رأى أن القضية شائكة وما دامت منظورة لدى القضاء فإنه من الصعب الحديث عنها بحسب النظام، مؤكدا أن القضاء من سيفصل في موضوع المسؤولية الجنائية من عدمها تجاه الأحداث بعد أن يدرس القضية من جميع جوانبها ويعرف الأسباب المصاحبة للحدث والدوافع وأعمار المتسببين فيه.
لا يعاقب الأحداث
أما رئيس محكمة الاستئناف في منطقة الرياض الشيخ علي التركي فيقول:
لا يعاقب الأحداث صغار السن ممن لم يبلغوا سن التكليف على أعمالهم الجنائية، لكن إذا ترتبت عليها خسارة أو مال فإنهم يعوضون التلف من مالهم أو من مال كفلائهم وأوليائهم ويؤدي المبلغ حال كبره، فالله تعالى قال: «ولا تكسب كل نفس إلا عليها»، مضيفا «هذا يعد من باب خطاب الوضع لا التكليف لأن الأحداث لم يكلفوا بعد، وعمل الصغير مثل العبث لا يترتب عليه شيء وإنما يعاقب وليه لأنه قصر في تأديبه ويضمن ما تلف بسبب ذلك».
وزاد: إذا أتلف المجنون أو الصغير شيئا يرجع إلى وليه لأداء قيمة المتلف، لكن ليست هناك عقوبة تترتب وإنما الزجر بما يناسب لأنه لم يكلف أصلا ولم يجر عليه القلم، المسؤولية الجنائية تقتصر على المال، والمال يلزم به وليه، فالمسألة لا علاقة لها بالعقوبات ولا يترتب عليها حدود لأن الحدث غير مكلف.
تصريحات مستغربة
ومن بين هذه الآراء ينتقد القاضي في وزارة العدل الدكتور ناصر بن داوود الأحاديث المتداولة من قبل بعض القضاة بشأن القضية التي شكلت رأيا عاما خلال الأسبوعين الماضيين وتسيدت الساحة المحلية.
وقال: الخلل الأول الذي ينبغي عدم السكوت عنه بشأن حريق مدرسة براعم الوطن. تصريح أحد القضاة بعد الحادثة مباشرة إذ أكد على ثلاثة أحكام فقال: لا علاقة للتأمينات الاجتماعية بتعويض ورثة المعلمتين اللتين توفيتا في الحريق، إلزام شركات التأمين بدفع الدية في حال تأمين مالك المدرسة على معلماتها، ومن حق ورثة المتوفيات مقاضاة المتسبب في الحريق.
وأضاف: بعد هذا التصريح بثلاثة أيام نشرت صحيفة أخرى لذات القاضي تصريحاً فيه تفسير لحكمه الثالث على المتسبب في الحريق؛ بقوله: «إن تحمل مبلغ الدية إذا ثبتت على هؤلاء الطالبات، فمن المؤكد: أن الذي سوف يلزم بتحمل دفعها هم أولياء أمورهن؛ لأن ولي القاصر هو المسؤول عنه»، وهنا لم نجد تحركا لمنع هذه التصريحات الاستباقية والخارجة عن اختصاصه القضائي؛ فالحكم على التأمينات الاجتماعية أو الحكم لصالحها من اختصاص القضاء الإداري، والحكم على شركات التأمين من اختصاص اللجنة التأمينية. أما الحكم المؤكد الثالث فقد ظهر منه: أن صاحب التصريح لم يخطر بباله أن الحريق من باب قتل الخطأ؛ سواء كان خطأ فعلا، أو كان عمداً محضاً من فاعله؛ بحكم صدوره من قاصر عن سن الرشد، وعمد الصغير والمجنون من باب الخطأ في الشريعة الإسلامية، ولهذا فإن ولي أمر القاتل القاصر ليس هو المسؤول عن دفع دية القتل لوحده، بل الدية في مثل هذه الأحوال على عاقلته؛ كما هو مقرر في كتب الفقه.
وأردف: إضافة إلى أن هذا التصريح سيكون سبباً في منع ذلك القاضي من نظر هذه القضية بناء على الفقرة (ه) من المادة التسعين من نظام المرافعات الشرعية، بل إن حكمه فيها يقع باطلا ولو تم باتفاق الخصوم جميعهم، أو تأيد من محكمة التمييز؛ بناء على المادة الحادية والتسعين من النظام ذاته.
لا يساءل جنائيا
مصدر مسؤول في هيئة التحقيق والادعاء العام قال إن الشريعة هي الحاكمة على هذه الحالات فالحدث هو من دون سن 15 وهذا لا يساءل جنائيا وفي حدود ثلاثة أيام يتم الفصل في قضيته فإن كانت من الجرائم الموجبة للتوقيف عرض على القاضي ليحدد مدى إمكانية إطلاق سراحه وإن كانت دون ذلك فيحدد إطلاق السراح المحقق في القضية.
وقال إن المسؤولية الجنائية لا تقع على الحدث بينما تقوم عليه المسؤولية المدنية التي هي التعويض وتتولاها العاقلة وهم أهله من الذكور.
وأضاف: إيقاف الأحداث تحكمه تعليمات خاصة تختلف عن تنظيمات الإجراءات الجزائية، فإذا كانت قضايا موجبة للتوقيف لابد حينها أن تعرض على قاضي الأحداث وهو يحدد ذلك، أما إذا كانت غير موجبة فالإفراج عنه من مسؤولية المحقق، كما يحال الحدث إلى المحكمة للنظر في قضيته في كل الحالات.
منع التصريحات
إلا أن مصادر عدلية أفادت ل «عكاظ» بمنع قضاة المحكمة العامة في جدة من التصريح لوسائل الإعلام في ما يتعلق بقضية كارثة مدرسة براعم الوطن، التي راح ضحيتها معلمات من المدرسة، لافتة إلى أن ذلك جاء بعد صدور بعض التصريحات التي أتت متفاوتة وغير متفقة، ما دعا إلى تبليغ القضاة بعدم التحدث للإعلام خصوصا وأن القضية لم يبت فيها بعد من قبل القضاء.
واستندت الجهة القضائية في منع القضاة من الحديث لوسائل الإعلام حيال القضية التي ما زالت منظورة إلى الفقرة ه من المادة 90 من نظام المرافعات الشرعية والتي تنص على أنه «يكون القاضي ممنوعا من نظر الدعوى وسماعها ولو لم يطلب ذلك أحد الخصوم إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما، أو كان قد أدى شهادة فيها، أو باشر إجراء من إجراءات التحقيق فيها».
نظام الأحداث
ويؤكد أستاذ الإجراءات الجزائية في كلية الملك فهد الأمنية العميد متقاعد الدكتور سعد بن ظفير العسيري، أن الطالبات المتسببات في حريق مدرسة براعم الوطن إذا كن أكثر من 7 سنوات وأقل من 15 سنة فإنهن يتحملن المسؤولية التأديبية لا الجنائية مع تحملهن المسؤولية المدنية، مضيفا «هذه المسائل تخضع للتشريع الجنائي الإسلامي، فهو الذي وضع للأحداث أحكاما ومسؤوليات ومتى صارت حادثة فإن أولياءهم يؤدون عنهم التعويضات إذا كان لهن مال، أما معاملتهن فتتم وفق مانصت عليه المادة 13 من نظام الإجراءات الجزائية بأنهن يخضعن لأنظمة التعامل مع الأحداث والفتيات».
الجانب النفسي
وفي جزئية تتعلق بالجانب النفسي للطالبات ومدى إعفائهن من المسؤولية الجنائية خصوصا إذا ثبتت لديهن حالات أمراض نفسية تدفعهن لعمل مثل هذه الجرائم قال الدكتور عبدالعزيز المديفر رئيس قسم الطب النفسي، استشاري طب نفس الأطفال والمراهقين والعلاج الزوجي والعائلي في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني في الرياض إن أخطاء الأحداث إما أن تكون متعلقة بجانب مرضي أو شغب سلوكي وغالبا ما تكون مرتبطة بشغب سلوكي ومسألة عضوية لها علاقة بجو أسري أو علاقة سيئة مع المدرسة.
وأضاف: الوضع المنزلي والأسري وعلاقة المدرسة بالطالبات لها علاقة بالحدث، أما المسؤولية الجنائية ففيها نظر على اعتبار أن الحدث غالبا يفعل فعلا لا يعي تبعاته وهناك فرق بين من عمره 17 و13، لا نستطيع التعميم. هناك حالات خارجة عن التكليف ربما ناجمة عن جنون أو غيره.
وزاد: قد ينتج هذا الأمر ممن لديه جنون عابر مثل الإنسان الذي لديه شك مرضي يخرجه عن التفكير السوي أو يولد لديه شعور عظمة أو غير ذلك.
وعما إذا كان المرض النفسي دافعا لفعل مثل هذه الجرائم وإعفاء المريض النفسي إذا ثبتت إصابته بالمرض من المسؤولية الجنائية، قال هذا الأمر وارد، لكن ذلك لا يعفي المقصرين من مسؤولية الفحص الدوري للمدرسة مثلا أو التأكد من جاهزية أدوات إطفاء الحريق ووسائل السلامة.
وأضاف: هناك نسق دائم للتخلص من المسؤولية من خلال البحث عمن أخطأ خطأ متعمدا أو غير ذلك. المؤسسات العامة كالدفاع المدني وغيره ملزمة بالتأكد من وجود مكافحة ووقاية من المخاطر بحيث تحول هذه الإجراءات دون انتشار الحرائق.
وزاد: يجب أن تؤدي الأجهزة الوقائية دورها وهذا التفسير لا يعني أننا نقصد أن الحريق أو الكارثة التي تقع من الحدث بفعل فاعل، نحن لا ندري عن ذلك فربما يكون قاصدا لفعلته أو يكون غيره مسؤولا عما نتج، المشكلة أن نبالغ في جزئيات معينة ونتسامح في أخرى، لا ينبغي أن نتحيز ضد أحد، فهناك مسؤولية أيضا تقع على القائمين على المكان والمسؤولين والمؤسسات العامة المسؤولة حتى لو كانت الحادثة ناتجة عن فعل فاعل، فالهدف ليس البحث عن مجرم وإنما التأكد.
وعن تحمل المريض النفسي المسؤولية حال ضلوعه في مثل هذه الجرائم، قال المديفر: في الغالب المرض النفسي يكون واضحا، كما أن الجنون العابر أو الدائم يجب أن يتحقق فيه شرطان حتى يثبت أولهما عدم القدرة على التحكم في الأفعال وثانيهما عدم إدراك نتائج التصرف وحينها يعفى من تنسب إليه أية حادثة، لكن هذا لا يعني أن لا يحمى منه المجتمع فيدخل المستشفى النفسي لفترة طويلة لوقاية المجتمع منه حتى إذا تحسن يتم إخراجه.
وأضاف: إذا كان الشخص لديه مرض جنون عابر فقد يؤدي هذا الأمر إلى عواقب كارثية، هذا وارد ويمكن تشخيصه لكن إذا كان الفعل من مجموعة فهذا يعني بالتأكيد أن الأمر لا علاقة له بالجنون النفسي غالبا.
وحذر أخصائي الطب النفسي من التشهير بمن قاموا بالفعل أو تسببوا فيه، لافتا إلى أن ذلك يدفع صغار السن إلى التقليد حيث يرون هذا الأمر طبيعيا بحسب تناوله الدائم وهو ما يدفع بعض المراهقين إلى الإقدام على هذه الأفعال دون مبالاة بالنتائج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.