يحتفي نادي جدة الأدبي الثقافي بالراحل المفكر الدكتور محمد عبده يماني الليلة، في أمسية يحضرها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ويتحدث فيها بورقتين عن الراحل عبدالله فراج الشريف والدكتور سعود المصيبيح، وكلمتين للدكتور رضا عبيد وأحمد باديب. وتحدث عضو هيئة كبار العلماء والباحث العالم الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان عن الراحل، موضحا أنه كان «يمثل الرجولة بحق، والشجاعة في معناها الأصيل، في أي موطن كان، وفي أي دائرة يعيش فيها، يتكلم في الحق، وهو أب وأخ وصديق لكل أفراد المجتمع، صاحب أخلاق رفيعة، وأياد بيضاء كريمة، لا يمنع عطاءه ولو بالكلمة الطيبة، وتقدير الخاطر لمن قصده، يلبي للجميع بقدر المستطاع، ويرفع صوته، ويبلغ الحاجة لمن لا تصل الحاجة إليه، ربى أجيالا عديدة بسلوكه وأعماله وكتاباته، نطق بالحق، وقدم للأجيال قدوة حسنة في كل أفعاله». وبرز الراحل في العديد من الأعمال الإنسانية، فلم يقصده أحد في حاجة إلا كان مسارعا في تلبيتها له، حتى لو اقتصرت على شفاعته عند الغير، هذا على الجانب الفردي، أما على الجانب المؤسسي فكان رئيسا للعديد من الجمعيات والجهات الخيرية والتطوعية والإنسانية داخل المملكة وخارجها. ويؤكد اعتلاءه العمل الخيري الإنساني صديقه ل 40 عاما العلامة الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه في قوله: لقد «عرفته في تلك السنوات الطويلة من الصداقة والأخوة التي جمعتنا، محبا للخير والعطاء لكل المسلمين دون تمييز، إضافة لدماثة خلقه، وعلو همته». وكانت الكثير من كتابات ومؤلفات يماني متعلقة بحب الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته. ويشير الكاتب الصحافي أسامة بن حمزة عجلان الحازمي إلى أن «حب آل البيت واجب لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، ومحبة فيه، وهذا يتوارثه المسلمون بعضهم عن بعض، ورغبة في تعليم ذلك أصدر الدكتور محمد عبده يماني كتابين يكفيانه عزا، هما: «علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم»، و «علموا أولادكم محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم»، ولو أنه أصدر هذين الكتابين لكفياه عزا، ولكنه أصدر إلى ذلك كتبا أخرى في هذا المجال مثل ما كتبه عن سيدتنا الزهراء، وأمنا عائشة رضي الله عنهما، وأصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم. واعتبر الكثيرون أن يماني من أبرز رواد المسؤولية الاجتماعية، ويشير إلى ذلك عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور محمد مريسي الحارثي إلى أن الراحل كان «صاحب الرؤى والمواقف الإنسانية، التي تمتد إلى كل ذي حاجة». ويؤكد ذلك الكاتب أسامة السباعي، بقوله: «لقد كرس جهده وماله لمساعدة الكثير من الشباب، بالسعي في الخير والتزويج، وتفريج الكرب»، كما أن الراحل من الباحثين والكتاب الإسلاميين الذين لهم إسهامات فكرية جليلة».. وفي ظل القرب الذي منحه الله للراحل من الأعمال الخيرية والإنسانية، كان حريصا على المسنين، ويؤكد صديق طفولته السيد أمين عطاس اهتمامه بهذا الجانب في قوله: «آخر اتصال بالفقيد كان ظهر الأحد، وكان يسألني عن أحوال نزلاء دار الرعاية الاجتماعية للمسنين، فمنذ أسبوعين وهو يتابع أحوالهم، وقال لي: لقد بلغني أن نزلاء الدار يحتاجون لبعض الالتزامات، وطلب مني أن أستطلع أحوالهم وأبلغه، وفعلا أرسلنا من يستطلع حالهم فتم تأمين عشر خلاطات للأكل، وطلب المسنون حفر بئر، والآن البئر قيد العمل، وكل ذلك على نفقته، وكان حريصا على سرعة إنجاز احتياجات المسنين قبل وفاته».