10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مربع 104 يحتضن جثمان المفكر الإنسان
نشر في عكاظ يوم 10 - 11 - 2010

احتضن تراب مقبرة المعلاة أمس جثمان فقيد الوطن وزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد عبده يماني بعد رحلة عطاء دامت 70 عاما، قضى فيها عمرا من العطاء في مجالات الإعلام والثقافة والأدب وأعمال البر والإصلاح، خلفت له سيرة عطرة تناقلها الناس خلال العقود الماضية حتى بات الشخصية المتفق عليها في الأوساط المتعددة.
وشعيت جموع غفيرة من المسؤولين والمفكرين والأدباء ورجال الثقافة والإعلام جثمان الفقيد، بعد أن أديت عليه الصلاة في المسجد الحرام ظهر أمس، وشارك في مراسم العزاء عدد من الجهات الحكومية والأهلية والخيرية، إلى جانب مشاركة شعبية من أبناء مكة المكرمة والجاليات المقيمة فيها.

وسادت صالة العزاء في مقبرة المعلاة موجة حزن ارتسمت في وجوه المعزين الذين توافدوا من شتى مدن المملكة، حيث استسلم عدد منهم لنوبات بكاء وحزن، فيما دامت مراسم العزاء نحو الساعتين من لحظة وصول الجثمان إلى مقبرة المعلاة وحتى خروج المعزين، حيث شهدت الصالات كثافة عالية من الحشود، وبعد أن وصل جثمان الفقيد إلى المقبرة في تمام الساعة 45: 12 بعد أن صلي عليه في المسجد الحرام، أدخلت الجنازة من المدخل الجنوبي محمولة على الأكتاف، شاقة صفوف المصلين الذين تعالت أصواتهم بالتكبير والتهليل ودعوات الرحمة والغفران، وتوقفت الجنازة في مقر الساحة الكبيرة للمعزين، حيث أديت عليها صلاة الميت للمرة الثانية، وأم المصلين فيها الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الشيخ عبد الله بصفر، وحملت الجنازة على الأكتاف وتوجه بها المعزون صوب الجهة الشمالية للمقبرة، حيث القبر المخصص للفقيد، وبجوار القبر توقفت الجنازة مرة أخرى بعد أن توافدت جموع كبيرة من المعزين مجددا، وطلبوا الصلاة على الفقيد للمرة الثالثة، وأم المصلين الشيخ السيد عمر بن محمد بن حفيظ السقاف، ومن ثم حملت الجنازة وسط تدافع كبير من المصلين والمعزين، ونقلت إلى مربع رقم 104 بالقرب من قبر السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، واستمر دفن الجثمان قرابة 25 دقيقة، بعدها رفع المعزون كفوفهم داعين للفقيد بالرحمة والغفران.

وتوجه المعزون للصالة الرئيسة في مقبرة المعلاة، والتي اكتظت بأعداد غفيرة، حيث وقف وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة في مقدمة صفوف العزاء مستقبلا جموع المعزين، وكان في حالة من الحزن العميق لم يتمالك معها نفسه، حيث انهمرت دموعه التي ظلت تنحدر على وجناته طيلة وقوفه في العزاء، وكذلك كان الحال مع رجل الأعمال المعروف صالح كامل الذي وقف مستقبلا المعزين في الفقيد والحزن يعلو محياه.
وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة ظل واقفا قرابة الساعة والنصف في استقبال المعزين، ولم تسمح له حالة الحزن بالحديث ل «عكاظ»، حيث اكتفى بقوله عند مغادرته المقبرة «رحمه الله وغفر له»، وهو في حزن شديد.
فهد بن سلطان ل «عكاظ» :
بصمات يماني جلية
«عكاظ» تبوك
واسى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك أسرة الراحل الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق والمفكر الإسلامي.
وقال الأمير فهد بن سلطان «المملكة العربية السعودية فقدت برحيله أحد أبنائها المخلصين، حيث كرس جل حياته في خدمة دينه ثم مليكه ووطنه تفانى وقدم بالفكر والجهد أروع الأعمال وأصدقها في العديد من المجالات التعليمية والإعلامية والاجتماعية والفكرية، وترك بصمات جليلة تمثلت في نتاجه الفكري في العديد من المجالات منها التعليمية والإسلامية والاجتماعية والإعلامية والأدبية».

وأضاف الأمير فهد «الفقيد مثال صادق وقدوة مثالية للإنسان السعودي الغيور على دينه وأمته، كان له عطاء غزير في العمل الاجتماعي والخيري، إلى جانب جهده الجلي في الحراك الثقافي والفكري والشأن الرياضي.
وزير الحج ل «عكاظ» :
لا رياء ولا سمعة
عبد الله الحارثي جدة
رفع وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي تعازيه لولاة الأمر في وفاة الدكتور محمد عبده يماني، أحد رجالاتهم الخيرين الذين يحتذى ويقتدى بهم.
وقال ل «عكاظ»: أعزي أسرته وأقاربه وأبناء الوطن العزيز الذي يقدر أبناءه الأفذاذ، فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأضاف «عرف الراحل في الوسط الاجتماعي بأنه من الرجال الذين نذروا أنفسهم ليكونوا في خدمة الآخرين على درب الصلاح والإصلاح وفق ما يتبناه ولاة الأمر»، وفي حقيقة الأمر أن ما يبرز لنا عنه من أخلاق حميدة وصفات حسنة ما هي إلا النزر اليسير مما كان يقوم به، دون أن تعلم شماله ما قدمت يمينه، وفي هذا الشأن ستحدثنا الأيام لاحقا بالكثير من خصاله وأفعاله التي لم يقصد من ورائها رياء ولا سمعة.
أمين منظمة المؤتمر ل «عكاظ» :
دافع عن قضايا الأمة
فهيم الحامد جدة
عبر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي، عن حزنه الشديد لرحيل الدكتور محمد عبده يماني، قائلا «لقد فجعت بنبأ رحيل الدكتور يماني إلى الرفيق الأعلى، وآلمني فراقه لنا، حيث إن الفقيد هو الصديق الأثير الذي افتخر بصحبته ومعرفته، حيث اتصلت صداقتنا وتعاوننا على مدى عقود ثلاثة».
ولفت أوغلي إلى «أن الفقيد كرس، رحمه الله، جهده في خدمة مصالح بلاده وأمته، بفضل واسع علمه، وثاقب فكره الذي لم ينقطع عن العطاء حتى ساعات حياته الأخيرة. وقد عاصرته، وخبرت ما أكرمه به الله من علو الهمة، وصواب الرأي والحجة وبسط كفه في العلوم والآداب، والفقيد كان ممن يغشون مجالس العلم والمناظرة ومعترك العمل الإسلامي المستنير وعلوم الشرع، فأثرى الثقافة الإسلامية بغزير علمه وعميق خبرته وتجربته».
عبد الرحمن فقيه :اجتماعي من طراز فريد
«عكاظ» مكة المكرمة
رثا عبد الرحمن فقيه صديقه الراحل محمد عبده يماني بقوله:
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا جمل يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر
يموت بموته خلق كثير
خطف الموت من بين أحبائي الصديق العزيز الكبير أبا ياسر وسط فجيعة وذهول أصدقائه ومحبيه وشعبه اللذي جاهد كثير في تفقه أحواله في شتى المجالات.
كان رحمه الله اجتماعيا من طراز فريد لا يسمع بمريض إلا ويزوره، ولا حفل زفاف يدعى له إلا ويحضره، ولا مأتم عزاء إلا ويكون أول المعزين.
وكان رحمه الله ملجأ للمواطنين يسعى في مصالحهم ويتوسط لدى الجهات المسؤولة في حل مشكلاتهم، ويساهم في مداواة مآسيهم.
كان رحمه الله شمسا ساطعة تنير الطريق للتائهين من الشباب يلجأون إليه لأخذ النصح والمشورة منه.
كان يمثل المؤمن الذي حينما وقع نقع.
لقد فقدنا بفقده عملاقا ضخما بين الرجال، ومن الصعب أن يجود الزمان بمثله.
رحمه الله رحمة واسعة.. وأسكنه فسيح جناته.
اعتبر رائد المسؤولية الاجتماعية وأبرز من دافع بقلمه عن قضايا الإسلام
شهادات المحبين .. قصص إنسانية
شهادات سجلها: طالب بن محفوظ
«رأيت قطرات من الدمع تتساقط من عيون بعض الحضور بجواري، وهم يشاهدون فقرات من قراءات قرآنية لطفل من ذوي التعليم الخاص، وكان مبدعا في قراءته، ثم شاهدنا قراءة رجل من رجال الأمن، ورينا تلك المسيرة الرائعة والمنظمة التي أتت في شكل منظم بديع، وعلى أصوات قرآنية جميلة، وفرحنا بتلك الأعداد الكبيرة التي تخرجت من حلقات القرآن، ونحن ندين في هذا العطاء في مجال تحفيظ القرآن والحلقات المنتشرة في القرى والهجر والمدن لكل أولئك الرجال والنساء الذين قاموا بالتدريس فيها، والمملكة تفخر اليوم بأنها رائدة في هذا الأمر رغبة في خدمة كتاب الله عز وجل، واقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان خير من تعلم القرآن وعلمه».
لم أجد أجمل من تلك الكلمات لأجلبها من أحد الأحاديث والتصريحات التي قالها الراحل الفقيد الدكتور محمد عبده يماني، هذه الكلمات التي قالها في واحدة من الاحتفالات التي أقامتها الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة جدة، فأردت أن أبدأ بها الحديث عن رجل الخير والإنسانية محمد عبده يماني، الذي سخر حياته لها، مساهما بجهود مخلصة فيها ومن أجلها.
لعل من أبرز ما اهتم به الراحل الدكتور محمد عبده يماني العناية بالقرآن الكريم وأهله، وكان يردد بصفة دائمة «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وكان مساهما رئيسا في إنشاء الجمعيتين الخيريتين لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة، فيقول عن ذلك رئيس جمعية جدة المهندس عبد العزيز حنفي «كان من أبرز المساهمين في إنشاء الجمعية في جدة، وعندما كان رئيسا لمجلس الإشراف في الجمعية كنت أحد المشرفين التابعين له، فما من اجتماع إلا ويدعو لتكريم حفظة القرآن ومعلميهم، وكان دائم الحرص على أن يتولى تلك الحلقات القرآنية معلمون متقنون في حفظ القرآن». ويؤكد ما قاله المهندس حنفي الأمين العام للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة مكة المكرمة حسن بن عبيد باحبيشي، بقوله، «كان رحمه الله حريصا على معالجة كل مشكلة تواجهها الجمعية، وكنت على اتصال دائم معه حول قضايا تحفيظ القرآن.
أعمال إنسانية
لم تقتصر الأعمال الخيرية والإنسانية للدكتور محمد عبده يماني على الاهتمام بالقرآن الكريم، بل كانت له اهتمامات بأعمال إنسانية أخرى، فلم يقصده أحد في حاجة إلا كان مسارعا في تلبيتها له، حتى لو اقتصرت على شفاعته عند الغير، هذا على الجانب الفردي، أما على الجانب المؤسسي فكان رئيسا للعديد من الجمعيات والجهات الخيرية والتطوعية والإنسانية داخل المملكة وخارجها، على سبيل المثال لا الحصر: الجمعية الخيرية للأطفال المعوقين، الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام، الجمعية الخيرية لمساعدة مرضى السكر، جمعية الإيمان لرعاية مرضى السرطان الخيرية، جمعية أصدقاء مرضى القلب، والاتحاد الخليجي للسرطان.
ويؤكد على اعتلاء الراحل الدكتور محمد عبده يماني للعمل الخيري الإنساني صديقه ل 40 عاما العلامة الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه في قوله، «عرفته في تلك السنوات الطويلة من الصداقة والأخوة التي جمعتنا، محبا للخير والعطاء لكل المسلمين دون تمييز، إضافة لدماثة خلقه، وعلو همته».
وفي ظل القرب الذي منحه الله للدكتور محمد عبده يماني من الأعمال الخيرية والإنسانية، كان حريصا على المسنين، ويؤكد صديق طفولته السيد أمين عطاس اهتمامه بهذا الجانب في قوله، «آخر اتصال بالفقيد كان ظهر الأحد، وكان يسألني عن أحوال نزلاء دار الرعاية الاجتماعية للمسنين، فمنذ أسبوعين وهو يتابع أحوالهم، وقال لي: لقد بلغني أن نزلاء الدار يحتاجون لبعض الالتزامات، وطلب مني أن استطلع أحوالهم وأبلغه، وفعلا أرسلنا من يستطلع حالهم فتم تأمين عشر خلاطات للأكل، وطلب المسنون حفر بئر، والآن البئر قيد العمل، وكل ذلك على نفقته، وكان حريصا على سرعة إنجاز احتياجات المسنين قبل وفاته».
اعتبر الكثيرون أن الفقيد الدكتور محمد عبده يماني من أبرز رواد المسؤولية الاجتماعية، ويوضح ذلك صديقه وصهره الدكتور عبد العزيز خوجة (وزير الثقافة والإعلام)، بقوله: «يعد رمزا من رموز العمل في الخدمة الإنسانية، عاش جل حياته، فلم يبخل بخير عمله». ثم يشير عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور محمد مريسي الحارثي إلى أن الدكتور محمد عبده يماني كان «صاحب الرؤى والمواقف الإنسانية، التي تمتد إلى كل ذي حاجة»، ويؤكد ذلك الكاتب أسامة السباعي، بقوله: «لقد كرس جهده وماله لمساعدة الكثير من الشباب، بالسعي في الخير والتزويج، وتفريج الكرب»، ويضيف وزير الدولة الأسبق الدكتور مدني علاقي بأنه «يمثل كل مشاعر الخير، وسخر جهوده لخدمة الناس، ومساعدتهم على قضاء حوائجهم، وله في هذا المجال الإنساني الشيء الكثير».
محبة النبي
يعد الدكتور محمد عبده يماني من الباحثين والكتاب الإسلاميين الذين لهم إسهامات فكرية جليلة، فيشير إلى ذلك الدكتور عبد العزيز خوجة في أنه «سخر قلمه في الذود عن قضايا الدين، وعن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو محب له، وفي مؤلفاته الخالدة ما يجسد هذا المنجز الفكري والعلمي الكبير».
وحول تأليفه وكتاباته المتعلقة بحب الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته، يوضح ذلك الكاتب الصحافي أسامة بن حمزة عجلان الحازمي أن «حب آل البيت واجب لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، ومحبة فيه، وهذا يتوارثه المسلمون بعضهم عن بعض، ورغبة في تعليم ذلك أصدر الدكتور محمد عبده يماني كتابين تكفيه عزا، هما: علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلموا أولادكم محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أنه أصدر هذين الكتابين لكفته عزا، ولكنه أصدر إلى ذلك كتبا أخرى في هذا المجال مثل ما كتبه عن سيدتنا الزهراء، وأمنا عائشة رضي الله عنهما، وأصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم».
يماني مذيعًا وأبو سليمان ضيفًا
لم يستطع أحد أن يؤثر على الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان ليظهر تلفزيونيا إلا الراحل الدكتور محمد عبده يماني، فقد كان أبو سليمان زاهدا عن الحديث التلفزيوني، إلا أن زهده لم يستمر طويلا أمام طلب الدكتور محمد عبده يماني ورغبته بأن يحول ما كتبه حول آثار مكة وتاريخها، سواء في أبحاثه، أو كتبه، أو مقالاته التي كتبها في «عكاظ»، إلى برنامج تلفزيوني يقدمه بنفسه على قناة «اقرأ»، ليظهر الدكتور يماني مذيعا لأول مرة أمام ضيفه الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، في برنامج «في ربوع البيت والحرم» في عشر حلقات، وأذيعت في رمضان الماضي.
وتحدث أبو سليمان عن آثار مكة، وأهمية المحافظة عليها من الإزالة، وربط الأجيال بها، خاصة أنه سبق أن ألف كتابا عن آثار وأبواب الحرم المكي بمسمى «باب السلام».
الدكتور أبو سليمان تحدث عن مآثر الراحل الفقيد الدكتور محمد عبده يماني، قائلا: «لقد كان يمثل الرجولة بحق، والشجاعة في معناها الأصيل، في أي موطن كان، وفي أي دائرة يعيش فيها، يتكلم في الحق، وهو أب وأخ وصديق لكل أفراد المجتمع، صاحب أخلاق رفيعة، وأياد بيضاء كريمة، لا يمنع عطاءه ولو بالكلمة الطيبة، وتقدير الخاطر لمن قصده، يلبي الجميع بقدر المستطاع، ويرفع صوته، ويبلغ الحاجة لمن لا تصل الحاجة إليه، ربى أجيالا عديدة بسلوكه وأعماله وكتاباته، نطق بالحق، وقدم للأجيال قدوة حسنة في كل أفعاله».
د. يماني مخاطباً المشرفين على الجمعيات الطبية الخيرية في آخر اجتماعاته:
المرضى .. المرضى .. المرضى .. أمانة في أعناقكم
محمد داوود جدة
أكد المشرفون على الجمعيات الطبية الخيرية التي رأس مجلس إدارتها الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله أن للفقيد دورا إنسانيا كبيرا في خدمة المرضى، لافتين في حديث ل «عكاظ» أن الدكتور يماني كان يبدأ اجتماعاته بعبارة «المرضى .. المرضى .. المرضى .. أمانة في أعناقكم»، متوجا جهوده الإنسانية بمشاريع عديدة منها العيادة المتنقلة تجوب القرى والهجر والبرج الطبي لمرضى السرطان.
البرج الطبي
رأى مدير عام جمعية الإيمان لرعاية مرضى السرطان فهد السليماني، أن للفقيد دورا إنسانيا كبيرا في رعاية مرضى السرطان، فهو رئيس الاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان ورئيس مجلس جمعية الإيمان لرعاية مرضى السرطان، وبجانب انشغاله الدائم ووقته الثمين كانت خدمة المرضى في قمة أولوياته سواء كانوا مرضى سرطان أو قلب أو سكر وغيرهم، فقد كرس جل حياته في خدمة هذا الجانب الإنساني الكبير.
وأضاف «لازمت الفقيد عن قرب منذ سنوات طويلة، وقررنا خلال الأسبوع قبل الماضي التوجه إلى قطر لحضور المؤتمر العالمي لسرطان الثدي، إلا أنه اعتذر في آخر لحظة لظروف صحية وانشغاله بارتباطات عملية واستعداده لأداء فريضة الحج، وكلفني بالتوجه لوحدي، مع الحرص على تقديم هدية لسمو الشيخ خالد بن جبر آل ثاني رئيس الاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان السابق ورئيس المؤتمر، وكانت الهدية عبارة عن مجسم لباب الكعبة».

وأشار السليماني إلى أن الفقيد كان يتابع بكل حرص ودقة وأولوية المشروع الجديد للجمعية، وهو عبارة عن البرج الطبي لمرضى السرطان المكون من 11 دورا وبكلفة 100 مليون ريال على مساحة خمسة آلاف متر مربع، ويتضمن وحدات تشخيصية وعلاجية لمساعدة مرضى السرطان من السعوديين وغير السعوديين، وقبل أيام استدعاني برفقة الدكتور ناجي ناظر وأجرى لي تفويضا لإنهاء موضوع مطابقة البرج والصك في المحكمة بعد الانتهاء من عمل الكروكيات وموافقة الأمانة، فكان يتطلع أن يكون هذا المشروع الخيري خدمة إنسانية لمرضى السرطان والفقراء وغير المقتدرين مواصلة لجهوده البيضاء في مساعدة هذه الفئة.
بكاء مريضة
وعن المواقف المؤثرة التي صادفها السليماني قبل وفاة الدكتور يماني يقول «عندما علمت إحدى المريضات المصابات بسرطان الثدي التي أسهم الدكتور يماني في علاجها لعدم استطاعتها ومقدرتها المادية وظروفها الإنسانية بتعرضه لوعكة صحية حضرت إلى المستشفى وهي تجهش بالبكاء وأصرت على أن تلتقيه إلا أن الوضع الصحي للدكتور يماني لم يسمح باستقبال الزيارات، فما كان منها إلا أن تضرعت إلى الله بالدعاء أن يشفيه وكان القدر أسرع، كما أشير إلى أن معظم مرضى ومريضات السرطان عندما علموا بنبأ وفاته تأثروا كثيرا ومنهم من لم يصدق الخبر وجاء إلى المستشفى ومنهم من تأكد عبر الاتصال الشخصي، فما كان منهم إلا الدعاء للفقيد بالرحمة، وأن يلهم الله أهله الصبر والسلوان.
وعن آخر ما وجه به الدكتور يماني لمنسوبي الجمعية أوضح السليماني: وجه أن نكرس عملنا خلال الفترة المقبلة دون أخذ إجازة في فترة الحج، وأن نكون مستعدين لحالات الطوارئ لاسمح الله كما شهدتها جدة العام الماضي.
العيادة المتنقلة
وعبر مدير عام جمعية أصدقاء القلب فريد زاهد عن حزنه برحيل الدكتور يماني رئيس مجلس إدارة الجمعية، وقال: يعجز لساني عن وصف مآثر الفقيد، فقد كان إنسانا وأبا وأخا وصديقا للجميع، ويمكنني وصفه بعبارة فقيد الفقراء والمحتاجين.
وأشار إلى أن آخر لقاء لهما كان يوم السبت الماضي، وتم فيه مناقشة عدة مواضيع متعلقة بالجمعية، منها مشروع الإسعاف المتجول (العيادة المتنقلة) لفحص أهالي القرى والهجر، وهذه العيادة المزودة بكادر طبي وأجهزة تخطيط القلب تعمل على إجراء الكشوفات الطبية ومساعدة المرضى الذين يحتاجون إلى التدخل العلاجي من خلال التنسيق في تحويلهم للمستشفيات، وأيضا مشروع توعية ضيوف الرحمن من مرضى القلب، حيث تم الترتيب مع الدكتور محمد عرفان بصفته نائب رئيس مجلس الإدارة في تخصيص أطباء يقومون بهذه المهمة عبر وسائل الإعلام المرئية، كما تناول اللقاء مشروع البرامج التوعوية للمجتمع في المرحلة المقبلة ويهدف المشروع إلى تعليم مجموعة من الأفراد في مختلف القطاعات والجهات كل ما يتعلق ببرامج الإنعاش الرئوي وإنقاذ الحالات الطارئة وكيفية التعامل مع أي مصاب يتعرض لأزمة في مقر عمله كإسعافات أولية.
وأكد زاهد أن توجيهات الدكتور يماني كانت دقيقة في خدمة جميع مرضى القلب وعلاجهم ومتابعتهم حتى بعد انتهاء دور الجمعية للتأكد من سلامتهم، كما أوصى بمعالجة أكبر عدد ممكن من المرضى.
ونوه زاهد أن الجمعية أسهمت في علاج أكثر من عشرة آلاف مريض بكلفة 70 مليون ريال.
مهرجان الأطفال
وفي السياق نفسه، تحدثت ل «عكاظ» مشرفة جمعية أصدقاء مرضى السكري الخيرية في منطقة مكة المكرمة ومقرها جدة حنان سرحان قائلة، كرس الدكتور يماني جهده الإنساني في خدمة مرضى السكري باعتباره أحد المصابين بمرض السكري من (النوع الثاني) المعتمد على الحبوب، فكان يشعر بمتاعب ومضاعفات هذه الفئة من المرضى سواء المعتمدين على الأنسولين أو الحبوب، ولم تتوقف طموحات الدكتور يماني رئيس الجمعية عند خدمة المرضى وتوفير العلاج لهم، بل فتح آفاقا جديدة لمرضى السكري من خلال الوصول إلى مرضى السكري في القرى والهجر بعد تبنيه فكرة العيادة المتنقلة المزودة بكادر طبي متكامل يقدم خدمات تشخيصية وتحليلية وعلاجية لمرضى السكري وغيرهم من غير المصابين من خلال إجراء الفحوصات الوقائية.
وأضافت «جاءت فكرة العيادة المتنقلة بعد قيام الدكتور يماني بزيارة (تسع) قرى في منطقة مكة المكرمة ولقائه بعدد كبير من مرضى السكر ولمسه لغياب التوعية الصحية، فما كان منه إلا أن خاطب «دلة» في توفير عيادة متنقلة تجوب هذه القرى وتقدم للمرضى كل احتياجاتهم الدوائية، وبالفعل تم فحص وتشخيص 920 مريضا بالسكر، بالإضافة إلى إجراء فحوصات شاملة (سكر وضغط) لبعض أهالي القرى، وعكف على دراسة إعداد عيادة متنقلة أخرى تشارك الأولى في مهماتها الإنسانية.
وعن المواقف الإنسانية مع مرضى السكر، وخصوصا الأطفال منهم تقول سرحان: «كان الدكتور يماني يحرص على حضور مهرجانات أطفال السكر ويحثهم على المحافظة على نسبة السكر وعدم إهمال المرض، وفي يوم المناسبة يخصص مبلغا ما بين 30 ألف ريال من جيبه الخاص للمرضى الفائزين في مسابقة أفضل تحليل سكر تراكمي، ولا يكسر خاطر الآخرين من الأطفال مقدما لهم الألعاب.
وعن آخر لقاء للجمعية عقد برئاسته أوضحت سرحان «اجتمع الدكتور يماني مع أطباء وموظفي وأعضاء الجمعية الاثنين الماضي، وبدأ اجتماعه كالعادة بثلاث كلمات «المرضى .. المرضى .. المرضى .. أمانة في أعناقكم»، ناصحا الجميع ببذل أقصى الجهود في خدمة المرضى وعدم تعطيل أو تأخير أية حالة تطلب العلاج، مخططا على مشاركة الجمعية في موسم حج هذا العام من خلال فريق طبي للجمعية يتواجد في مزدلفة بعد نزول ضيوف الرحمن من عرفة، حيث يكونون في قمة الإرهاق والتعب، وبالتالي فإن الفريق الطبي يساهم في تقديم العلاج اللازم لمرضى السكر من الحجاج.
وبينت سرحان أن الدكتور يماني توج كل جهوده الخيرية لجمعية أصدقاء مرضى السكر بتدشين ثلاثة مراكز في جنوب ووسط جدة سعيا في تغطية خدماتها في كل أنحاء جدة.
النجم «اليماني»
د. سعد عطية الغامدي
هكذا كان الدكتور محمد عبده يماني نجما في محبته ومودته، نجما في علاقاته وصلاته، نجما في نشر حب كتاب الله، ونشر محبة رسول الله حتى غدا ظلا يلازم خيال من سلكوا طرق الخير ومن ارتادوا ميادين الإحسان، ذلك الظل الحاني، الذي يبعث على الطمأنينة ويوقظ السكينة، وينثر في النفوس البهجة، وفي القلوب الحب .. غادرنا دون أن يتيح للوداع مراسمه، وآثر أن يجعل الفراق كاللقاء مؤثرا غالبا، طاغيا بالمشاعر الزاخرة الغامرة .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
أبا كل معروف أخا كل عارف
وصاحب قلب بالمودة عاطف
وذا خلق سام، وذا وصل حادب
على أهله يدعو لطيب المواقف
نديا كوجه الصبح يمنح وده
ضياء بهيا دونه وصف واصف
تألق نجما في المحبة ساطعا
وزاد بقسط من شمائل آلف
«أحبوا رسول الله» كانت رسالة
سعى بيننا فيها بروح ملاطف
«وصونوا بنيكم بالمحبة»، واجعلوا
مقام نبي الله فوق الصوارف
«أبا ياسر» ذكراك كالشمس بيننا
وللحزن ليل في مواجد لاهف
وفي العين مما شدت للعين معلما
رفيعا سما فوق الدموع الذوارف
أما كنت صوتا للضعاف مجلجلا
أما كنت مأوى يحتوي خوف خائف؟!
كبيرا على الشكوى، وكيف لشاهق
بأن يظهر الشكوى لعصف العواصف؟!
ولكنه ود، وبر، ورحمة
وجود، وإحسان، وغوث لهاتف
سعى لكتاب الله سعي مجاهد
وقام يزكي عن قعود الخوالف
ولم يأل جهدا في انتصار لمجده
ولو لم يكن إلا ركوب المتالف
مضى شامخا لم يثنه هم نفسه
وما كان في بذل النفيس بآسف
ولم ينتظر صحبا لكي يبذلوا له
من الود ما تطويه بيض الصحائف
ولم يلتفت عن منزل ظل يرتجى
وعن غاية تخفي سرار اللطائف
مضى قبل أن يحظى محب بنظرة
وتشبع روح من نسيم العواطف
وأورثنا من بعده حرقة الجوى
ومنهاج حب في قلوب الخلائف
تغالبنا الأعمار وهي قصيرة
وتنهل فينا كالبروق الخواطف
ولكنها للباذلين طويلة
بأيد تسامت كالنجوم الطوائف
محلقة بالفضل والعلم والسنا
وتكسف شمس والنهى غير كاسف
ولا تستوي نفس تقطع نفسها
على كل معروف تليد وطارف
وأخرى استقلت في الحياة بنفسها
على حظها مثل النسور العواكف
مضى صاحب الود الجميل ولم يدع
سوى كل ود في مواجد عارف
وخير عزاء أن حبا كحبه
عزيز سيبقى في القلوب الشواغف.

اتسم بتواضعه عند العطاء .. رجال أعمال ومقربون ل عكاظ :
مدرسة في العطاء وأفعاله سابقة في المسؤولية الاجتماعية
حامد عمر العطاس جدة
اعتبر عدد من المسؤولين ورجال الأعمال الدكتور محمد عبده يماني رائدا للمسؤولية الاجتماعية، بمبادراته وممارساته التي سبقت ظهور مفهوم المسؤولية الاجتماعية، ليس في المملكة فحسب، وإنما في العالم العربي ككل.
ونوهوا بمآثر الفقيد، الذي وصفوه بأنه شخصية وطنية بارزة رسخت إقدامها على صعيد الواقع، إذ جعل مبادراته وأعماله هي التي تتحدث عن نفسها، ناهيك عن حرصه الشديد على العمل الخيري والإنساني.
وأشاروا إلى أن الفقيد سخر قلمه وفكره النير لترسيخ مبدأ المسؤولية الاجتماعية كواقع يمارسه، انطلاقا من حبه للمشاركات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي مايلي ما قالوه عن الفقيد:
علم من أعلام المملكة
قال عضو مجلس إدارة غرفة جدة المهندس سليم الحربي إن الإنسان ليعجز عن الحديث عن علم من أعلام المملكة، اتسم بروح وثابة، تواضع جم، وإنسانية فريدة للعمل وتحمسه الشديد وثقته الشديدة فيما يعمل، ما جعل مجلس إدارة غرفة جدة يوافقون بالإجماع على إسناد مركز المسؤولية الاجتماعية، استنادا إلى عطائه وتاريخه الحافل، لما للفقيد من سمعة كبيرة في هذا المجال وعلاقات واسعة بالوسط الاقتصادي والاجتماعي بكل شرائحه.
مشيرا إلى أنه قدم للفقيد مشروعا للجمعيات الخيرية في خليص، مستورة، ووادي فاطمة وغيرها، وأن الفقيد أبدى بعد مناقشته معه إعجابه بالمشروع، لإسهامه في العمل الخيري والاستفادة من خبراته كمدرسة ناجحة في علوم الحياة لها بصماتها البارزة.
إسهامات عديدة
وقال عضو مجلس غرفة جدة ورئيس منتدى جدة الاقتصادي الدكتور ماجد عبدالله القصبي إن الفقيد غني عن التعريف، فقد كان المثل الأعلى للجميع في أخلاقه، وتواضعه الجم، وأسلوبه المميز وفكره العلمي والتاريخي، وحبه للعمل الخيري والإنساني، ناهيك عن إسهاماته العديدة وتواصله مع مختلف شرائح المجتمع وخدمته للوطن وإخلاصه للعمل، وقضاء حوائج الناس وعضويته في العديد من الجمعيات والأعمال الخيرية وإنجاز كافة الأعمال أولا بأول. جعل الله كل هذا في موازين حسناته. وأضاف أن الفقيد يحرص دائما على حضور المناسبات والندوات والمشاركة بفكره وعلمه ليستفيد كافة الناس في هذه المحافل .
نبراس يحتذى
وأشارت عضو مجلس غرفة جدة الدكتورة عائشة نتو أنه مهما تكلمنا عن الفقيد لن نوفيه صفاته الجليلة ودوره في مختلف المجالات، لحسن عطائه، فكره الغزير في العلوم والتاريخ كمرجع في هذا المجال، ناهيك عن عدم تردده في عضوية الجمعيات والأعمال الخيرية.
وقالت إنه رجل رسخ مبادئ وأصولا نبيلة جعل من محبة الناس كنزا لا يقدر في هذا الزمن، ونبراسا يحتذى به، لا يسعنا إلا أن نقول «رحم الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته».
سيرة حافلة بالإنجازات
أما رجل الأعمال محمد حسن يوسف فقال إن الفقيد يعد من الرواد العصاميين البارزين، منذ أن كان وزيرا للإعلام وأن العصامية سمة من سماته الكثيرة المعروفة، وأبرزها حب الخير، العمل التطوعي. والجميع يشهد له ببصماته الجليلة والكبيرة في الأعمال التطوعية والإنسانية، فكان كل همه وشغله الشاغل، يرحمه الله، مد يد العون للآخرين. ندعو له بالمغفرة والجزاء في ميزان حسناته.
الحزن يخيم على بيت الرياضيين
يماني يخصص 10 ملايين لوقف نادي الوحدة
عبد الله الثبيتي، عبد الله القرشي مكة المكرمة
أشار رئيس نادي الوحدة جمال تونسي إلى أن رئيس مجلس الشرف الدكتور محمد عبده يماني (رحمه الله) كان قبل وفاته اشترى عقارا في مكة المكرمة، وبالتحديد في منطقة الروضة بقيمة 10 ملايين ريال، كمساهمة منه ومن أهل الخير لتخصيصه وقفا للنادي، وتم التشاور والاتفاق معه قبل وفاته للاستفادة من قيمة بيع العقار لمحدودية دخله السنوي الذي لا يتجاوز 300 ألف ريال، لتنفيذ مشروع أفضل ويحقق أرباحا أكبر في أرض النادي في حي العمرة، حيث يشتمل المشروع على فندق، محال تجارية، مبان سكنية للمدربين والعاملين، ورحب(رحمه الله) وبشدة بفكرة هذا المشروع وكان بيني وبينه موعد لإنهاء إجراءات هذه الخطوة وتنفيذ المشروع الذي سيؤمن للنادي دخلا ماديا جيدا، ولكن القضاء والقدر لم يمهله لتنفيذ المشروع. ويضيف التونسي: لا شك أن ورثة الدكتور محمد عبده يماني حريصون على إتمام هذا العمل الذي بادر والدهم به دعما منه للنادي.
من جهة أخرى، اعتبر الشارع الوحداوي أن رحيل الدكتور محمد عبده يماني ألحق أكبر خسارة بناديهم، مؤكدين أنه كان شخصية رياضية كبيرة شكلت عونا لناديهم في الظروف القاسية حين ساهم في حل المشاكل التي كان تحدث على مستوى الشخصيات الشرفية وداخل أورقة النادي، مثل الأزمات المالية، وقلة الدخل المادي، حيث كان الفقر ملازما لخزينة النادي، ولكن حينما يتدخل اليماني تدفق السيولة، وأجمعوا أهمية العمل بفكره ورؤيته الصائبة في معالجة كافة القضايا المصيرية التي تهم النادي على كافة الأصعدة.
يقول رئيس النادي الحالي جمال تونسي: إن علاقتي باليماني رياضيا لها أكثر من 15عاما حينما كنت عضوا شرفيا، ثم عضو مجلس إدارة، ورئيسا لثلاث مراحل متفاوتة، وجدت منه كل تعاون بناء وهادف يصب في مصلحة النادي، وكان يتدخل في الوقت المناسب لحل خلافات شخصية وحداوية مع أخرى قبل أن تتفاقم أو تدخل في حل أزمة مالية قبل أن يتأثر النادي بتبعياتها.
وكان آخر توصيات الراحل هو معرفة أسباب الهزيمتين الأخيرتين من الشباب والأهلي، وتناقشنا في أزمة النادي المالية، وأوصى بأن تتم مناقشة الأزمة المالية خلال الاجتماع المقبل بعد الحج، ولكن لا اعتراض على قدر الله، ونأمل من الوحداويين جمعيا أن يتجاوزوا هذه الأزمة بالتعاون والتفاهم والتقرب من نادينا في حل مشاكله، ولن نخرج كثيرا عن فكر اليماني في حل مشاكل النادي المختلفة.
أجواء صحية
ويقول الرئيس السابق عبد المعطي كعكي، كان يماني حريصا على عدم حدوث أية مشاكل تعرض الفريق الأول لنتائج سلبية، وقد وفر لنا أجواء صحية أثمرت في تحقيق نتائج مشرفة، وأدت إدارتي واجباتها على الوجه المطلوب من نتائج جيدة ومراكز متقدمة وتهيئة الأجواء الصحية والملائمة لإقامة الجمعية العمومية، فكل الأهداف التي جاءت من أجلها إدارتي تحققت بفضل وقوف اليماني خلف الإدارة وسؤاله الدائم عن أحوال النادي.
خسارة كبيرة
ويرى عضو الشرف حاتم عبد السلام عضو الشرف أن رحيل اليماني يمثل خسارة كبيرة لنادي الوحدة، لأن هذا الرجل من النادر أن يتكرر في الشارع الوحداوي، لأن الكل كان متفقا مع أفكاره تجاه معالجة أمور النادي المختلفة ومحبوب من الجميع لأنه كان يقف على مسافة واحدة من كل الشرائح الوحداوية، حيث كان حريصا على الاتصال على أية شخصية وحداوية عند حدوث مشكلة من أجل معرفة رأيه لحل وجهة الخلاف بهدوء بعيدا عن لغة التشنج، وكان يحاول أن يكون نادي الوحدة في مصاف أندية المملكة، وكان يذكرنا بأن العمل الناجح سوف يأتي بنتائج إيجابية ولو بعد حين.
مشاهدات من سرادق العزاء
بكى وزير الثقافة والإعلام على الفقيد في أكثر من موقع في مقبرة المعلاة، حيث سالت دموعه على قبر الراحل أثناء الدفن، وهطلت مرارا وهو في صف العزاء.
بدا الحزن واضحا على وجه رجل الأعمال عبد الرحمن فقيه، الذي لم يتمكن من مرافقة الجثمان إلى القبر وانتظر جموع المعزين في صالة العزاء الرئيسة.
توافدت قيادات أمنية من قطاعات مختلفة للمشاركة في تشييع الفقيد، وكان في مقدمتهم مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد التويجري.
شاركت جاليات برماوية وأفريقية في العزاء والدفن، وكان الحزن قاسما مشتركا نظير وقفات الفقيد وسعيه الدائم لحل مشاكلهم الخاصة.
جلس مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري عساس ووكلاء الجامعة وعدد من الأكاديميين في صالة العزاء في حديث حزين عن الفقيد.
وجهاء مكة المكرمة جلسوا بالقرب من عمدة حي الهجلة محمود بيطار الذي ظل طوال فترة العزاء في المقبرة يذكر مواقف ومحاسن الفقيد.
أصر عدد من كبار السن والمقعدين على المشاركة في تشييع الجثمان بالرغم من الزحام، وشهدت المقبرة حضور معزين على كراسي متحركة وكبار سن مقعدين.
مزيد من التفاصيل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.