إن من يؤرخ للصحافة في بلادنا لا يمكن له أن يتجاوز اسم شيخنا عبدالله بن خميس، فهو كما يقول عنه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه (سوانح وأقلام في السياسة والثقافة والإعلام) يعد أحد قطبي الصحافة في نجد، فقد كان له والشيخ حمد الجاسر فضل وضع اللبنات الأولى للصحافة في ذلك الجزء الغالي من بلادنا الحبيبة. ارتبط اسم الشيخ عبدالله بن خميس في مجال الصحافة بصحيفة الجزيرة، التي ولدت على يده وبرعايته عام 1379ه، وقد صدرت في بداية ظهورها في شكل مجلة شهرية تولى هو رئاسة تحريرها، ومما يذكر عنه الدكتور الشبيلي في كتابه المشار إليه، أنه أفسح في مجلته الوليدة تلك مجالا واسعا للكتابات النسائية ولمناقشة قضايا المرأة. وهو توجه متوقع من شخص مثله يتسم بالانفتاح الفكري والميل إلى نبذ التقليدية والتزمت، ويتبين ذلك واضحا في ما قاله في مجلة العرب عام 1983م حول الحاجة إلى إنشاء جائزة تقديرية للنساء مثلما أن هناك جائزة للرجال، ولعله أول من طالب باستحداث مثل تلك الجائزة. كما أن له مقالة تاريخية مهمة تتضمن اهتمامه بإبراز دور المرأة التاريخي وإسهامها الايجابي في صنع تاريخ الجزيرة العربية، فقد تحدث بإيجابية عن (غالية البقمية)، تلك المرأة الشجاعة والحكيمة التي استطاعت أن تقود كتيبة من المقاتلين لصد جيوش طوسون بن محمد علي الغازية، وذلك أثناء حكم الدولة السعودية الاولى. (وليت إخواننا في لجان الانتخابات المعارضين لمشاركة المرأة فيها يطلعون على تاريخ بلادهم)!! وعلينا أن نذكرهم أيضا، أن تلك المرأة والمقاتلين معها آنذاك كانوا جميعهم من المنتمين إلى الدعوة السلفية ومن المتحمسين لها. عبدالله بن خميس كان رجلا متعدد المواهب، فهو يعد أديبا وشاعرا ومؤرخا وإعلاميا، وله مؤلفات في مواضيع متعددة ومتنوعة منها: كتاب (المجاز بين اليمامة والحجاز) الذي يتضمن وصفا وتحديدا للمواقع والآبار ومنازل القبائل المعروفة، وكتاب (معجم جبال الجزيرة) الذي وثق فيه أسماء ومواقع الجبال المشهورة في الجزيرة العربية، وكتاب (تاريخ اليمامة: مغاني الديار ومالها من أخبار وآثار)، إلى جانب كتبه الأخرى في الأدب والنقد والشعر. وابن خميس رغم كونه من شعراء الفصحى، ورغم ما عرف عنه من تقديره اللغة العربية واعتزازه بها، إلا أن ذلك لم يحل بينه وبين تقدير الأدب العامي، فهو يعد من المعجبين بالشعر النبطي والداعمين له، وكان هو نفسه يقول الشعر النبطي، ويتغنى به، وقد ألف فيه كتابه المعروف (الأدب الشعبي في جزيرة العرب) وكان يتضمن رؤيته للشعر الشعبي، حيث يصفه بأن فيه إبداعا وجمالا لا يقلان عما في الشعر الفصيح، فالشعبي لا يقل عن الفصيح، لا في الجانب الفني من حيث الإيقاع ورقة اللفظ وعذوبة التخيل والتصوير، ولا في المضمون وما يتطرق إليه من مواضيع. يوم الأربعاء الماضي، فجع المجتمع بفقد الشيخ عبدالله بن خميس، أحد أعلام الثقافة والفكر والأدب والإعلام في بلادنا، رحمه الله رحمة واسعة وعزاؤنا لأسرته وتلامذته ومحبيه ورواده. وتعزية خاصة لابنتيه الصديقتين الأستاذة أميمة والأستاذة سماء، ألهمهما الله الصبر وغفر لوالدهما بواسع مغفرته. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة