ملاحقات ومطاردات غير مسبوقة شهدتها مواقع بيع الأسمنت بمكةالمكرمة، في يوم جسد بجلاء ملامح الأزمة التي ألقت بظلالها على سوق البناء والتعمير والمشاريع الحكومية بالعاصمة المقدسة. جولة «عكاظ» الميدانية رصدت أمس، تردد مواطنين منذ يوم الأربعاء الماضي على نقاط البيع (البرحات) للحصول على بقايا أكياس أسمنت يشغلون بها العمالة التي توقفت عن العمل لبناء منازلهم وعقاراتهم. وشهدت برحة بيع الأسمنت في حي الشوقية التي تعتبر أهم نقاط البيع في مكة لتوسطها بين أحياء تشهد نموا عمرانيا واضحا، تجمع أكثر من 200 مواطن ومقيم للحصول على الأسمنت لأكثر من أربع ساعات، فيما قام مندوب التجارة بتسليم 36 مواطنا فقط حصتهم، بواقع 50 كيسا وبسعر 14.5 ريال فيما عاد المنتظرون بخفي حنين. وقال المواطن منصور الهذلي إنه لم يحصل على كيس واحد منذ 92 ساعة من الانتظار والتردد على برحات الأسمنت، حيث تستقبل برحة الأسمنت يوميا في الشوقية ثلاث شاحنات فقط تحمل 1500 كيس بواقع 500 كيس لكل شاحنة، في وقت يتضاعف الطلب عشرات المرات على سوق الأسمنت. وأضاف أن المشهد المؤلم لهذا الواقع يتمثل في تواجد سيدات برفقة أولادهن ومع السائقين للحصول على أكياس الأسمنت. وقال الهذلي: إذا كانت التجارة قد حضرت توزيع الأسمنت في برحة الشوقية، فإن ثمة مواقع أخرى شهدت غيابا واضحا لتواجد لتجارة والجهات الحكومية الأخرى التي كان من المفترض عليها أن تقطع الطريق أمام المتلاعبين بالأسعار، حيث شهدت برحة النوارية وتحديدا في مدخل بئر الغنم ملاحقات المواطنين لشاحنات نقل الأسمنت إلى أن أوصلوها إلى مصنع لإنتاج البلك الخرساني، وتم بيع الكيس الواحد بسعر 18 ريالا، فيما رفع سائقو نقل الأسمنت إلى العمائر السعر بنسبة 100% حيث كان سعر النقل لا يزيد على 40 ريالا فيما تم نقله أمس بسعر 80 ريالا. كما شهدت برحات الأسمنت في أحياء الشهداء والبحيرات والعمرة والنوارية نقصا حادا في كميات الأسمنت، رغم تردد المستهلكين على مواقع البيع منذ الساعات الأولى من صباح أمس. إلى ذلك، حمل رئيس لجنة المقاولات بغرفة مكةالمكرمة عبدالله صعيدي، وزارة التجارة تفاقم أزمة الأسمنت في مكة من خلال تباطؤها في وضع خطوات إجرائية، منها التوضيح للمواطنين عن سر الارتفاع المفاجئ لسعر الأسمنت، والدور الذي يمكن أن يلعبه المواطن لتجاوز الأزمة، ونشر الفرق الرقابية مع الجهات الأمنية لمنع أي تجاوزات، لأننا نحتاج إلى ثقافة التعامل مع الأزمات. وقال الصعيدي: للأسف لم نسمع من التجارة ما يطمئن المواطنين بعد التهافت لتخزين الأسمنت أو الاندفاع وراء الأسعار أو يظهر حقيقة الأزمة، خاصة أن الجهات الحكومية وافقت على إصدار تصاريح مصانع جديدة، بل إن هناك مصانع طالبت بتصدير المنتج للخارج كون هناك فائضا واضحا في الإنتاج، لكننا صدمنا ببروز أزمة نفاد وارتفاع سعر الأسمنت، مشيرا إلى أن الأزمة ألقت بظلالها على الأسمنت السائل الذي تستخدمه شركات الخرسانة الجاهزة، كما أن الأزمة ساهمت في ارتفاع أسعار الخرسانة الجاهزة. وطبقا لأرقام غير رسمية فإن عدد مشاريع الإسكان التي تأثرت من الأزمة إضافة إلى المشاريع الحكومية يزيد على 2000 مشروع بمكةالمكرمة وحدها.