تفاقمت في مكةالمكرمة أزمة الأسمنت في منحنى جديد ينذر بإيقاف حركة البناء والتشييد وسط غضب عارم غلف مشاريع التعمير. مطاردات الشاحنات وجري المستهلكين من أصحاب المباني الواقعة تحت التشطيب لم تعد وسيلة للحصول على كيس أسمنت، بل إن المشهد الجديد هو قيام تجار الأسمنت من أصحاب الشاحنات بإخفاء شاحناتهم المحملة في أزقة سرية وداخل أحواش بعيدة تقع في منطقة بئر الغنم قطعا لملاحقة المواطنين وإحراجهم أمام الجهات الأمنية، فيما يقوم بعملية التسويق سائقو القلابات الصغيرة (الدينات) حيث يساومون المستهلكين على دفع المبلغ مقدما ومن ثم الانتظار في البرحة أو أمام موقع العمارة المشيدة لتوصيل شحنات الأسمنت. عدد من المستهلكين في برحة أسمنت النوارية صبوا جام غضبهم على الأطراف المتسببة في بروز الأزمة التي واصلت يومها ال30، وقالوا إن بروز مشاهد بيع الأسمنت داخل الأحواش والاستراحات والأزقة السرية صورة قاتمة السواد لدور وزارة التجارة في حماية المستهلك. مناور اللحياني -صاحب عمارة مكونة من أربعة أدوار- قال: اشتريت الكيس الواحد من الأسمنت يوم أمس الأحد بسعر 19 ريالا بعد خمسة أيام من الانتظار كلفني تقديم إجازة من العمل لمراقبة سيارات نقل الأسمنت، في حين أننا نشاهد شاحنات الأسمنت تدخل مكةالمكرمة على الطريق السريع، ولكن دون أن نرى الكميات تباع داخل البرحات. وأشار اللحياني إلى أن سائقي القلابات الصغيرة تحولوا إلى سماسرة لبيع الأسمنت وبزيادة قدرها خمسة ريالات تتوزع بين مالك الشاحنة وصاحب القلاب، وشهدت برحات الأسمنت في أحياء الشهداء والبحيرات والعمرة والنوارية في مكةالمكرمة أزمة حقيقة في الحصول على الأسمنت، حيث بدأ تردد المستهلكين على مواقع البيع منذ الساعات الأولى من صباح أمس. ويساوم سائقو نقل الأسمنت من الوافدين الآسيويين على التسويق المشبوه لكميات أكياس الأسمنت من خلال استلام المبالغ مقدما، وعدم اللحاق أو متابعة السيارة إلى حين وصول الكميات إلى داخل البرحة. إلى ذلك، حمل رئيس لجنة المقاولات بالغرفة التجارية في مكةالمكرمة عبدالله صعيدي التجارة تفاقم الأزمة في مكة من خلال تباطئها في وضع خطوات إجرائية؛ منها التوضيح للمواطنين عن سر الارتفاع المفاجئ والدور الذي يمكن أن يلعبه المواطن لتجاوز الأزمة ونشر الفرق الرقابية مع الجهات الأمنية لمنع أي تجاوزات؛ لأننا نحتاج إلى ثقافة التعامل مع الأزمات. وقال الصعيدي: للأسف لم نسمع من التجارة ما يطمئن المواطنين بعد التهافت لتخزين الأسمنت أو الاندفاع وراء الأسعار أو يظهر حقيقة الأزمة، خاصة أن الجهات الحكومية وافقت على إصدار تصاريح مصانع جديدة، بل إن هناك مصانع طالبت بتصدير المنتج للخارج، كون أن هناك فائضا واضحا في الإنتاج، لكننا صدمنا ببروز هذه الأزمة، مشيرا إلى أن الأزمة ألقت بظلالها على الأسمنت السائل الذي تستخدمه شركات الخرسانة الجاهزة، كما أن الأزمة ساهمت في ارتفاع أسعار الخرسانة الجاهزة. وطبقا لأرقام غير رسمية، فإن عدد مشاريع الإسكان التي تأثرت من الأزمة، إضافة إلى المشاريع الحكومية يزيد عن ألفي مشروع بمكةالمكرمة وحدها.