أعود مرة أخرى لأستكمل السلسلة التي بدأتها تحت عنوان (إعلامنا التربوي آخر من يعلم)، ومن منطلق «كلكم راعٍٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» ندعو إلى التفحص في المشهد التربوي الإعلامي، فسنجد أن هناك وقفات واستنتاجات حرية بالتوقف أمامها؛ فردود الأفعال تأتي ضعيفة سلبية أبرز صورها صم الآذان عن سماع الهدير الذي علا أرض الإعلام التربوي النسائي، وإننا نأمل خيرا بعدما قرأنا ما قاله الدكتور عبد العزيز السبيل المستشار والمشرف العام على تطوير قطاعي الإعلام والثقافة في وزارة التربية والتعليم في الجلسة الافتتاحية، التي نظمتها الإدارة العامة للإعلام التربوي، تحت عنوان «واقع عمل الإعلام التربوي: التحديات والمعوقات» بأن العمل الإعلامي هو إحدى استراتيجيات العمل في أية وزارة أو مؤسسة ذات دور مجتمعي، وتتصل من خلال مشروعاتها وبرامجها بالميدان التربوي وتتفاعل معه، وأن الإعلام التربوي هو إحدى ركائز العمل في وزارة التربية والتعليم، ومترجم لكافة النشاطات والمشروعات التي تقوم بها الوزارة في قالبها التعريفي والتوجيهي، وهو صورة الوزارة في المجتمع والمعبر عنها. وأن الوقت قد حان ليبدأ الإعلام التربوي دورا أكثر حيوية، في ظل الدعم الذي يحظى به من مسؤولي الوزارة والثقة التي يتمتع بها، وأكد على أهمية الدور الذي يمارسه مسؤولو الإعلام التربوي، والذي يتجاوز عرض منجزات الوزارة وبرامجها ومشاريعها، إلى الدور الرقابي في معناه العام، حيث إن الإعلام هو عين المسؤول في الميدان التربوي، والمتابع لتنفيذ البرامج على وجهها الصحيح، وأن الملحوظات التي ترد للإعلام التربوي أو يرصدها تعتبر بوابة مهمة للاطلاع على مستوى الأداء العام واتجاهات الرأي، ومن المهم التفاعل معها بالشكل الذي يعزز الدور الرقابي، ويصل بالمشاريع إلى أن يتم تنفيذها على الأوجه الأمثل، نعم إننا بحاجة، سمو الأمير، إلى مبدأ التقويم الجاد المستمر، نحن بحاجة إلى قيادة صانعة للمعرفة وناقدة لبنودها ومدركة لحقيقتها من خلال قراءتنا وتثمين منتجاتنا، قيادة تقدر الإبداع وتقدر المخزون الثقافي المعتمد على الجدية، والتطوير القادر على تحقيق مخرجات مثمرة. إن أغلال الإهمال باتت طوق إحباط في عنق الإعلام، بل أصبح صمت المسؤول يكاد يكون قاب قوسين أو أدنى من التضييق على الفكر، ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه من البداية يدور حول جاهزية المرجعية الدقيقة والمرنة في آن واحد، تلك المرجعية المتمثلة في فئات مبدعة داخل البيئة الإعلامية، تلك الفئات التي تنبعث رسائلها من رؤيا واضحة لطبيعة الواقع وقضاياه وهمومه، نحن بحاجة إلى المسؤول غير المعزول عن نشاط الحركة الفكرية والاجتماعية، مسؤول لديه القدرة على استقراء المشكلات والتوقعات ورسم الحلول لها وجعلها مادة بحث معتمدة، نحن بحاجة إلى المسؤول الذي يرى بعين الغد، مسؤول يدعو إلى التحرر من الروتين الذي كبل الواقع بقيود النمطية، مسؤول يعيد ألوان الصورة الباهتة لمكانة الإعلام التربوي، وتنميته في الوظائف الرسمية داخل المجتمع التربوي. إننا بحاجة إلى صياغة مرجعية دقيقة لاختيار المسؤول الذي ينتقد ويقيم الأداء، إننا بحاجة إلى محاورين أكفاء لمنتجاتنا الثقافية، بل هو شرط هام لتحقيق أنظمة وأهداف إعلامنا التربوي. سمو الأمير، الذي أعنيه هو أي تغيير ننشد؟ وأي طريق نسلك؟ وأي محاذير نتجنبها في خططنا ومشاريعنا؟ نحن في زمن لا يرحم من يتخلف عن الركب.. زمن لا ينتظر المتقاعسين عن العمل الجاد للحاق به، والبناء القوي يبدأ من القاعدة، ولدينا كفاءات ما زالوا يفتشون عن العمق والأثر البعيد. إن فقد الحماس وضعف الانتماء وإقصاء التجديد والتطوير والاعتماد على نمطية الأداء، إنما هي إجراءات أثبت الزمن فشلها وضعف تأثيرها. ونستكمل في المقال القادم بإذن الله.