أفاد شيخ مشايخ قبائل حاشد اليمنية حسين الأحمر أن قبيلته مستعدة لضمان خروج آمن ومشرف للرئيس اليمني علي عبدالله صالح في حالة تنحيه عن منصب الرئاسة في أية لحظة. وأوضح الشيخ حسين الأحمر الذي يرأس مجلس التضامن الوطني في حوار مطول مع «عكاظ» أنه يجدد الدعوة الصادقة والمخلصة للرئيس صالح مرة أخرى، أنه في حالة تركه للسلطة في أية لحظة، فإنه مستعد شخصيا لضمان خروجه وبدون مساءلة له ولأسرته، وزاد «سألتزم بكل الضمانات تماما ومسؤول عما أقوله أمام الجميع». وتحدث الشيخ الأحمر عن تفاصيل مبادرة الخمس نقاط التي وقع عليها الرئيس صالح السبت الماضي قائلا: إن الرئيس كتب بيده نص الاتفاق ووافق عليه إلا أنه غير موقفه مساء ذات اليوم. وحاول الشيخ الأحمر أن يخفف من قلق الدول المجاورة على مستقبل اليمن قائلا: اتمنى أن تتفهم الدول المجاورة وتحديدا المملكة التي نرتبط معها بعلاقات ممتازة، أن يتأكدوا أن اليمن سيظل متماسكا ومستقبل تغيير اليمن سيكون مشرقا موضحا أن التغيير قادم لا محالة ولابد من رحيل النظام. واسترسل أن بقاء الرئيس اليمني سيأزم الوضع الداخلي ويصعد الأمور أكثر وأكثر. وزعم أن هناك مستفيدين من بقاء الرئيس اليمني في السلطة، مشيرا إلى أن الخزينة العامة للدولة تستنزف، وفي اليوم الواحد تصرف العشرات من ملايين الدولارات لبعض المستفيدين والمتمصلحين من هذه الأزمة. وتابع قائلا: إن هؤلاء حريصون على بقاء الأزمة على ماهي عليه، لأنهم مقتنعون أن الرئيس اليمني سيرحل، ولكن يريدون أن يطول بقاؤه في السلطة حتى يستفيدوا ويستنزفوا أموال الدولة. وقال: إنه لن يسمح بتولي الفوضويين والحوثيين على السلطة إطلاقا، مؤكدا أن شباب الثورة سيكون لهم وضع مميز في المستقبل لأنهم وراء صناعة الثورة، ولن يتم تجاهلهم إطلاقا لأنهم ضحوا بدمائهم من أجل يمن جديد ومشرق.. واستطرد أن اليمنيين لا يريدون رئيسا عسكريا أو شيخ قبيلة. وأضاف نريد رئيسا مدنيا من أوساط المجتمع تكون لديه صلاحيات محدودة. وإلى ثنايا الحوار: • التطورات في اليمن متلاحقة وسريعة، والذي نرغب معرفته هو الجديد في عملية الوساطة التي تتولونها مع بعض الأطراف الأخرى لتنحية الرئيس اليمني وإيجاد مخرج مشرف؟ في الحقيقة.. دعني أوضح بداية أنه تم عقد لقاءات مكثفة خلال الأيام الماضية بحضور الرئيس اليمني وقائد المنطقة الشمالية اللواء علي الأحمر وبعض الشخصيات الأخرى، من ضمنها السفير الأمريكي في صنعاء. وتمخض اللقاء عن الوصول إلى اتفاق مكون من خمسة بنود يتضمن أولا: تنازل الرئيس اليمني عن صلاحيته لنائبه، البند الثاني: تشكيل حكومة وفاق وطنية، الثالث: تشكيل لجنة وطنية لتعديل وإعداد دستور جديد، البند الرابع: إعطاء ضمانات أنه لا مساءلة ولا محاسبة للرئيس اليمني وأسرته وأتباع النظام الحاكم خلال توليه فترة الحكم، والخامس: أن يرحل هو وأولاده وأقاربه. • إذن ماذا حصل بعد هذا الاتفاق ولماذ لم يطبق؟ في الحقيقة طلب من اللواء علي محسن الأحمر أن يرعى اجتماعا حضرته شخصيات من المعارضة بالإضافة إلى أعضاء من حزب المؤتمر الحاكم. وبالفعل تم عقد هذا الاجتماع الخميس الماضي وتم طرح مبادرة النقاط الخمس بحضور السفير الأمريكي لدى صنعاء وسفير الاتحاد الأوروبي لدى صنعاء. ويبدو أن المعارضة كانت لديها بعض الملاحظات، إذ أنهم يريدون ضمانات واضحة لرحيل الرئيس، وأنه بدل أن يتنازل الرئيس اليمني عن سلطاته إلى نائبه عليه أن يتنحي. والتزم الرئيس اليمني بهذه النقاط وقال أرجو أن يتم تأجيل جمعة الزحف، على أن يتم السبت الماضي التوقيع على هذه الاتفاقية، ولكن عندما جاء السبت لم يتم الالتزام بهذه الاتفاقية من قبل الرئيس، ومساء السبت تغير الوضع تماما، وتم نقض هذا الاتفاق. لا تقلقوا على اليمن • هل تتلمسون قلق الدول المجاورة على مستقبل اليمن؟ كما تعلمون أن الوضع في اليمن حساس جدا، واتمنى أن يتفهم الإخوان في الدول العربية وخاصة الدول المجاورة، وتحديدا المملكة التي نرتبط معها بعلاقات ممتازة، أن يتأكدوا أن اليمن سيظل متماسكا، ومستقبل تغيير اليمن سيكون مشرقا، لأن التغيير قادم لا محالة. ولابد من رحيل النظام، وأن بقاء الرئيس اليمني سيأزم الوضع الداخلي ويصعد الأمور أكثر، لأن التضامن الذي خلق في الشارع اليمني حقق من خلال كل فئات الشعب اليمني، وهم ليسوا محسوبين لا على المعارضة، ولا على حزب. الجميع محسوب على اليمن، لأن هناك تراكمات في الماضي أخرجت الشباب والنساء إلى الشارع. لقد خرج الملايين في المدن اليمنية، لقد خرج الجمعة الماضية أكثر من خمسة ملايين إلى الشارع للاعتصام. وأعتقد أننا كأبناء لليمن، حريصون على أمنه واستقراره ووحدته، ونطالب الرئيس اليمني أن يتنحى ويترك السلطة، وسنعمل على تقديم كل الضمانات اللازمة والكفيلة لخروج مشرف له ولأسرته وعدم التعرض له. • من وجهة نظركم هل ساهم الحزب الحاكم بالتأثير على الرئيس صالح، إذ أكد الحزب أمس الأول على ضرورة بقاء الرئيس اليمني حتى تنتهي فترة رئاسته؟ نتحدث بصراحة، لقد قدم مئات من الحزب الحاكم استقالاتهم من مناصبهم وأنا أحدهم أيضا، ومن تبقى من الحزب لديهم قناعات بضرورة رحيل الرئيس اليمني، ولكن هناك مستفيدون من بقاء الرئيس اليمني لأن الميزاينة العامة للدولة تستنزف. وفي اليوم الواحد تصرف العشرات من ملايين الدولارات لبعض المستفيدين والمتمصلحين من هذه الأزمة. وهؤلاء حريصون على بقاء الأزمة على ماهي عليه، لأنهم مقتنعون أن الرئيس اليمني سيرحل، ولكن يريدون أن يطول بقاؤه في السلطة حتى يستفيدوا ويستنزفوا أموال الدولة. وهؤلاء هم الذين يؤثرون على الرئيس اليمني لكي يستمر في السلطة، وعندما تشح إمكانية الخزينة العامة سيتغير موقفهم تماما. مستعد لضمان عدم محاكمة الرئيس وأسرته • ولكن الرئيس اليمني تحدث في قناة العربية وقال إنه مستعد أن يترك السلطة بهيبة واحترام ولو بعد ساعتين؟ أقول لكم بوضوح وصراحة، نحن نريد من الرئيس اليمني أن يقول لنا بشفافية كيف يكون هذا التنحي بهيبة واحترام ونحن سنهيئ وسنضمن له الأجواء الكفيلة التي يمكن أن تحقق له هذا الخروج المشرف وبضمانات واضحة بعدم مساءلته أو محاسبته هو وأسرته. • هل هذه دعوة جديدة من قبلكم كشيخ مشايخ قبيلة حاشد أنكم مستعدون أن تضمنوا للرئيس اليمني وأسرته خروجا آمنا ومشرفا وبدون مساءلة أو محاسبة؟ نعم.. هذه دعوة جديدة وصادقة ومخلصة عبر صحيفة «عكاظ» إذا رغب الرئيس في التنحي الآن.. فنحن مستعدون لضمان خروج آمن ومشرف وبدون مساءلة له ولأسرته في أية لحظة. وهذا موقف مني وسألتزم به تماما. ومسؤول عما أقوله أمام الجميع. مستقبل أقارب الرئيس عقبة • إذن ما هو العائق للوصول إلى هذا الهدف وما هو الحل في حالة عدم تنحي الرئيس؟ كما قلت في السابق أن الشخصيات المحيطة بالرئيس اليمني هي العائق، وهي المستفيدة كما قلت لك في إجابة سابقة من بقائه وتطويل أمد الأزمة، لأن بقاء الأزمة يعني استمرار مصالحهم الشخصية من وراء ما يجري. ثانيا هناك بعض من أفراد أسرة الرئيس اليمني ليس ليهم استعداد لترك مناصبهم، وهم يشكلون عامل ضغط على الرئيس اليمني. بمعنى أنهم يتساءلون ماذا سيكون مصيرهم؟ وأين سيرحلون؟ وما هو مستقبلهم ؟ أما الرئيس اليمني فعليه أن يتفهم أنه لم يتمكن من الحصول إلا على دعم 70 ألف شخص الجمعة الماضية، مقابل الملايين من الطرف الآخر. المراهنة على الجيش الجمهوري • بصراحة على ماذا يراهن الرئيس اليمني على الجيش أو على الحرس الجمهوري؟ أقول لكم بوضوح الرئيس اليمني يراهن على الحرس الجمهوري، ويراهن على بعض القبائل اليمنية الذي يدغدغ مشاعرهم بطريقته. انضمام القبيلة للثورة وراء عزل الرئيس • هل تعتقدون أن انشقاق القبائل والخروج من عباءته كان السبب الرئيس في انعزال الرئيس اليمني ووصوله إلى هذه المرحلة؟ بالتأكيد ليس فقط انشقاق القبائل لوحدها، بل الجيش أيضا، لأن خروج بعض قيادات الجيش عن إمرة الرئيس اليمني وانشقاقهم ساهم بشكل كبير في عزلته. ومن وجهة نظري، أن قبول الرئيس اليمني بالمبادرة التي تم طرحها أخيرا رغم عدم نجاحها جاء نتيجة شعوره الحقيقي بأنه أصبح معزولا. وأود أن أعطيكم معلومة خاصة أن المبادرة التي وقع عليها الرئيس كتبها بخط يده شخصيا. لا لإسقاط السلطة بكاملها • إذن ما هو مشروعكم المرتقب.. هل لدى الثورة اليمنية مشروع متكامل لمرحلة ما بعد رحيل الرئيس اليمني، خاصة أن اليمن دولة استراتيجية وقنبلة موقوتة كما قال الرئيس علي عبدالله صالح، وكيف سيتم انتقال السلطة بدون إراقة الدماء؟ الدستور اليمني واضح جدا.. نحن لا نطالب إطلاقا بسقوط السلطة كاملا، نحن نطالب أن يتنحى الرئيس اليمني، ويكلف نائبه أن يقوم بصلاحياته ويتم تشكل لجنة وطنية من جميع القوى السياسية والحركات الشبابية لتعديل الدستور والتهيئة لإعداد انتخابات رئاسية مبكرة، ومن ثم إجراء انتخابات برلمانية نزيهة تعكس قناعة الشعب اليمني، وتعديل سجل الناخبين لأن السجل الموجود حاليا غير صحيح وفيه تزوير وتشكيل حكومة وفاق وطني، بالإضافة إلى تشكيل لجنة من القانونيين المعروفين بالنزاهة لكي يعملوا على تعديل الدستور، وإجراء استفتاء شعبي على الدستور وإن حصل هذا الدستور على نتيجة جيدة يعمل به، وعقبها يتم إجراء انتخابات رئاسية. • ولكن الرئيس اليمني قال إنه لا يريد تسليم السلطة إلى الفوضويين والحوثيين ولا إلى الأقلية في البلاد. هل هناك ضمانات بعدم تسليم السلطة إلى هؤلاء؟ اسمح لي لا أريد أن أتحدث عن الحوثيين الآن لأن الكلام سيطول وهذا ليس وقته. وأؤكد أننا حريصون كل الحرص أن تلك الجماعات التي تتحدث عنها، لا يمكن أن نسمح لها بتولي السلطة إطلاقا، والسيطرة على الوضع في اليمن.. وفي نفس الوقت يمكن أن نقول إن هؤلاء ليسوا يمنيين وهم يمنيون ولكن لن نسمح بسيطرتهم. • هل سيكون للشباب اليمني نصيبهم من حصاد الثورة، أم ستعود السيطرة كالعادة إلى شيوخ القبائل؟ أؤكد وأنا مسؤول عن كلامي وعن كل حرف أقوله، أن شباب الثورة سيكونون في المقدمة دائما، وسيحصلون على المناصب وسيكونون مستشارين وستكون آراؤهم مسموعة، ولن يتم تجاهلها إطلاقا، وهم جزء لا يتجزأ من السلطة المرتقبة، وسيكونون ممثلين في المؤسسات الرسمية لأن الشباب هم الذين صنعوا الثورة، وأنا أحد هؤلاء الشباب، وحريص عليهم، وأقول إننا لا نريد رئيسا عسكريا أو شيخ قبيلة نريد رئيسا مدنيا من أوساط المجتمع تكون لديه صلاحيات محدودة. نسعى لتجنيب اليمن الفتن • هل هذا يعني أنكم تستبعدون شخصكم من تولي منصب رئاسة الجمهورية؟ من المؤكد.. وإذا كنا كمشايخ للقبائل وقياديين حريصين على أن نبني دولة مؤسسات، وأن نبني يمنا جديدا ومشرقا، لا بد أن نتنازل وأن نعمل لما فيه المصلحة العليا لليمن، ونجنب اليمن الفتن والقلاقل ونضمن بقاء الوحدة الوطنية، وإذا كان ضمان الوحدة الوطنية أن يكون الرئيس اليمني من الجنوب، فنحن أول من سيقوم بانتخابه والوقوف معه. ونحن سنقف مع أي شيء يضمن سلامة اليمن ووحدته واستقراره. ومستعدون أن نقدم تنازلات لتحقيق هذا الهدف، ونكون جنودا لهذا الوطن. الحراك داعم للوحدة • هل خطر تقسيم اليمن سيظل قائما أو مجرد تلويح وتهديد، خاصة في ظل عدم تجاهل ما يجري في الجنوب وتحركات الحراك الجنوبي؟ أقول لكم هناك محاولات من النظام للتشويش على الرأي العام، مثلما حصل في أبين وغيرها من المدن. وهذه الحركات كلها مصطنعة. ودعني أوضح لكم أنه قبل عدة أشهر حصلت مشادة بين السنة والشيعة وصلت إلى المساجد، وكان هناك ما يسمى بالحراك الجنوبي يخرجون في مسيرات ومظاهرات، وعندما بدأت ثورة الشباب اليمني أصبح الشيعة والسنة في منبر واحد. ويؤمهم أمام واحد و80 في المائة من إخواننا في الحراك الجنوبي الذين كانوا يخرجون ويقولون «انفصال» أصبحوا يقولون الآن «رحيل النظام»، ويرفعون الأعلام اليمنية ويقولون نعم للوحدة. أقول لكم إن ثورة الشباب وحدت كل الأطياف وجمعت كل القوى السياسية تحت مظلة واحدة، وهي دولة المؤسسات التي ينشدها ويطالب بها الشباب. علينا إزالة ما يسمى بالقوة القبلية • التركيبة السياسية القائمة في اليمن تعتمد أساسا على التوزيع القبلي، هل هذا يعني أن صوت القبيلة سينخفض في المرحلة المقبلة.. أم سيستمر كالعادة تعامل التوازن أو المرجع للعملية السياسية؟ إذا كنا واثقين وحريصين وصادقين وصارمين، في بناء دولة المؤسسات المرتقبة يكفلها الدستور وليس الأشخاص، فلابد علينا من إزالة ما يسمى بالقوة القبلية نريد دولة مؤسساتية يختارها الشعب اليمني، ودستوره يحكم الجميع، والقوى القبلية والسياسية تشارك في هذا المجال دون أن تكون هناك حصة ما ل«سين» أو «صاد». • بصراحة، هل وجدتم ضوءا أخضر للتغيير من قوى فاعلة في المنطقة وخارجها؟ أود أن أقول إن المعتصمين لن يعودوا إلى منازلهم حتى ولو حدث التغيير، ولن يعودوا إلى منازلهم إلا بعد تغيير الدستور وبعد أن يضمنوا أنه أصبح هناك نظام مؤسساتي فاعل، وأسجل تحفظي على هذا السؤال. • أخيرا هل ما يجري في اليمن إشارة ليمن جديد؟ بالتأكيد لأن دماء وتضحيات وجهود الشباب اليمني لن تذهب هباء منثورا.