أكد المؤتمر العالمي «الحوار في المشترك الإنساني»، المقام في العاصمة التايوانية تايبيه أخيرا، أن إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للحوار سعى لعدد من الأهداف النبيلة التي يتبناها الملك عبدالله، ودعا الجهات العالمية المعنية بالحوار إلى التنسيق مع المركز لدعم برامجه ومناشطه. وكانت رابطة العالم الإسلامي قد نظمت المؤتمر في تايوان امتدادا لمبادرة الملك عبدالله للحوار وخدمة لها، حيث طالب المشاركون في المؤتمر بمتابعة المبادرة، والانتقال بالحوار الحضاري من مرحلة التعارف والتعريف إلى مرحلة التضامن والتعاون، مطالبين بتعميق البحوث والدراسات في الموضوعات الإنسانية المشتركة، التي تحقق آمال الإنسان وتخفف آلامه وهمومه. وأوضحوا أهمية تعزيز القيم التي تحترم الإنسان وتصون حقوقه، والسعي المشترك إلى تحقيقها والتعاون على منع الظلم والعدوان، والتنديد بهما، سعيا للتخفيف من النزاعات والحروب التي تثقل كاهل بعض المجتمعات البشرية، وتستنزف طاقاتها، ورفض ثقافة الهيمنة الحضارية التي تعتدي على خصوصية الآخرين، وتنال من هويتهم الثقافية، مع التأكيد على أهمية الانفتاح على الآخرين، والإفادة من إنجازاتهم الحضارية. ودعوا الهيئات الدينية لتكثيف الجهود في تعزيز الأخلاق والقيم التي تلتقي عليها الأمم وتدعو إليها الرسالات الإلهية والحضارات الإنسانية، والتصدي لدعوات التحلل والإباحية والشذوذ، وتفنيد دعاواها المتسترة بالحرية الزائفة، وصياغة مشاريع عمل مشتركة تستنقذ من غوائلها المجتمعات الإنسانية، ودعوة المؤسسات العلمية والنخب الثقافية المحبة للسلام إلى استلهام الدروس من الماضي في صناعة مستقبل واعد بترسيخ مبادئ الحوار والتعايش السلمي بين أتباع الأديان والحضارات، واستثمار النجاحات التي حققتها الحوارات السابقة في صياغة برامج تطور آليات الحوار وتتجاوز معوقاته. وشدد على أهمية العمل الدؤوب على نشر ثقافة الحوار وترسيخ مبادئ التعايش بإنتاج المواد الإعلامية والأفلام الوثائقية، وإنشاء قناة فضائية باللغات الحية لتعزيز ثقافة الحوار والتعايش، وتعريف العالم بالمشتركات الإنسانية التي تستلزم تضامنهم، وتجسير علاقاتهم، وتعزيز العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل، وتسهم في التعريف بإيجابيات التعاون المشترك. ودعا المشاركون في المؤتمر الدول والمؤسسات الإسلامية إلى بيان حقيقة الإسلام وتوضيح مبادئه وما يملكه من إثراء للحضارة الإنسانية؛ بما يفند ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي يسببها الجهل بالإسلام وحضارته. والتقى كل من رئيس تايوان ما ينغ جيو ووزير خارجيته شن تانغ يانغ أثناء انعقاد المؤتمر، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي. وأكد الرئيس التايواني أن الإسلام دين سلام ومحبة، ويؤكد على المساواة بين البشر، موضحا أن في بلاده 200 ألف مسلم يؤدون شعائرهم بكل حرية، ولا يضايقهم أحد في تأديتها، مبينا أن الجمعية الإسلامية الصينية (المنظمة للمؤتمر)، تقوم بتوعية المسلمين بأمور دينهم، وتعليمهم القرآن واللغة العربية. من جانبه أكد الدكتور عبدالله التركي أن الانفتاح والتسهيلات التي قدمتها حكومة تايون أسهم كثيرا في إنجاح المؤتمر، مشيرا إلى أن المسؤولين في تايوان متفهمون لأهمية الحوار، الذي يؤثر إيجابا على تقارب الشعوب والمجتمعات. وأوضح أن الحوار في المشترك الإنساني بين الفئات الدينية والثقافية وسيلة للتفاهم وإزالة العوائق بين الشعوب، مبينا أن المشكلات الإنسانية تحتاج إلى تكامل وتعاون لمعالجتها، وإتاحة الفرصة لكل أمة لتقديم ما لديها من رؤى وتدابير، وهذا أمر يحتاج إلى ممارسة حوار عالمي حر ومسؤول. وقال التركي: «إن الإسلام جاء بمبادئ سمحة، وقيم نبيلة، وتعاليم واضحة منسجمة مع العقل والفطرة، وبهذه الخصائص استطاع أن يمتد في رقعة واسعة من المعمورة، وينتشر بسهولة في مختلف القارات، ويخرج من مختلف الأعراق البشرية». وأضاف: «إن امتداد الأمة الإسلامية داخل البلدان غير المسلمة، ظاهرة إيجابية وتعبير عما يتمتع به المسلمون من ثقافة التعايش، كما تعتبر الأقليات والجاليات المسلمة، جسرا للتواصل والتعارف بين الفئات الحضارية المختلفة». من جانبه، أكد رئيس الجمعية الإسلامية الصينية الدكتور علي باو أن الإسلام يدعو إلى التفاهم والحوار والتواصل والتعاون بين الشعوب، ورسالته تشجع كل تعاون يؤدي إلى الخير ويحقق مصلحة الإنسان الحقيقية، مبينا أن العالم بحاجة ماسة إلى المزيد من التواصل والتفاهم والوئام في هذا العصر. وأضاف: «إن رابطة العالم الإسلامي وضعت برنامجا للحوار بين المؤسسات الثقافية والاجتماعية في العالم، بغية الوصول إلى صيغ الوئام المشترك بين الأمم الإنسانية، في إطار جهود إنسانية مشتركة تعزز السلام العالمي».