يعتبر الحوار الوسيلة الحضارية الوحيدة لإزالة الخلاف، وسوء الفهم واللبس وللوصول إلى الاتفاقيات والقرارات الحكيمة ولتحقيق التعايش السلمي بين أتباع الأحزاب والمذاهب والأديان المختلفة. التعايش السلمي الذي يحمي الشعوب من شر النزاعات وويلات الحروب ويجعلها تعيش مع الآخر المختلف فكرياً أو مذهبياً أو عرقياً أو طائفياً أو دينيا في سلام ووئام، كما يجعل كافة الشعوب تتجه نحو آفاق التنمية والتطور والبناء. مؤتمر مكةالمكرمة.. مرتكز الانطلاقة نحو العالمية: ترجمت المملكة العربية السعودية نيتها الصادقة وعزمها الأكيد على مد يدها الطاهرة لمصافحة الآخر وإزالة كل أسباب الخلاف ومظاهر العداء والكراهية بين الدول والشعوب واتباع الأديان ونشر مبادئ التسامح والتآخي والتقارب والتعاون والأمن والسلام في العالم.. وذلك بتنظيم المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في العاصمة المقدسة.. برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة 30/5 2/6/1429ه، الموافق 4-6 يونيو 2008م. ويجيء هذا المؤتمر كما أوضح معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي كفاتحة خير لسلسلة من مؤتمرات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وهو بمثابة حوار بين المسلمين لتوحيد رؤية مشتركة ووضع استراتيجية موحدة للحوار مع الآخر، حيث إن هناك اتجاهاً لعقد سلسلة من مؤتمرات وندوات للحوار سوف تنظمها الرابطة في عدد من العواصم العالمية المؤثرة. وأكد السيناتور الأمريكي لاري شو (وهو أحد ضيوف هذا المؤتمر) أن عقد هذا المؤتمر يأتي استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار مع اتباع الديانات والمعتقدات الأخرى، وذلك لتحقيق التفاهم مع الحضارات والثقافات الإنسانية والتأكيد على القواسم الإنسانية المشتركة من أجل التعايش السلمي والعيش في أمن وسلام بين شعوب العالم. وأوضح معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أن المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات، حظيت بأجماع اسلامي برز ذلك واضحاً في نداء مكةالمكرمة الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار. وبين التركي أن الرابطة تلقت العديد من الاتصالات من العلماء والشخصيات والمؤسسات ومراكز البحث الإسلامية والعالمية، تؤكد أهمية عقد مؤتمر عالمي يجمع شخصيات بارزة من مختلف أتباع الرسالات الإلهية والثقافات المعتبرة، وقادة الفكر والرأي ومحبي العدل والسلام، لاستعراض نداء مكةالمكرمة الذي تضمن ما اتفق عليه المسلمون ووضع برنامج عملي لحوار عالمي هادف لبناء مستقبل إنساني تعززه المعتقدات الدينية والقيم والأخلاق والمشترك الإنساني، لمد جسور التعارف والتفاهم والتعايش بين الشعوب والأمم والطوائف المختلفة، ودعوة البشر إلى العودة لخالقهم واستلهام ما أنزله على رسله. وقال الأمين العام للرابطة: إن المؤتمر العالمي للحوار سيناقش أهمية الحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات ويبحث في تعاون المجتمعات على مختلف أديانها وثقافاتها فيما تجتمع عليه من قيم إنسانية مشتركة، مما يحقق العدل والأمن والسلام ويسهم في إشاعة العفة واجتناب القبائح والرذائل ويحافظ على تماسك الأسرة ويواجه آفات الإرهاب والظلم والمخدرات، وغير ذلك من المآسي البشرية.وأشار التركي إلى أن المؤتمر سيناقش الحوار من خلال أربعة محاور ويأتي المحور الأول تحت عنوان (الحوار وأصوله الدينية والحضارية) ويناقش موضوع الحوار لدى اتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الشرقية، والمحور الثاني جاء تحت بند (الحوار وأهميته في المجتمع الإنساني) ويتضمن مناقشة الحوار وتواصل الحضارات والثقافات وأثر الحوار في التعايش السلمي وفي العلاقات الدولية وفي مواجهة دعوات الصراع ونهاية التاريخ. والمحور الثالث (المشترك الإنساني في مجالات الحوار) ويبحث المشاركون فيه الواقع الأخلاقي في المجتمع الإنساني المعاصر وأهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدرات والفساد وعلاقة الدين والأسرة في استقرار المجتمع ومسؤولية الإنسانية في حماية البيئة. أما المحور الرابع (تقويم الحوار وتطويره) فسيناقش المشاركون من خلاله مستقبل الحوار وجهود الدول والمنظمات العالمية في تعزيز الحوار ومواجهة معوقاته ومهمة الإعلام وأثره في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش بين الشعوب. وأوضح التركي أنه تم اختيار مملكة إسبانيا مكاناً لانعقاد المؤتمر لما تتمتع به من إرث تاريخي بين اتباع الرسالات الإلهية.. شهد تعايشاً وازدهاراً أسهم في تطور الحضارة الإنسانية. آمال.. وتطلعات: أمام مثل هذه المبادرات والمشاريع الإنسانية الكبيرة تخطر على أذهان المراقبين المحبين للسلام الكثير من الأحلام والطموحات والتطلعات والآمال المتعلقة بالرغبة في خروج عالمنا المعاصر من دائرة الحروب والاعتداءات والعداء والكراهية، والدخول في دائرة السلام وحسن الجوار والتآخي والتعاون في دروب البناء والتنمية البشرية.وبالخروج من ضيق العصبية الدينية والمذهبية والطائفية إلى سعة التسامح الديني والمذهبي والطائفي والتعددية والتعايش السلمي. وبالقضاء على المشاكل التي اصبحت تعصف بالكثير من شعوب الأرض كالفقر والبطالة والمخدرات والتطرف والإرهاب. وأخيراً بأن يكتب التوفيق والنجاح لهذا المؤتمر وما سوف يتلوه من مؤتمرات مماثلة تهدف إلى تحقيق السعادة والعدل والحياة الكريمة لكافة الأمم والشعوب. وما ذلك على الله بعزيز وليس تحقيق هذه الآمال والتطلعات مستحيلاً.. خاصة إذا تذكرنا أن فكرة عقد هذه الحوارات بين أتباع الأديان قد نبعت من عقل ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود هذا القائد الباني الذي يحب للناس ما يحب لنفسه ويحب للشعوب والحكومات والأوطان ما يحب لشعبه وحكومته ووطنه. مستشار بمجلس الشورى