اختتم امس المؤتمر العالمي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مدينة تايبيه عاصمة تايوان بعنوان " الحوار في المشترك الإنساني " بالتعاون مع الجمعية الإسلامية الصينية في تايوان. وقد ألقيت في الجلسة الختامية عدة كلمات عبروا فيها عن شكرهم وتقديرهم لرابطة العالم الإسلامي على إقامة هذا المؤتمر العالمي وعلى ما تقوم به من جهود وأعمال في مجال خدمة الإسلام والمسلمين في مختلف المعمورة منوهين بالنتائج الايجابية والتوصيات المهمة التي خرج بها المؤتمر والتي سيكون لها الأثر الكبير في تحقيق التعايش بين جميع أتباع الديانات والحضارات. عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي كلمة أكد فيها أن الرابطة تولي موضوع الحوار اهتماماً كبيراً حيث عقدت عدة مؤتمرات في مختلف دول العالم ً للحوار مع اتباع العقائد والثقافات انطلاقاً من مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في الحوار وخدمة لها. وعبر معالي الأمين العام للرابطة عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني على دعمهم لرابطة العالم الإسلامي ومساندتهم للمناشط والمؤتمرات التي تنفذها في أنحاء العالم. بعد ذلك تلا البيان الختامي للمؤتمر والذي أشاد فيه المشاركون بالإعلان عن إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للحوار، معلنين تأييدهم للأهداف النبيلة التي يسعى إليها، داعين الجهات المعنية بالحوار حول العالم إلى التنسيق معه ودعم برامجه ومناشطه. وعبر المشاركون في المؤتمر عن شكرهم لرابطة العالم الإسلامي على جهودها في إشاعة قيم الوسطية والتعايش، وعلى جهدها في تنظيم المؤتمرات الحوارية في مكة ومدريد وجنيف، ودعوها إلى إقامة المزيد من المناشط التي ترسخ السلم العالمي، مشيدين بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للحوار، ومناشدته - حفظه الله - متابعة مسيرة الحوار، ورفدها بالمزيد من البرامج التي تبلغ بها الأهداف النبيلة التي يرقبها عقلاء العالم وحكماؤه. وأكدوا أهمية الانتقال بالحوار الحضاري من مرحلة التعارف والتعريف إلى مرحلة التضامن والتعاون، مطالبين بتعميق البحوث والدراسات في الموضوعات الإنسانية المشتركة التي تحقق آمال الإنسان وتخفف آلامه وهمومه. وأوصى البيان بضرورة تعزيز القيم التي تحترم الإنسان، وتصون حقوقه، والسعي المشترك في تحقيقها، والتعاون على منع الظلم والعدوان، والتنديد بهما، سعياً للتخفيف من النزاعات والحروب التي تثقل كاهل بعض المجتمعات البشرية وتستنزف طاقاتها ورفض ثقافة الهيمنة الحضارية التي تعتدي على خصوصية الآخرين، وتنال من هويتهم الثقافية، مع التأكيد على أهمية الانفتاح على الآخرين والإفادة من إنجازاتهم الحضارية. ودعا الهيئات الدينية لتكثيف الجهود في تعزيز الأخلاق والقيم التي تلتقي عليها الأمم وتدعو إليها الرسالات الإلهية والحضارات الإنسانية، والتصدي لدعوات التحلل والإباحية والشذوذ، وتفنيد دعاواها المتسترة بالحرية الزائفة، وصياغة مشاريع عمل مشتركة تستنقذ من غوائلها المجتمعات الإنسانية. كما دعا المؤسسات العلمية والنخب الثقافية المحبة للسلام إلى استلهام الدروس من الماضي في صناعة مستقبل واعد بترسيخ مبادئ الحوار والتعايش السلمي بين أتباع الأديان والحضارات، واستثمار النجاحات التي حققتها الحوارات السابقة في صياغة برامج تطور آليات الحوار وتتجاوز معوقاته. وندد البيان بالاعتداءات التي تعرضت لها بعض دور العبادة في بعض المجتمعات، والتأكيد على براءة الأديان من الأعمال المشينة التي تهدف إلى تقويض السلم الاجتماعي. ودعا الهيئات والدول المحبة للسلام إلى بذل الجهد في إيقاف الممارسات الهادفة إلى تهويد القدس والحفريات الإسرائيلية التي تتهدد المسجد الأقصى وتسيء إلى حرمته ومكانته عند المسلمين. وحذر البيان من الدعوات التي تهدف إلى تفكيك الأسرة باعتبارها القوام الأهم للمجتمع المتماسك وإقرار العلاقات الشاذة التي تحرمها جميع الرسالات الإلهية والثقافات المعتبرة. وحث مؤسسات الإعلام العالمية إلى التحلي بروح المسؤولية والموضوعية، والبعد عن الإثارة والتهويل. وشدد على أهمية العمل الدؤوب على نشر ثقافة الحوار وترسيخ مبادئ التعايش بإنتاج المواد الإعلامية والأفلام الوثائقية. وأوصى بإنشاء قناة فضائية باللغات الحية لتعزيز ثقافة الحوار والتعايش وتعريف العالم بالمشتركات الإنسانية التي تستلزم تضامنهم، وتجسيد علاقاتهم ، بما يفوت الفرصة على دعاة الصراع الحضاري وتشجيع المثقفين على الإسهام في تقوية العلاقات الحضارية بين شعوب العالم، وإصدار دوريات متخصصة، وإقامة مراكز ترجمة وتأليف ومسابقات بحثية عالمية تحفز على تعزيز العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل، وتسهم في التعريف بإيجابيات التعاون المشترك. ودعا البيان حكومات العالم ومؤسساته الدولية إلى التضامن في مواجهة التحديات، والتكاتف والتعاون في مواجهة الكوارث ومكافحة موجات الفيضانات والتصحر، وعلاج آثارها السلبية وإيقاف سباق التسلح، والتخلص من الترسانات النووية والجرثومية التي تمثل خطراً بالغاً على البشرية، وأن يكون ذلك ضمن معايير موحدة، دون محاباة وتمييز وتنسيق الجهود في التصدي للتحديات التي تهدد مستقبل البشرية، وتقديم العون للدول الفقيرة، بما يعين شعوبها على التخلص من الأمراض والأوبئة وإصدار القوانين والمواثيق الدولية التي تجرِّم العدوان على البيئة واستنزاف المياه ومصادر الطاقة، وتحفظ للأجيال القادمة حقها في العيش في أرض خالية من التلوث البيئي الذي يسببه عبث الإنسان. ودعا المشاركون في المؤتمر الدول والمؤسسات الإسلامية إلى بيان حقيقة الإسلام وتوضيح مبادئه وما يملكه من إثراء للحضارة الإنسانية ؛ بما يفند ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي يسببها الجهل بالإسلام وحضارته. كما دعوا رابطة العالم الإسلامي إلى عقد المزيد من المؤتمرات والندوات التي تظهر رسالة الإسلام في الدعوة للحوار مع اتباع الأديان والحضارات والتعايش معهم في مجتمع تسوده قيم الرحمة والعدل والخير. ودعا المؤتمر دول العالم ومنظمة الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية إلى تأييد النتائج التي توصل إليها المؤتمر، والسعي في تحقيقها؛ بما يسعد البشرية ويجنبها الظلال الكئيبة التي ترسمها الحروب والنزاعات العالمية. وأثنى المؤتمر على تجربة التعايش في تايوان مشيدا بما يتمتع به المسلمون من حرية في مناشطهم الدينية، وأعربوا عن شكرهم للجمعية الإسلامية الصينية في تايوان والجهات التايوانية المتعاونة معها على الجهود التي بذلت في عقد هذا المؤتمر.