يسيطر الغموض على مستقبل وحاضر ليبيا، وسط مكاسرة إرادات بين الزعيم الليبي معمر القذافي وشعبه، إذ يرفض كلا الطرفين الاستسلام للآخر. وفي تداعيات الأزمة الليبية أكد القذافي أمس أن الشعب الليبي «يحبه»، مهددا في الوقت نفسه بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين الذين يسعون إلى إسقاط نظامه. وقال في كلمة أمام حشد من أنصاره في الساحة الخضراء في العاصمة طرابلس، «الشعب يحب معمر القذافي ويراه رمز العز والكرامة والتاريخ والتراث»، مضيفا «إذا لم يكن الشعب الليبي يحبني فلا أستحق الحياة يوما واحدا». من جهة أخرى، هدد القذافي بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين، وقال «إننا وعند اللزوم سنفتح المخازن لنسلح كل القبائل الليبية وتصبح ليبيا نارا حمراء». وقال «سنقاتلهم وسننتصر»، مضيفا «سنهزم أية محاولة خارجية كما هزمنا المحاولات السابقة». كما طلب القذافي من أنصاره «الرد على العملاء وعلى الشاذين وعلى وكالات وإذاعات الكذب» على حد قوله. وتوجه القذافي إلى مناصريه من منطقة تطل على الساحة الخضراء وظهر مرتديا قبعة شتوية. ورفع قبضتيه في الهواء عدة مرات قبل بدء حديثه لتحيتهم. وفي هذا الإطار، قررت البعثة الليبية لدى الأممالمتحدة في جنيف الانضمام إلى الشعب الليبي والتوقف عن دعم نظام معمر القذافي، حسبما أعلن أمس مسؤول في السفارة أمام مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان. وقال السكرتير الثاني في السفارة «اتخذنا قرارا قاطعا في البعثة الليبية بأن نمثل الشعب الليبي بأكمله». وأكد لأعضاء المجلس الذين يعقدون جلسة استثنائية مخصصة للوضع في ليبيا «سنكون مندوبي الشعب أمام هذه الهيئة الموقرة». وقد استقبل هذا الإعلان بعاصفة من التصفيق. وبقي مقعد ليبيا شاغرا طوال الفترة الصباحية. وقبل الإعلان، أقنع الدبلوماسي الليبي أعضاء المجلس بالوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح «الشهداء» في بلاده الذين قتلوا خلال قمع الثورة الشعبية. إلى ذلك، أفاد مساعد رئيس البعثة الليبية في الأممالمتحدة في مؤتمر صحافي أن عدد القتلى في ليبيا يعد بالآلاف وليس بالمئات. وفي مجلس الأمن، طالب المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة عبدالرحمن شلقم أمس مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار سريع لإنقاذ ليبيا وشعبها، مستغرباً تهديدات زعيم بلاده معمر القذافي لشعبه. وقال شلقم، في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس الأمن «نطلب قراراً سريعاً في مجلس الأمن لإنقاذ ليبيا وشعبها». واستنكر ما اسماه تهديد الزعيم الليبي بقتل أفراد شعبه، مضيفا «أنا أستغرب كل هذا من القذافي». واستبعد شلقم أن يقدم القذافي على توزيع السلاح لأنه «سيستخدم ضده». هذا وتتجه الولاياتالمتحدة إلى فرض عقوبات أحادية ومتعددة الأطراف على النظام الليبي بهدف وقف قمع المتظاهرين، كما أعلن البيت الأبيض. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أمس إن الولاياتالمتحدة علقت عمليات السفارة في ليبيا وستمضي قدما في عقوبات أحادية ضد حكومة العقيد معمر القذافي. وقال كارني في مؤتمر صحافي إن واشنطن ستنهي أيضا تعاونها العسكري المحدود مع ليبيا وأن الولاياتالمتحدة تؤيد تعليق عضوية ليبيا في الأممالمتحدة. ورد البيت الأبيض على سؤال بشأن ما إذا كانت أمريكا ستقوم بعمل عسكري ضد ليبيا أنه لا يستبعد أي خيار.