أدى ارتفاع الأسعار الذي شهدته قطع غيار السيارات أخيرا، إلى انتعاش سوق القطع المقلدة أو التجارية الأقل تكلفة، إذ بات الكثير من المستهلكين يهتمون بالجانب السعري على حساب الجودة، ما دفع الكثير إلى شراء قطع غيار تقليدية لسياراتهم هروبا من غلاء أسعار الأصلية. وخلال جولة على محال قطع غيار السيارات والورش الصناعية في جدة، أكد صالح محمد صاحب سيارة متعطلة في إحدى ورش الميكانيكا والكهرباء في بني مالك، وجود قطع وسوق رائجة مقلدة، ويقول: السوق مليئة بالمقلدة، باختلاف أشكالها وأنواعها، وليس هناك ما يدعو للاستغراب بوجودها، لأن هناك من يروج ويتاجر بها، وفي المقابل هناك زبائن يطلبونها. وأضاف لا أبحث لسيارتي إلا عن القطع الأصلية، خصوصا إذا كان العطل يتعلق بمحرك السيارة، حتى أن بعض الباعة في محال بيع قطع السيارات، يؤكد أن القطعة أصلية، ولكن تتفاجأ بأنها تجارية أو مقلدة ما يجعلك تفقد الثقة فيها!. وأشار صالح إلى أنه سعى في وقت سابق إلى شراء قطع غيار لسيارته بعد سماعه لصوت غريب صادر منها، ما دعاه إلى زيارة مكانيكي سيارات لمعرفة مصدر الصوت والخلل، وتم الوصول إلى الخلل، حيث طلب المكانيكي جلب قطعة من محال قطع الغيار، طبعا في داخلي أريد قطعة أصلية مع تأكيد البائع بأنها أصلية، إذ توحي العلبة أنها أصلية، غير أنني تفاجأت بعد تفحصها من الميكانيكي أنها مقلدة. دورات بمخاطر المقلدة ويوافقه الرأي محمد العمري الذي ذكر أن القطع المقلدة أصبحت تتوفر بشكل مخيف، وتشكل هاجسا لدى الكثيرين الذي لا يستطيعون التفريق بين الأصلي والمقلد، بعد أن تفنن أصحابها في تضليل الناس بالمقلدة، وأشار العمري إلى أن القطع المقلدة تشكل خطرا على مستخدميها، وأنه لا بد من تحرك سريع لمعالجة الفوضى في محال بيع قطع الغيار ويجب منع بيع المقلدة والمغشوشة، ووضع آلية معينة في الربحية على حساب حياة الإنسان وزهق روحه بقطعة مقلدة لم تكن لديه الثقافة الكافية في تجنب تلك القطع، مؤكدا أن الأرباح التي تحققها بيع القطع المقلدة تغري الكثيرين من ضعاف النفوس بالغش، خصوصا في ظل عدم وجود نظام رقابي يلزم بتحمل التبعات كاملة. لذا أقترح على المسؤولين في حماية المستهلك إعطاء دورات تثقيفية بمخاطر قطع السيارات المقلدة أو المغشوشة، وكيفية التفريق بينها وبين الأصلية، والتعامل أيضا في حال اكتشاف المغشوش منها، كمافي بعض الدول التي تحرص على الترشيد وكسب الزبون قبل الربح بأية طريقة. ضرورة الرقابة أما سلطان الزهراني، فهو الآخر يؤكد على ضرورة وجود رقابة على محال قطع الغيار وفرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين، الذي يضللون الزبائن في التسويق لبعض القطع التجارية والمقلدة، ومقارنتها بالسعر مع القطع الأصلية، وقال الزهراني: البائعون يجعلونك تحتار حين يؤكدون جودة بعض القطع بالأصلية، وأنه ليس فيها اختلاف سوى أنها مصنعة في الدولة الفلانية، الهند أو الصين أو تايلند أو أمريكا أو بعض الدول الأوروبية وغيرها. وأضاف الزهراني .. أن انتشار السلع المقلدة أو المغشوشة في الأسواق المحلية، هو أيضا بسبب ارتفاع أسعار القطع الأصلية التي تفرضها وكالات السيارات، ما يساعد على وجود المقلدة بشكل لافت ومخيف، والأمر يتطلب عاجلا تفعيل مراقبة الأسعار من قبل وزارة التجارة وحماية المستهلك من التلاعب في الأسعار وفي حياة الناس، والحد من خطورة انتشار القطع المقلدة. لا يوجد نظام ومن جانبها يؤكدا أحمد الكربي، ومحمد العمودي مسؤولا بيع في محل قطع غيار السيارات في جدة، أن السوق مليئة بالقطع المقلدة، وليس هناك ما يمنع بيع التجاري، مشيرين إلى أن التجاري يباع على أنه تجاري ويتم إخبار الزبون بذلك ويعطى عليه فاتورة بذلك، ففي حالة وجود عيب أو عدم رغبته في تركيبها يتم استرجاعها بكل مرونة، بشرط ألا تكون قد فتحت أو تم العبث بها. 10 % أما سالم باوزير مندوب لوازم قطع السيارات، فيرى أن ما تشهده سوق قطع الغيار من ارتفاعات في الأسعار، إذ رفعت إحدى شركات السيارات الكبرى أسعارها إلى 10 في المائة، الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار قطع الغيار، ودفع بعض التجار إلى استغلال تلك الارتفاعات في الأسعار، وبالتالي انتشار القطع المقلدة أو التجارية، وهذه مشكلة حقيقية تجعل المستهلكين التوجه إليها، وطلبها بدون معرفة الأضرار الجسيمة على المستخدمين لها. وذكر باوزير أن أسعار القطع الأصلية تختلف عن المقلدة بفارق كبير، حيث أن بعض القطع الأصلية تصل إلى 350 ريالا، والمقلدة لا يتعدى سعرها ال60 ريالا، أضف إلى ذلك أن بعض القطع المقلدة لا تختلف كثيرا عن الأصلية، إذ يجد الزبون أنها تتشابه مع الأصلية حتى في العلبة. وطالب باوزير التجارة والجمارك متابعة القطع المقلدة وإيقافها قبل دخولها إلى السوق. ويشير مبارك الحريصي «تاجر قطع غيار سيارات» إلى أنهم لا يخشون الزبائن بقطع رديئة أو مغشوشة، ويحاولون كسب ثقة الزبائن، رغم وجود القطع المقلدة وسيطرتها على السوق، ويقول الحريصي: الأصلي يعطى لمن يطلبه، ولها سعر مختلف عن القطع المقلدة أو التجارية التي لها من يطلبها من الزبائن. وأضاف أصبح للزبون الثقافة في التفريق ومعرفة الأصلية من المقلدة، أضف إلى ذلك أن هذه لظاهرة لم تعد متفشية كما كانت في السابق، وهذا يعود للجولات من وزارة التجارة التي تكثف الحملات على محال بيع قطع الغيار، وتقارن بين الأصلي والمقلد. تضرروا من المقلدة ويقول مهندس الميكانيكا، جمال سليماني: الأسواق مليئة بقطع الغيار المقلدة، وللأسف أيضا أن المستهلك لا يستطيع أن يفرق مابينها، ولن يستطيع التفريق إلا بوجود خبير، والمشتري يجد نفسه في دوامة لاسيما بعد ارتفاع أسعار الأصلية وتشابهها مع المقلدة، وبالتالي يكون مجبرا على شراء المقلدة بحكم ظروفه المادية، ويأتي هنا السعر ثم الجودة، ومع الأسف أن تلك القطع يكتب عليها أنها أصلية، وأكد السليماني أن الكثير من الناس قد تضرروا من القطع المقلدة، مشيرا إلى أن بعض أصحاب الورش يتعاملون مع بعض أصحاب محال بيع القطع، بحيث يأخذون القطع من عندهم مقابل عمولة أو تخفيض، وهذا موجود ولا أحد ينكره، إذ أن العملية مشتركة بأي طريقة كانت. العقوبة الرادعة ومن جانبه يشير خبير استشاري مكافحة الغش التجاري، ومدير خدمة العلامة التجارية، وعضو جمعية حماية المستهلك، حسين فهد العيدي، إلى أن نسبة الغش التجاري في حياة الإنسان تمثل 55 في المائة من احتياجاته تكون مقلدة ومغشوشة، طبعا هذه النسبة قبل خمسة أعوام، ويمكن في الوقت الحالي تصل إلى 60 في المائة. وقال العيدي: إن من وسائل الغش في قطع الغيار أن يضع الذين يتعاملون في هذا النوع من الغش تغييرا في علبة المنتج عالميا لقطع الغيار، ليبينوا أنها الأصلية وتباع بسعر رخيص، مبينا أن الغش في قطع غيار السيارات يعتبر أكثر الأنواع شيوعا في العالم، ويؤدي هذا إلى كوارث تتعدى الأضرار المادية، إذ تتسبب في الحوادث المرورية والوفاة، وهي أضرار لا يمكن تعويضها، أو القبول ببديل لها، لذلك يتم تصنيف بعض قطع الغيار المقلدة على أنها تبقى قنبلة موقوتة في السيارة إلى أن تتوقف، وبسبب انتشارها، لا تكاد تخلو ذاكرة إنسان من ضرر تعرض له بسببها، مضيفا أن الهدف الرئيس في وجود مثل هذه القطع هو بهدف الربح بدون النظر إلى مخاطرها.. ولذا فإنه يجب التأكد من صحة المنتج، وأنها أصلية من قبل متخصصين. وطالب العيدي بتطبيق العقوبات الرادعة بحق المتورطين وتكثيف الجولات الرقابية لمحاصرة المقلدين والسلع المغشوشة بشكل كبير في الأسواق المحلية، مشيرا إلى أن العقوبات الحالية غير كافية وليست رادعة وتحتاج إلى تحديث. نمو مبيعات المقلدة أما أستاذ الاقتصاد، الدكتور سالم باعجاجة، فيحذر من نمو مبيعات القطع المقلدة في الأسواق المحلية، حيث أن نسبة قطع غيار السيارات المقلدة في السوق المحلية بلغت ما بين 80 و 90 في المائة، مشيرا إلى التصنيع التجاري موجود حتى في أمريكا واليابان، ولكن يباع وفق شروط معلومة، وأن تحتفظ السلعة بنسبة معينة من الجودة بحيث لا تشكل خطرا على مستخدمها، ولكن الحاصل لدينا أن بعض القطع المقلدة تتلف سريعا، بسبب جودتها الضعيفة، وفي بعض الأحيان تشكل خطرا على المستخدم مثل الإطارات أو (الفرامل) المكابح. وأرجع الدكتور باعجاجة السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات الجديدة والمستعملة وتحديدا المصنعة في أوروبا، حيث وصل ارتفاع الأسعار إلى ما يقارب 35 في المائة في بعض القطع، ما يجعل المستهلكون اللجوء إلى القطع المقلدة أو التجارية، إضافة إلى ضعف الرقابة على تجارة قطع الغيار، فضلا عن انتشار المصانع المحلية التي تقلد قطع غيار أو الالتزام بالمواصفات والمقاييس المطلوبة. ويرى نائب رئيس النقل العام في غرفة جدة، سعيد بن علي البسامي أن الغش التجاري في قطع السيارات، يرتكز حاليا في القطع المقلدة أو التجارية والتي تتوفر بشكل كبير في الأسواق، بحيث يكون عليها نفس الختم للمصنع الأصلي، وكذلك علبة القطعة أو المنتج، وأضاف البسامي أن المستهلكين تجدهم يهتمون بسعر القطعة، ويبحثون عن الأرخص دون النظر إلى جودتها، مشيرا إلى أنه يصعب الكشف عن القطع المقلدة لأنها لا تختلف عن الأصلية، وهنا يجب على محال قطع الغيار توضيح ذلك للمستهلكين، حتى لا يقعون ضحية، موضحا أن استعمال هذه القطع يكون خطرا على حياة قائدي المركبات، لأنها تتسبب في الحوادث والوفيات إضافة إلى الخسائر. 8703 حوادث مرورية بدوره، كشف مدير مرور جدة العميد محمد حسن القحطاني عن أن عدد الحوادث المرورية، الناتجة عن القطع المقلدة وغير المهيأة لمواصفات السلامة في جدة، بلغت 8703 حوادث مرورية خلال العام الماضي، وهي بسبب حالة المركبات، والتي تركزت في 2707 حوادث بسبب الأنوار غير الصالحة، و3528 بسبب الفرامل. أما الإطارات، فقد بلغت الحوادث بسببها 19 حادثا، وسجل 2449 حادثا لعيوب في أجهزة القيادة، حيث كشفت التقارير عدم صلاحيتها، مشيرا إلى أن حوادث المرور تسببت في مقتل 421 شخصا، من إجمالي 97224 حادثا مروريا، أصيب فيه 2458 شخصا. وطالب العميد القحطاني المستهلكين بفحص مركباتهم والتأكد من حالتها، إضافة إلى التعامل مع الوكلاء المعتمدين لأنهم يخضعون للأنظمة والقوانين المطلوبة، إضافة إلى عدم الاعتماد على العاملين بالورش في شراء قطع الغيار.