أشار متعاملين في السوق إلى أن نسبة قطع غيار السيارات المقلدة في السوق المحلية السعودية،تتراوح ما بين 80 و 90 في المائة ،مرجعين السبب إلى ضعف الرقابة وسيطرة عمالة أجنبية على تجارة قطع الغيار في المملكة، فضلاً عن انتشار المصانع المحلية التي تقوم بتقليد قطع غيار من دون تصريح من شركات السيارات، أو الالتزام بالمواصفات والمقاييس المطلوبة في هذه القطع. ويعتبر الغش في قطع غيار السيارات أكثر الأنواع شيوعاً في العالم، وتكافحه الدول، إضافة إلى شركات السيارات التي يكلفها ذلك بلايين الدولارات سنوياً، ويؤدي هذا النوع من الغش إلى كوارث تتعدى الأضرار المادية، إذ تتسبب في الحوادث والوفاة، وهي أضرار لا يمكن تعويضها، أو القبول ببديل لها، لذلك يتم تصنيف بعض قطع الغيار المقلدة على أنها من أخطر المواد التي تتعرض للتقليد، إذ ليس هناك حد للأضرار التي تنجم عن السلع المقلدة، بل تبقى قنبلة موقوتة في السيارة إلى أن تتوقف، وبسبب انتشارها، لا تكاد تخلو ذاكرة إنسان من ضرر تعرّض له بسببها. وأوضح الطيب النور (تاجر قطع غيار) أن ارتفاع أسعار قطع الغيار الأصلية يدفع بآلاف الأشخاص إلى القطع المقلدة، خصوصاً أن السعودية يعيش فيها أكثر من 8 ملايين عامل أجنبي ويهمهم التوفير، لذلك تروج عملية بيع قطع الغيار المقلدة. مضيفاً أن قطع الغيار شهدت في 2009 ارتفاعاً بنسبة 20 في المئة، وفي 2010 ارتفعت بنسبة 10 في المئة، وهذا الارتفاع في القطع الأصلية فقط. وأشار إلى أن كثيراً من المستوردين يعمدون إلى استيراد قطع غيار تجارية (مقلدة)، وتدخل المملكة على أنها «تجارية»، ثم تعمل أيادٍ في الخفاء على تزويرها ووضعها في علب شبيهة بالأصلية وتباع على أنها أصلية، مؤكداً أن الكثير من القطع أصبحت من الإتقان في الشكل بحيث لا تفرّق بينها وبين الأصلي، ولكن في جودة التصنيع لا تمكن المقارنة بينهما وتباع في الأسواق على أنها أصلية ولا يستطيع الشخص العادي أن يفرّق بينهما، خصوصاً أن الكثير من المشترين قد لا يكون رأى هذه القطعة من قبل في حياته. وأضاف أن غالبية السلع المقلدة تأتي من الصين والهند ومن مصانع سعودية وخليجية، وتقوم عمالة أجنبية بتسويقها بأرباح تصل في بعض السلع إلى 200 في المئة، وفي سلع أخرى وهي قليلة إلى 1000 في المئة، وهذا النوع الذي يباع على أنه أصلي من شركات السيارات وبقيمة «الوكالة» أو أقل منها بريالات بسيطة ليعطي انطباعاً للمشتري بأنها أصلية، وقال: «مثال الفرامل لسيارة أميركية من نوع كابريس قيمتها في الوكالة 380 ريالاً، ولدى الموزعين المعتمدين 290 ريالاً، وتجد شبيهة لها – لا يمكن التفريق بينهما بسهولة – تباع ب 270 و 240 و210 ريالات، بينما الذي يباع على أنه مقلد ب 30 و45 و 70 و120 و150 ريالاً، بحسب درجة التقليد». مؤكداً أن بعض أنواع الفرامل «لا يكلف أكثر من 10 إلى 15 ريالاً في الهند والصين». وأوضح أن نحو 80 إلى 90 في المئة من المحال أصبحت تبيع المقلدة التي يطلق عليها «مغلفة» (أي مضروبة)، لأرباحها العالية والإقبال عليها، مضيفاً أن الجولات الرقابية والتفتيشية معدومة في السوق، وقال: «آخر جولة يتذكرها لموظفين في وزارة التجارة كانت قبل نحو 4 سنوات، وكشفت عن الكثير من قطع الغيار المقلّدة التي تباع على أنها أصلية»، مشيراً إلى أن ما يتم اكتشافه «يكون من خلال جولات على المخازن والمستودعات، وهي قليلة مقارنة بحجم التلاعب في السوق». من جانبه، أوضح علي الزهراني (تاجر قطع غيار) أن القانون لا يمنع بيع التجاري، ولكن بشرط أن يباع على أنه تجاري وليس أصلياً ويخبر الزبون بذلك، مشيراً إلى أن العمالة الأجنبية مسيطرة على السوق ولا يمكن الوثوق بما تقول، خصوصاً أن البائعين الجائلين يقومون بعرض قطع غيار مقلدة على أنها مقلدة بإتقان بسعر التجاري، ويغرون البائعين ببيعها على أنها أصلية وبأرباح كبيرة للفارق بين الشراء والبيع. وأضاف أن «التصنيع التجاري موجود حتى في أميركا واليابان، ولكن يباع وفق شروط معلومة، وأن تحتفظ السلعة بنسبة معينة من الجودة بحيث لا تشكّل خطراً على مستخدمها، ولكن الحاصل لدينا أن بعض القطع المقلدة لا توجد فيها أية نسبة من الجودة، وتتلف بسرعة كبيرة، وفي بعض الأحيان تشكل خطراً على المستخدم مثل الإطارات أو الفرامل». وأشار محمد الدوسري (تاجر قطع غيار) إلى أن مكافحة الغش في سوق قطع الغيار أصبحت من المستحيل في ظل وجود تصنيع محلي كبير، ورقابة ضعيفة من وزارة التجارة، مضيفاً: «الطموح الآن أن يتم التفريق بين المنتج الأصلي والمقلد، وأن يتم إلزام المحال التجارية بالبيع وفق هذا الأمر». وأوضح أن الأرباح الكبيرة التي تحققها عمليات بيع المقلد تغري الكثيرين من ضعاف النفوس بالغش، خصوصاً في ظل عدم وجود نظام رقابي يلزم من يقوم به بتحمل تبعاته كاملة. يذكر أن أرقام «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية» الصادرة قبل أربع سنوات، أوضحت أن عدد المصانع التي تعمل في مجال صناعة السيارات والصناعات المغذية والمساعدة لها في دول المجلس يبلغ أكثر من 300 مصنع، باستثمارات تقدر بنحو 1.1 بليون دولار ويعمل بها نحو 26 ألف عامل. وتقدر قيمة واردات دول التعاون من السيارات بحوالى 8.5 بليون دولار سنوياً، إضافة إلى بليون دولار قيمة واردات قطع الغيار، إذ تنمو سوق قطع الغيار في دول التعاون بمعدل 9 في المئة سنوياً. وتعتبر صناعة السيارات الموجودة حالياً في دول التعاون صناعة تجميعية لبعض مكونات الشاحنات كالهياكل، والمقطورات، والصهاريج، وقلابات نقل النفايات، والمركبات المبردة. وأوضحت المنظمة أن السعودية في مقدم دول التعاون في هذه الصناعة ب 183 مصنعاً واستثمارات تقدر بنحو 980 مليون دولار، تليها الكويت ب 16 مصنعاً، واستثمارات تبلغ 67 مليون دولار، ثم الإمارات باستثمارات تبلغ 56 مليون دولار، ب 78 مصنعاً، والبحرين بعدد 15 مصنعاً واستثمارات تبلغ 22 مليون دولار، وسلطنة عمان ب 8 مصانع واستثمارات 14 مليون دولار، و قطر ب 9 مصانع واستثمارات تبلغ 6 ملايين دولار