أرجعت أمانات المناطق والبلديات الأسباب الرئيسة وراء تأخر المنح طوال السنوات الماضية إلى توجه وزارة الشؤون البلدية والقروية التي أوقفت التخطيط خارج النطاق العمراني في المناطق والمحافظات، في الوقت الذي لم تعد هناك إمكانية لاستحداث مخططات جديدة داخل المناطق السكنية. لكن الوزارة أصدرت أخيرا تعميما وجهته إلى أماناتها وبلدياتها في مختلف المناطق والمحافظات، وشددت فيه على ضرورة تنفيذ وتطبيق قرار مجلس الوزراء الذي صدر أخيرا وتضمن ربط برامج المنح ببرامج الإسكان، وتعمل الوزارة من خلاله على تخصيص أراض للهيئة العامة للإسكان وفقا للأوامر السامية، وتتولى الهيئة بناء وحدات سكنية مناسبة توزع على المواطنين بحسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة. ووصف مراقبون هذا التوجه بأنه الطريقة المثلى لوضع الحلول لأزمة السكن التي يعيشها المواطن حاليا، خصوصا إذا ما عرفنا أن نسبة 60 في المائة من المواطنين لا يملكون سكنا خاصا بهم، وذهب آخرون إلى أن ربط منح الأراضي بالبناء مباشرة سيمنع تلاعب تجار العقار في حركة السوق والارتفاع الكبير في أسعار الأراضي. مليونا منحة سكنية كشفت ل «عكاظ» مصادر في وزارة الشؤون البلدية والقروية أن إجمالي المخزون من المنح السكنية في العاصمة الرياض يكفي لضخ 2 مليون وحدة سكنية خلال الأعوام القليلة المقبلة، لكنها شددت على أن الحاجة ماسة لتعاضد جهات أخرى كشركات المياه والكهرباء وذلك لتوطين الخدمات للمنح السكنية المحيطة بالرياض، خصوصا في مناطق عريض، المهدية، نمار، رماح، وطريق الدمام. وذكرت المصادر أن آلية منح الأراضي تتطلب شروطا يجب توفرها عند تقديم طلب المنحه أو تطبيقها في إحدى الأراضي البيضاء السكنية، وهي الالتزام بالأوامر الصادرة بالمنح للأشخاص وتوافر الأراضي المتاحة. وأكد رئيس لجنة الإسكان والمياه والخدمات والمرافق في مجلس الشورى المهندس محمد القويحص، أن هذا التوجه سيشكل فرصة لتوفير الحلول الناجعة في معالجة مشكلة الإسكان في المملكة وتوفر الأراضي للمواطنين لبناء مساكنهم الخاصة. وأوضح أن آلية منح الأراضي يجب أن ترتبط بشرط البناء عليها من قبل المواطن الذي يمنح الأرض، وذلك لمنع الإتجار بالأراضي والتي عادة ما يكون المستفيد الأكبر منها تجار العقار، وشدد على أهمية أن يكون هناك شرط مهلة بناء تتراوح ما بين 5 10 أعوام، وفي حال لم يتمكن المواطن من بناء السكن يتم سحب الأرض منه وإعطائها لمواطن آخر. إلى ذلك، وجهت وزارة الشؤون البلدية والقروية تعميما إلى أمانات المناطق والبلديات لتنفيذ وتطبيق قرار مجلس الوزراء الذي يتضمن ربط برامج المنح ببرامج إسكان تضمن حصول المواطن على مسكن من خلال تخصيص أراض للهيئة العامة للإسكان وفقا للأوامر السامية، لتتولى الهيئة بناء وحدات سكنية مناسبة توزع على المواطنين، بحسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة. وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية قدمت 100 أرض طالبت بها الهيئة العامة للإسكان من أصل 118 قطعة أرض طلبتها الهيئة من الوزارة في وقت سابق، وستكون هذه الأراضي ضمن مخططات معتمدة توفر جميع الخدمات وفقا للائحة. وبحسب مراقبين، فإن تفعيل هذا القرار والشروع في تطبيقه هو إيذان بانتهاء آلية توزيع أراضي المنح السكنية لذوي الدخل المحدود، والدخول في مرحلة جديدة لتوزيع المنح من خلال الهيئة العامة للإسكان، والتي ستقوم بدورها بتوزيعها من خلال آلية جديدة تسهم في إزالة العديد من السلبيات التي كانت تطفو على السطح في الفترة الماضية، ولعل من أبرزها تأخر توزيع المنح واستغلالها من قبل المنتفعين. يذكر أن عدد المواطنين الذين يملكون منازل وفقا للدارسات يقدر ب 40 في المائة أي نحو ستة ملايين مواطن وبقية ال 60 في المائة من المواطنين مستأجرون أو ساكنون مع آبائهم ويقدر عددهم بنحو 7 ملايين ونصف مليون مواطن. منح خميس مشيط في خميس مشيط، احتشد عدد كبير من المواطنين والمواطنات خلال الأيام الماضية للتقديم على طلب منح الأراضي التي أعلنت عنها بلدية خميس مشيط، فيما انتشر باعة الملفات والأوراق وأصحاب آلات التصوير أمام مبنى البلدية للاستفادة من كثافة أعداد المتقدمين. وقال رئيس بلدية خميس مشيط الدكتور عبدالله الزهراني إنه ناقش عددا من الملفات حول آلية التوزيع بما يسهم في الإسراع في إنجاز الأهداف الاستراتيجية والحصول على المنح، وأكد إن الإجراءات المتبعه كفيلة بإنهاء جميع المعاملات للمتقدمين، وتم تشكيل لجنة لتدقيق بيانات المتقدمين، ووظفت البلدية الإنترنت لخدمة المستفيدين وذلك من خلال التقديم الآلي. وأوضح الزهراني أن هناك عددا كافيا من الأراضي ستمنح للمواطنين، وهي هدية الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأهالي محافظة خميس مشيط في أرض على مساحة 72 مليون متر مربع، إضافة إلى وجود أكثر من ستة مخططات في وادي بن هشبل جاهزة للتوزيع. قائمة الانتظار في حائل وفي حائل، توقفت عمليات توزيع الأراضي مع توقف عمليات التخطيط خارج المنطقة التي لا يتجاوز نطاقها العمراني الطريق الدائري، وهو ما أوجد قائمة انتظار لأكثر من 70 ألف مواطن، إلى أن إعيدت دراسة النطاق العمراني بعد أن أخذ حيزا من الجدل. وكشف ل «عكاظ» مصدر مطلع في أمانة حائل، أن توجيهات عليا صدرت ونصت على أن لا يتم طرح أراض للدولة أو للمواطنين إلا بعد أن توفر وزارة الشؤون البلدية الخدمات الأساسية فيها، لكن الوزارة رأت في ذلك صعوبة بالغة وألزمت مستثمري المخططات السكنية بتنفيذ هذه الخدمات. وقال المصدر إن أمانة حائل تجاوزت قرارات الوزارة بإيقاف أي تخطيط خارج النطاق العمراني في الفترة الماضية، وعملت وفق ما هو متاح لها، وبذل موظفو التخطيط العمراني في أمانة حائل جهودا كبيرة في هذا الجانب، وأصبحت الأراضي حاليا متاحة وفي جميع اتجاهات المدينة. وأضاف أن أبرز المشاكل التي تواجه الأمانة وتشكل لها صعوبة في تخطيط المخططات السكنية كانت ادعاءات مواطنين تملكهم لبعض الأراضي، ففي مخطط شرق المطار تعرض موظفو المكتب الهندسي للاعتداء وسلبت منهم أجهزتهم بعد أن أدعى البعض أنهم يمتلكون الأراضي، وحين طلبت الأمانة إثبات الملكية لم يتجاوب أحد، وفي مخطط 1616 الجديد خرج مواطنون يدعون ملكياتهم للأراضي الموجودة وأكدوا أنهم يملكون صكوك تملك. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل تعهد بإنهاء أزمة المنح في المنطقة خلال ثلاثة أشهر، وخاطب أهالي المنطقة بالقول: «حاسبوني بعد ثلاثة أشهر عن هذا الوعد فيما يتعلق بالمنح والمشاريع، سأكون صريحا مع الجميع»، ووجه أمير المنطقة لوما للأمانة التي قال إنها أعلنت أنها ستعمد إلى توزيع 14 ألف قطعة، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق. وأضاف أمير المنقطة: «تبرع نائب خادم الحرمين الشريفين بقطعة أرض مساحتها 90 مليون متر مربع، وستنتهي أزمة تأخر توزيع 40 ألف طلب على قوائم الانتظار قريبا»، وكشف عن تشكيل لجنة عليا للبت في أمر المنحة التي أقرها نائب خادم الحرمين الشريفين، تضم في عضويتها أمير منطقة حائل، وزير الشؤون البلدية والقروية، وزير الشؤون الاجتماعية، وأمين مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي، ومن المتوقع أن تجتمع اللجنة خلال الشهرين المقبلين لبدء أعمال توزيع القطع على المستحقين. ونبه إلى أن الأرض بمساحتها الكبيرة لا يمكن تخطيطها بشكل سريع ومستعجل، ويتطلب ذلك وقتا كونها داخل مدينة حائل ويمر بها خطوط وطرق وقطار، ولم يخف الأمير سعود بن عبدالمحسن في حديثه صعوبة توفير أراض للسكن، مؤكدا أن الوضع حساس وحرج، وينبغي وضع الحلول اللازمة والعملية. قرار الوزارة أكد أمين منطقة تبوك المهندس محمد بن عبدالهادي العمري، أن قرار وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعادة توزيع المنح للمواطنين في مختلف مناطق المملكة يأتي في إطار الحرص على رفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين والارتقاء بمعيشتهم. وأوضح أن هذا القرار سوف يقلص قوائم الانتظار في أقسام الأراضي ويتيح لشريحة كبيرة الحصول على منح يستفيدون منها في بناء وحدات سكنية، إضافة إلى تطور الحركة العمرانية، «ونتوقع أن يتم خلال المرحلة المقبلة توزيع أراض جديدة في تبوك، كما سنرفع إلى وزير الشؤون البلدية والقروية الشكر على توجيهاته الكريمة والمستمرة التي تصب في خدمة هذا الوطن وأبنائه». مخططات الباحة وفي منطقة الباحة، قال رئيس بلديه محافظة المندق المهندس إبراهيم بن مبارك الشهراني إن إدارته رفعت سبعة مخططات في المحافظة لاعتمادها من قبل الوزارة، وتبين أنها خارج النطاق العمراني لذلك لم تعتمدها الوزارة. وأشار إلى أن هناك ستة آلاف طلب من أهالي محافظة المندق ومراكزها على منح الأراضي، وحتى الآن ما يزالون في قائمة الانتظار، وتباشر البلدية حاليا برفع بعض المواقع داخل المخطط العمراني من أجل اعتمادها وربط المخططات الواقعه خارج النطاق العمراني في القرى التابعة لها حتى يتم اعتمادها بناء على اللائحة التنفيذية للمخططات العمرانية. وأوضح أن نسبة 9 في المائة من هذه المواقع في المحافظة فيها ميول في المخططات وهي لا تعتمد ولا يستفاد منها كمخططات، أيضا هناك نظام الشاقولي يصمم على سفوح الجبال وهي شديدة الانحدارات ولم يسبق أن تم تطبيق مثل ذلك النظام. وعن أبرز المشاكل التي تواجه البلدية، قال الشهراني إنها تكمن في صعوبة التضاريس في المحافظة، ووجود ميول في بعض المواقع لا يسمح لها أن تكون ضمن المخططات السكنية، إلى جانب وجود أملاك خاصة وبعض الأملاك الجماعية بموجب حجج استحكام. وحول الاشتراطات الجديده للمنح، أوضح أن إدارته لم تتلق أية اشتراطات جديدة، والتقديم على المنح من قبل المواطنين مستمر ومن يرغب التقدم على المنح فالباب مفتوح لاستقبال الطلبات. غير أن مواطنين في الباحة يؤكدون أن التقديم على المنح متوقف منذ أعوام طويلة، ويطالبون بالتعجيل بإجراءات المنح الجديدة أسوة بالمناطق الأخرى حتى تتم الاستفادة من الأراضي وإنشاء المباني السكنية عليها وتكون هناك نهضة عمرانية جديدة في المنطقة. توزيع الأراضي زاد الأسعار قال ل «عكاظ» أحد مسؤولي الأراضي في أمانة منطقة القصيم إن القرار الخاص بإعادة توزيع المنح على المواطنين سيعيد العمل الذي توقف قبل عامين، وكان يهدف إلى تحويل صلاحيات التوزيع إلى الهيئة العامة للإسكان. وأكد أن قرار الإيقاف أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي وكان مدخلا لتجار العقار في رفع الأسعار بشكل ملحوظ، مستغلين فترة التوقف وحاجة المجتمع والنمو الكبير في الطلب على السكن. وأضاف أن القرار الجديد الذي يتوقع تعميمه قريبا سوف يشترط الفائدة من قبل الممنوح، بحيث يعطى فرصة خمسة أعوام للبناء وإذا لم يستفد من ذلك تسحب الأرض منه وتنمح إلى شخص آخر يستفيد منها، وأشار إلى أن القرار سيخفف الضغط على الارتفاع الجنوني لأسعار العقار التي تسجل نموا عاليا تجاوز القياسات الخاصة بالمواقع والخدمات المتاحة. ولفت المصدر إلى أن هناك مدنا تعاني شحا كبيرا في الأراضي والمخططات التي يمكن الإعلان عنها وتوزيعها، وهناك قوائم تنتظر منذ سنوات من أجل الفوز بالمنحة وبناء السكن.