اعترف عميد المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جامعة أم القرى الدكتور خالد الشمراني بأن التعبير عن الرأي بات حاجة ملحة ووسيلة رئيسة في مشروع البناء والإصلاح لأي أمة في أي زمان ومكان، مبينا أنه لايكون إلا بإفصاح الإنسان عما يرجح عنده، مما يترتب عليه جلب مصلحة أو درء مفسدة. واستغرب الشمراني هذا الوله الكبير بالحديث عن الحريات، مشيرا إلى أنه قد تحول حديث العصر، ومعيارا لرقي أو تراجع أية أمة. ولاحظ الشمراني تجاوز الكثيرين الحدود في استخدام هذا المصطلح، مشددا على أن حرب الاصطلاح أشد فتكا في حرب السلاح. ودعا المحاضر إلى أن يتم وضع (الحديث عن الحريات) في مكانه الصحيح، من غير إفراط أو تفريط، وألا يفرض علينا هذا الاصطلاح في الخارج حتى لا يؤدي إلى تشكيك وبلبلة المسلم المعاصر، مما يجب معه أن نحاكم أي مصطلح قبل قبوله لنصوص الشريعة الإسلامية. واستدرك الشمراني بقوله «لكن ما يجب أن نعمل من أجله هو إحياء فقه التعبير عن الرأي وضوابطه مما يحدد مساراته ومجالاته ويجعل منه عاملا من عوامل الرقي والازدهار». جاء ذلك في محاضرة ألقاها في نادي مكة الثقافي الأدبي ضمن نشاطه المنبري في العام الجديد والتي حملت عنوان (التعبير عن الرأي وضوابطه بالشريعة الإسلامية). وحدد المحاضر ثلاثة من الضوابط الشرعية للتعبير عن الرأي أولاها يتعلق بماهية الرأي المعبر عنه، وثانيها يتعلق بوسيلة التعبير عن الرأي وأن تكون مشروعة، وثالثها أنه لا بد من مراعاة الحالات في مصلحة أو مفسدة عند التعبير عن الرأي، فليس كل ما يعلم يقال لا سيما في أوقات الفتن. وبين الدكتور خالد الشمراني أصول التعبير عن الرأي في الشريعة الإسلامية، وأولها أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف كل ما فيه مصالح الناس، والمنكر كل فاسد نهى الله تعالى عنه.. والأصل الثاني النصيحة ومجالاتها واسعة وهي في أبواب الخير.. أما الأصل الثالث فهو (الشورى)، التي دعا إليها القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، ولفت الشهراني إلى أن مجالات التعبير عن الرأي تكون في الإفتاء، وفي المجال السياسي وفي المصالح الدنيوية. ونبه الدكتور الشمراني إلى مزالق للتعبير عن الرأي ومنها: التعبير عن الرأي في مسألة لا يعرف عنها، وهذا مايقع في الكثير من الإعلاميين الذين يحترفون الإعلام كعمل وظيفي فيخوضون فيما لا يعرفونه، ويفتعلون المشاكل دون مراعاة أمانة القلم وأمانة اللسان، أما المزلق الآخر فهو عدم مراعاة العواقب والحالات، مضيفا «وهناك عدم مراعاة إذهان الناس ومقتضى الحال فليس كل ما يعلم يقال». وشهدت المحاضرة العديد من التعقيبات، اتسم بعضها بصيغة السؤال حيث تساءل الدكتور علي موسى الزهراني عن مشروعية الظاهرات والامتناع عن الطعام كوسيلة من وسائل التعبير عن الرأي، وتساءل الدكتور محمد مريسي الحارثي باستغراب: لماذا نتغنى بالحرية ولا نطبقها؟ وهل يمكن تأطير كل الآراء إسلاميا؟ وما موقف الآخر؟ وتساءل محمد حامد الغامدي عن طبيعة الحرية.. وهل هي حقيقة أم حلم إنساني أم قريحة شاعر أم خدعة ماكر؟!، وطالب الدكتور صالح الشمراني بالتركيز على خطاب غير أهل الإيمان، وبما يؤكد إيجابية الإسلام في التعبير عن الرأي، ووجد عبد الرحمن خياط أن وثيقة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة تمثل دستورا للتعبير عن الرأي في الشريعة الإسلامية.