س: لي زميل في العمل علاقتي به طيبة، ولكن يسوؤني أنه كثير المشاكل مع الزملاء حتى قال لي أحد الزملاء انصحه، فقلت له إني نصحته كثيرا ولم يسمع.. فكيف أنصحه أن يتعامل مع الزملاء دون أن يظن بهم ظنا سيئا؟ شريف جدة ج: أخي شريف، ربما هذا الزميل تصرفاته ناتجة عن أحداث معينة تعرض لها في حياته، أو طريقة معينة في التربية والتنشئة، تركت آثارا نفسية جعلته يتعامل بهذا الشكل مع المجتمع من حوله. مثل هذا الزميل غالبا ما يشعر بعدم التقدير وعدم الإنصاف والمظلومية، وتآمر الناس عليه، وهذا ما يجعله يتخذ موقفا عدائيا مع من يتعامل معه، في محاولة للدفاع عن ذاته. وعلاج هذا الزميل لا يأتي إلا على يد إنسان يحبه ويحتويه وينال ثقته، وعنده القدرة على تحمل تصرفاته وردود أفعاله والصبر عليها؛ حتى يحظى بنتيجة إيجابية. وقد قلت أخي إن علاقتك به طيبة، وقد لمست منك حرصا عليه، فلتستثمر هذه العلاقة الطيبة وترسخها وتزيدها قربا وحميمية؛ حتى تتأصل ثقته فيك وحبه لك، على أن تستحضر قبل هذا وأثناءه وبعده نية خالصة لله عز وجل في إصلاح أخيك المسلم؛ حتى تنال الأجر من الله سبحانه. أخي الكريم، لو حاولت إشراك زملائك معك في هذا الأمر من باب التعاون على البر والتقوى وإشعارهم بمسؤوليتهم تجاهه كأخ مسلم، وجب علينا النصح له، فالدين النصيحة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم والنصيحة للمسلم تعني: إرشاده لمصالحه في آخرته ودنياه، وكف الأذى عنه، وتعليمه ما يجهله من دينه، وإعانته عليه بالقول والفعل، وستر عوراته، ودفع المضار عنه، وجلب المنافع له، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر برفق، والشفقة عليه، وتخوله بالموعظة الحسنة، وتنشيط همته إلى الطاعات. على أن تكون هذه النصيحة بآدابها الشرعية، والتي منها: 1 الإخلاص لله، وجعل النصيحة خالصة لوجهه وحده، وليست لأي غرض دنيوي. 2 أن يكون الناصح نفسه يطبق ما يقول، وقدوة حسنة فيما ينصح به من فضائل، أو ينهى عنه من رذائل. 3 التأكد من صحة الأمر الذي ينصح به من الناحية الشرعية وغيرها، فلا يقدم معلومات مشوشة، فتلك أمانة. 4 تخير الوقت المناسب، أي لا تأتيه و هو غاضب أو متعب أو مشغول. 5 تحسس الجو النفسي المهيئ لسماع النصيحة. 6 انتقاء واستخدام الكلمات المناسبة لها أثر بالغ في النفس. 7 إظهار الحب وإبداء الود بإخلاص قبل الشروع في توجيه النصيحة. 8 يجب أن تكون النصيحة سرا بينك وبين المنصوح، وليست علانية. 9 عدم إشعار المنصوح بالتكبر والتعالي عليه، ولا تجعله يشعر في كلامك بنغمة التفوق والاستعلاء، أو اللوم أو السخرية، أو الاتهام. 10 أشعر المنصوح بتقبلك شخصيا للنصح إن هو أو غيره نصحك، وأنك غير منزه عن الخطأ. 11 أشعر المنصوح بتقديرك لظروفه، وأنك تلتمس له الأعذار. 12 احذر أن يتحول موقف النصيحة إلى ساحة جدال عقيم ومناقشة عدائية. وأوصيك أخي أن تصبر وتصبر زملاءك على إصلاح هذا الزميل وسلوكه، فلا تتقاعس، ولا يثبط عزمك إذا لم تجد تغييرا فوريا في سلوكه، فمثل هذه التغييرات عادة ما تحتاج إلى فترة زمنية تنقضي بين الاقتناع، ثم العزم، ثم التنفيذ. * مدرب ومستشار برامج إطلاق القدرات وتطوير الذات [email protected]